كيف اشرقت شمسك يا بيروت؟
أضع يدي على جبهتك الدامية صباحا استشعر بها دفئ الدم المنسكب، وأصل الى ما تخثر منه ليلا وأجهل ان كان دمك من العين ام من القلب يجري؟
أكان لك ولاهلك من النوم نصيب الليلة؟ انا نمت ياحبيبتي قهرا بعد انتصاف ليل الموت فيكي.. نام الجسد او مات بالبارحة ألما عليكي لا فرق...أعلمي ياحبيبتي انه وإن تسلل النوم كما فعل الموت بك بغتة، لكن الارواح شاخصة لم تنم. كيف انتي يا بيروت؟ اكان لعيون بحرك المكلوم من سواد الليل قسط من الهدوء؟ هيهات وموجه من عويل المكلومين يئن.
اعلم يقينا انك لم تنامي وجافى النوم اهلك، فكيف للمرء ان ينام ورائحة الموت تعبث بأنفاسه، تفتح دولابه، تسرق اطفاله، وتسطو على صناديق الفرح المؤجل، ومواعيد مع الحياة كثيرة لم تحصل بعد.كيف للموت أن يعصف مزمجرا بكل تفاصيل الحياة التي من المفترض ان تكون طبيعية بهذا الشكل الضخم المرعب، موت جارف مرعب لم يبق ولَم يذر.
هل كان لليل جلد على ان يسمع انين الجرحى وصرخات الثكلى وصدى الموت دون ان يسرع مهرولا جالبا فجرا نحن مثلك بانتظاره؟
لم تجيبي يا حبيبتي؟ انمتي بالامس؟ عفوا، لايهم يا بيروت، فأنت ان غفوتي أو مرت ثواني الموت ثقيلة على جفنك المكلوم ستصبحين على أثر الموت العابث بزوايا الفرح الغائب...
اسألك ايتها الجميلة الحزينة، هل كان للشمس قبل على ان تشرق على هذا الكم من الالم والدمار؟ وهل بحثت اولى اشعتها على ما تبقى من الفرح في اجساد الاطفال المرتعشة؟ وهل احتضن شعاع منها ما جف من دم مسكوب على شوارع وجدران الوطن المكلوم؟
بيروت، ايتها الراقصة على جراحها، المتعالية على الموت، المستعصية على الكسر، انت اليوم حزينة وللعالم من حزنك نصيب كبير. انهضي اليوم يابيروت، فأنتي من علمتينا كيف ينهض المرء ويشد على الجرح ويكابر الى ان يتقهقر الجرح موليا...
انهضي يا بيروت وقولي لنا انك لازلتي على قيد الحب وقيد الحياة الاستمرار...
انهضي فنحن كلنا لجرحك نتألم، ولحزنك ندمع ونحزن.
ميسا جيوسي