هآرتس - بقلم: عميره هاس "أين يقع مسجد “البر والإحسان”؟ كنت قد سألت، صباح الإثنين، السائق الذي في موقف السيارات الواقع شمال شرق البيرة. “المسجد الذي أحرقه اليهود؟”، سأل السائق. “أنا لا أعرف”. هذا المسجد افتتح في آب 2016 ومعظم الأشخاص الذين سألتهم، بمن فيهم سائقو سيارات الأجرة، لم يعرفوا عنه شيئاً. وقد افترضت أن يكون موجوداً في مكان يسهل الوصول إليه لمن يريد التسبب بضرر، مع وجود مسار مريح للهرب. قرب مستوطنة وقريب من كاميرات الحماية وقرب موقع للجيش الإسرائيلي".
تخميني الأولي كان أن المسجد موجود في المنطقة الصناعية في مدينة البيرة، خلف الحاجز العسكري لمستوطنة “بيت إيل” وقاعدة الإدراة المدنية. في تشرين الأول 2019 جاء مجهولون إلى هناك بسيارة وقاموا بثقب إطارات نحو 30 سيارة للفلسطينيين. وحتى لا يكون هناك شك في هويتهم، تركوا كتابات باللغة العبرية. ولكن لا، المسجد غير موجود في المنطقة الصناعية. وفي التخمين الثاني أصبت الهدف: إنه في الحرم التعليمي في المدينة، بالضبط قرب ستاد كرة القدم. ومقابله من الجنوب، وأقل من كيلومتر بخط هوائي تغرق مستوطنة “بسغوت” في خضرة كثيفة من النباتات والأشجار.
أمس، كعادته في كل يوم، جاء المؤذن جلال محمود عايش إلى المسجد في الساعة الثالثة وعشر دقائق فجراً. وقبل أن ينزل من السيارة لاحظ انقطاع الكهرباء في المبنى، اعتقد أن هناك خللاً ما. دخل قاعة الصلاة من المدخل الشرقي، وعلى الفور شم رائحة حريق. سار عايش في أعقاب الرائحة إلى بوابة المدخل الشرقي. يد الباب كانت ساخنة وعندما فتح الباب شاهد النار تتصاعد على بلاط الجدران الخارجية.
لم يضيع عايش الوقت، فاتصل بالإطفائية. وقد افترض أن أولاداً طمعوا وأحرقوا الخزانة المصنوعة من الخشب والبلاستيك التي يضع فيها المصلون أحذيتهم. رجال الإطفاء الذين وصلوا خلال دقائق قالوا له إن الأمر لا يتعلق بأولاد، وأشاروا إلى كتابات باللغة العبرية باللون الأسود على الحائط اللامع من اللون الأبيض الجديد. بعد ذلك، وصل أشخاص ترجموا له الكتابات: “الإغلاق للعرب وليس لليهود” وعلامة تعجب و”أرض إسرائيل لشعب إسرائيل” ثم أعقبت بعلامات تعجب. بؤرة أخرى للحريق كانت في المراحيض. هناك سجادة على الأرض تم إحراقها. أصبح الحائط والبلاط بلون أسود وكذلك زجاج النافذة الذي تصدع.
في الساعة التاسعة صباحاً قال شخص ما بأن رجال شرطة فلسطينيين وصلوا إلى المكان ولكن بملابس مدنية، لأن هذه المنطقة تعتبر منطقة “ج”؛ سيطرة إسرائيلية أمنية ومدنية كاملة. ملاحظة: الحديث يدور عن أراضي بلدية البيرة، حي سكني داخل حدود البلدية، استمرار طبيعي لأحياء أكثر قدماً. في العام 2009 طلبت مستوطنة “بسغوت” وجمعية “رغافيم” أن تهدم الإدراة المدنية ملعب كرة القدم الذي كان في المراحل النهائية من بنائه. وقد حذرتا أيضاً من أن آلاف المشجعين المتحمسين لكرة القدم يمكن أن يطلقوا المقاليع (حسب التماسهم للمحكمة العليا) على المستوطنة. ولكن تبين أن الحكم العسكري صادق للبلدية في بداية الثمانينيات على البناء في تلك المنطقة. وتم إفشال محاولة الهدم.
كيف وصل من أشعلوا النار إلى المسجد؟ ربما عبر الشارع المتعرج من المستوطنة إلى موقع رمي قمامة المدينة ومن هناك إلى الملعب. وقد كان يمكنهم الوصول بسيارتهم إلى هناك، إذا لم يكن حارس المزبلة موجوداً في تلك الفترة أو أن يوقفوها على سفح التلة والصعود مشياً على الأقدام. رسالة مشعلي النار هي: شاهدونا. نحن نفعل وسنفعل ما نريد. لأن الشرطة لن تكلف نفسها عناء العثور علينا، والجيش لن يسلمنا، وإذا تم إلقاء القبض علينا فلن يقدمونا للمحاكمة، وإذا قدمونا للمحاكمة فإن القضاة سيقومون بتبرئتنا بذريعة ما. هكذا يستمر الأمر منذ سنوات. رسالة الإحراق واضحة: يجب على الفلسطينيين الاختفاء من هناك. وإذا لم يفعلوا ذلك بإرادتهم فسنقوم، نحن اليهود المجهولين، بإجبارهم على الاختفاء.