لآلاف السنين جلس البشر على الأرض بأشكال مختلفة، وعلى الرغم من توفر الكراسي والأرائك التي يمكن الجلوس عليها، إلا أن العديد من الثقافات لا تزال تفضل الجلوس على الأرض.
وقالت "سي إن إن" في تقرير لها ترجمته "عربي21": "يطلق الغرب على الجلوس على الأرض اسم "النمط الهندي"، بالإضافة إلى أنه يعرف أيضاً بـ"النمط التركي". أما في اليوغا فتعرف جلسة التربع باسم "السوخسانا" أو "اللوتس"، ويُزعم أنه تم تصميمها لتساعد على تمدد العضلات وتحسين وضعية الجسم وتحقيق صفاء الذهن. كما يدعي البعض أنه إذا جلست في هذه الوضعية أثناء تناول الطعام فإنه قد تساعدك على الهضم.
الوضعيات المختلفة للجلوس تساعد على تعزيز المرونة والحركة الطبيعية.
وبالنظر إلى عدد الساعات المتزايدة التي يقضيها الناس جالسين في منازلهم خلال فترة النهار، فهل يجب أن نختار الأرض عوضاً عن الكرسي لصحتنا؟
أظهرت الأدلة السريرية أن الطرق المختلفة للجلوس على الأرض تضع ضغوطات جسدية مختلفة على أجسامنا. ويؤثر الجلوس لفترات طويلة بنفس الوضعية على بنية أسفل الظهر، وهما المنطقة القطنية من العمود الفقري وخصائص الحركة للحوض، ويعتقد أن هذا قد يؤدي إلى مشاكل صحية على المدى الطويل مثل التهاب المفاصل.
ونظر الباحثون والأطباء في بيئة العمل التي تكون طابعها بشكل عام يعتمد على الجلوس على الكرسي ولفترات طويلة وقدموا مجموعة متنوعة من النصائح، أما بالنسبة للأدلة العلمية حول الجلوس على الأرض فهي قليلة جداً. وعلى الرغم من ذلك ينصح المتخصصون في مجال الصحة بشكل متزايد بأن الجلوس على الأرض يساعد في الحفاظ على الانحناء الطبيعي للعمود الفقري، وبالتالي يساعد الناس على الجلوس بشكل أكثر انتظاماً. ويُزعم أيضاً أن الجلوس على الأرض يساعد في تحسين القوة والليونة ويمكن أن يساعدك على تجنب آلام أسفل الظهر.
وقد تكون بعض هذه الادعاءات صحيحة، وذلك لأن الهيكل الفقري يظهر انحناء طبيعياً للعمود الفقري في أسفل الظهر الذي يسمى القعس القطني. وبالتالي فإنه عند الجلوس على الأرض يكون القعس القطني منخفضاً نسبياً وهو أقرب إلى وضعه الطبيعي أثناء الوقوف.
كما أن جلسة التربع يمكن أن تؤدي إلى انحناء طبيعي وصحيح في الجزئي العلوي والسفلي من الظهر، ما يؤدي إلى استقرار منطقة أسفل الظهر والحوض بشكل فعال.
وتزعم بعض الدراسات أن جلسة التربع على الكرسي تؤدي إلى وضع حمل أكبر على أقراص العمود الفقري والفقرات -خاصة إذا كانت وضعية الجلوس خاطئة- ويزيد من ضغط الأقراص والآلام أسفل الظهر المزمنة، وبالتالي فإن من المهم جداً اتباع وضعية الجلوس الصحيحة.
ولا يزال على الباحثين تحديد العلاقة الدقيقة بين وضعيات الجلوس وتأثيرها على العضلات وآلام أسفل الظهر. هناك أيضاً بعض الأدلة على أن الجلوس على الأرض بأرجل مطوية أقل ضرراً إذا ما تمت مقارنته بوضعيات جلوس أخرى مثل جلسة القرفصاء، أو الجلوس على الأرض ومد الرجلين.
وفي حين أن الأدلة العلمية عالية الجودة لا تزال تفتقر لفوائد الجلوس على الأرض، إلا أنه أصبح الاهتمام بها متزايداً خاصة مع تبني العديد من الأشخاص نظام الحياة البسيط الخالي من الأثاث.
ما هي أفضل طريقة للجلوس؟
قد يختلف وضع الجلوس المريح من شخص لآخر، إلا أن مفتاح الجلوس الجيد يكمن في الحركة المنتظمة وتغيير وضعية الجلسة بين فترة وأخرى. يمكن أن تكون هذه التغييرات البسيطة لها تأثير كبير على راحتك وصحة جسدك. استمع إلى جسدك، فسيخبرك بما تحتاجه وما عليك فعله.