دنيس روس يحذر إسرائيل من أثمان مخطط الضم.. ورئيس كولومبيا الأسبق يراه آبرتهايد

الأربعاء 22 يوليو 2020 08:47 م / بتوقيت القدس +2GMT
دنيس روس يحذر إسرائيل من أثمان مخطط الضم.. ورئيس كولومبيا الأسبق يراه آبرتهايد



القدس المحتلة / سما /

حذر المبعوث الأمريكي الأسبق للشرق الأوسط دينيس روس من ثمن باهظ تسدده إسرائيل في الولايات المتحدة، متطابقا مع رئيس كولومبيا الأسبق الذي يحذرها هو الآخر من نظام فصل عنصري ناتج عن إحالة السيادة الإسرائيلية على مناطق في الضفة الغربية المحتلة.

كما حذر المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط سابقا دينيس روس الباحث والمستشار في معهد واشنطن للدراسات من تبعات الضم مشددا على وجود ثمن باهظ ستسدده إسرائيل في الولايات المتحدة، منبها لمفاعيله الخطيرة خاصة من ناحية صب الماء على الرواية الفلسطينية وابتعاد الحزب الديموقراطي عن إسرائيل واقترابه أكثر من الفلسطينيين.

ويقول دينيس روس وهو أمريكي من أصل يهودي إنه لسوء الحظ، فإن من يعتقد بإمكانية تنفيذ الضم دون دفع ثمن في الولايات المتحدة يوهم نفسه، ويتساءل بالقول إنه إذا لم يكن الربح إلا وهما، فما المعنى من أخذ المخاطرة؟

وفي مقال نشرته صحيفة “يسرائيل هيوم” يشير دنيس روس إلى محاكاة معهد القدس للإستراتيجية والأمن لسيناريو الضم تم فيه تصوير آثاره المتوقعة وأثار جدلا بين باحثي المعهد حول تبعاته وانعكاساته على الولايات المتحدة، معتبرا إياه إشارة تحذير لمؤيدي مخطط الضم. ويتابع روس في مقاله: “وفقا لنهج مؤيدي الضم، فإننا نوجد في لحظة مميزة، تبدي فيها إدارة ترامب استعدادا لتأييد فرض سيادة إسرائيل على نحو 30 % من الضفة الغربية. ينبغي استغلال هذه اللحظة، كما يدعون، لأن الضم سيحدد مستوى أساسيا جديدا، سيقبل به باقي العالم، بمرور الزمن، وفي كل مفاوضات في المستقبل ستكون هذه نقطة البداية. يبدو هذا جيدا للسمع غير أن هذه ليست الحقيقة”.

وعلى خلفية ذلك يتساءل روس ما الذي سيحصل إذا ما خسر دونالد ترامب في الانتخابات وانتخب بايدن رئيسا؟ ويقول إن مؤيدي الضم يعتبرون هذا الاحتمال سببا وجيها لاستغلال اللحظة الحالية، غير أنه يتساءل مجددا: ولكن إذا خسر ترامب – وهذه إمكانية معقولة بالتأكيد – وانتصر بايدن فألغى الاعتراف الأمريكي بالضم فماذا ستربح إسرائيل؟

ويوضح أنه لا توجد جهة دولية واحدة تعترف بالضم، ولن ينشأ مستوى أساسي جديد. ويتابع: “بالعكس، عندما تشير أربع دول أوروبية على الأقل بأنها سترد على بسط السيادة في الاعتراف بدولة فلسطينية في حدود 1967، فإن من شأن الضم أن يخلق مستوى أساسيا من ناحية إسرائيل هو أسوأ من ذاك القائم الآن: خطوط 1967 زائد الكتل الاستيطانية”.

بين ترامب وبايدن

وضمن مناقشة مؤيدي الضم يقول روس إنهم يمتلكون جوابا على هذا الاحتمال يزعمون فيه أن بايدن هو صديق إسرائيل، وحتى لو لم يتعاط بعطف مع خطوة إسرائيلية من طرف واحد فإنه لن يلغي الاعتراف بها. وردا على ذلك يقول روس: “بالذات هو صديق إسرائيل، ولكنه عبر بوضوح عن معارضته لأي خطوات من طرف واحد، بما في ذلك الضم الإسرائيلي. ودرءا للشك حول نواياه، قال بايدن مؤخرا لمجموعة متبرعين يهود: “سألغي خطوات إدارة ترامب التي برأيي ستضعف بشكل كبير فرص السلام”.

ويعتقد روس أنه “دون التطرق لمسألة إذا كان بايدن سينتخب، وإذا كان نعم، كيف سيتصرف تجاه الضم، يوجد بعد إضافي يجب مراعاته: الضم، بالتأكيد، سيعمق الانقسام السياسي القائم في الولايات المتحدة تجاه إسرائيل. لقد كانت إسرائيل موضوعا للحزبين وتعتبر مصلحة أمريكية، ليست شأنا ديمقراطيا أو جمهوريا، ولكن صورتها ثنائية الحزب باتت منذ الآن في خطر، والضم سيسيء ويفاقم فقط هذا الوضع”.

كما أن الضم برأيه سيعزز بشكل دراماتيكي الموقف غير المتعاطف تجاه إسرائيل من جانب الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي لافتا لتعاظم التضامن مع الفلسطينيين ويضيف: “في ضوء الارتفاع البارز في أهمية مفهوم العدل في الولايات المتحدة، فإن الضم الإسرائيلي سيساعد الرواية التي تعرض الفلسطينيين كضحايا. وما سيستوعب هنا هو الشعار الفلسطيني بمساواة الحقوق، “شخص واحد، صوت واحد” – أي دولة واحدة”.

ويخلص روس لتساؤل العارف: فمن في أمريكا سيعارض مثل هذا المطلب؟ ويتابع بأنه “يمكن الجدال حول التأييد أو المعارضة للضم، ولكن من الحيوي أن يكون للجدال اتصال بالواقع. لسوء الحظ، فإن من يعتقد أنه يمكن تنفيذ الضم دون دفع ثمن في الولايات المتحدة يوهم نفسه. في أمريكا هناك ثمن للضم وإذا لم يكن الربح إلا وهما، فما المعنى من أخذ المخاطرة؟”.

أجل، العالم يجب أن يتجند ضد الضم

وفي هذا السياق دعا خوان مانويل سانتوس رئيس كولومبيا السابق (حائز على جائزة نوبل للسلام وعضو مجموعة زعماء الماضي أسسها نيلسون مانديلا) العالم للتجند ضد الضم. في مقال نشرته صحيفة “هآرتس”، يستذكر سانتوس وقوف العالم بإصرار أمام روسيا عندما استولت بالقوة على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في 2014، ويضيف: “مطلوب اليوم الوقوف بإصرار مشابه من كل المجتمع الدولي، بما في ذلك أمريكا اللاتينية أمام إسرائيل”.

ويقول إن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني ابتلي به الشرق الأوسط طوال الـ70 عاما الأخيرة وإن دولته كولومبيا عانت من صراع مشابه، مؤلم وطويل، بدا وكأنه قد خلد نفسه وكان غير قابل للحل. ويعتبر أن الطريق للسلام اقتضت شجاعة وسعة قلب ويشير إلى أنه كـ”صديق لإسرائيل” فهو قلق جداً من أن هذه القيم تم تغييبها تماماً من خطة الحكومة لضم أجزاء من الضفة الغربية.

ويتابع: “عندما كنت رئيساً لكولومبيا، هوجو تشافيز من فنزويلا سمى دولتي “إسرائيل أمريكا اللاتينية”. هناك الكثير مما يمكن تقديره في إسرائيل من ناحية المرونة، والمبادرات وفي الحداثة والتكنولوجيا، وأنا ما زلت أشجع قيم مؤسسي الدولة وتعهدهم في وثيقة الاستقلال بـ”مساواة حقوق اجتماعية وسياسية كاملة لكل مواطنيها بدون تمييز في الدين أو العرق أو الجنس”. ولكن للأسف، يبدو أن هذا الحلم يتعرض لهجوم من حكومة بها ذات توجهات قومية مفرطة استخفت بصورة صريحة بحقوق الإنسان وبالقانون الدولي”.

ويؤكد سانتوس أن مخطط الضم هو فقط المثال الأكثر حداثة للتهديد المتمثل بتأسيس نظام حكم على نمط الفصل العنصري (الأبرتهايد) والذي يوجد فيه نظامان من القانون يسريان على مجموعات سكانية مختلفة تعيش على نفس الأرض”.

ضمن حقوق الضحايا

ويتابع سانتوس محذرا إسرائيل: “كرئيس لكولومبيا عملت الكثير من أجل الدفع قدماً بالمفاوضات ومن أجل التوصل إلى اتفاق سلام مع مجموعات أخرى من المتمردين، من أجل إنهاء الحرب الأهلية في دولتي. الاتفاق صيغ مع المحافظة على حقوق ضحايا الصراع، كما عُرف في ميثاق روما والتي استناداً إليه أنشئت محكمة الجنايات الدولية. إن الاستناد على القانون الدولي يعزز قوة ومصداقية الاتفاق في الداخل والخارج”.

ويقول إن “مواطني كولومبيا اليوم يواجهون عملية مؤلمة ومعقدة لتنفيذ الاتفاق وترجمة رؤية السلام إلى حقيقة. العديدون رفضوا الاتفاق ورأوا فيه خيانة، وهناك ممن يتصرفون هكذا حتى اليوم. فضل العديد منهم الخطاب القومي المتطرف والعسكري الذي تعلموا معرفته. هنالك من ما زالوا يتصرفون هكذا. ولكن رويداً رويداً تبلور وانتشر في أوساط الجمهور جو من السلام والمصالحة، وفي نهاية المطاف سوف يثبت نفسه كأمر لا يمكن وقفه”. ويؤكد ثقته بأن هذه العملية تبعث الأمل ليس فقط بالنسبة لكولومبيا وأمريكا اللاتينية بل العالم كله، بما في ذلك إسرائيل وفلسطين.

خطاب الأمل

وفي إشارة مبطنة للرئيس الأمريكي ترامب يعتقد أن الأمل هو سلعة غالية الثمن، بالأساس الآن حيث العالم يواجه التهديد الفظيع لفايروس كورونا، تزامنا مع الهجوم على جهاز القانون الدولي من جانب زعماء انفصاليين وشعبويين. ويستذكر الرئيس الكولومبي السابق أن نيلسون مانديلا كان أحد المؤمنين الكبار بقوة الأمل خلال رحلته الطويلة للحرية وأنه اليوم عضو في مجموعة الرؤساء الأسبقين التي أسسها مانديلا من أجل السلام، العدل وحقوق الإنسان في أرجاء العالم.

ويرى أن السلام في الشرق الأوسط، وكذلك العدالة والحرية للفلسطينيين، هي على رأس أولويات المجموعة منذ تأسيسها وحتى اليوم ويتابع: “لهذا، اخترنا الحديث الآن ضد الضم، ونحن ندعو إلى رد موحد وعنيد لموقف معارض له من جانب زعماء ذوي تأثير في العالم”.

تنكر لحل الدولتين

ويشدد سانتوس على أن مخططات الضم لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تعكس تنكرا وحيد الجانب لحل الدولتين، وأن معظم دول المنطقة والعالم تعارض ذلك، محذرا هو الآخر من أن “الضم من شأنه إثارة ضجة كبيرة في المنطقة ويزيد أكثر الاغتراب والمرارة في أوساط الفلسطينيين، ويحرض “جيران إسرائيل” ويمحو الإطار الديموقراطي والدستوري للدولة اليهودية”.

احترام قيم العدالة والسلام واحترام القانون

ويضيف: “إذا قبل المجتمع الدولي بصمت رؤية إسرائيل، والتي معناها هو الاستحواذ على المناطق بالقوة فإن الوحيدين الذين ستكون هذه الخطوة لصالحهم هم مؤيدو الحرب وأولئك الذين يتوقون للسيطرة على أراضي جيرانهم”. ويقول إن ثمة أنظمة متعددة الأطراف مثل الرباعية والتي من المتوجب إحياؤها من جديد وتوسيع قدرتها من أجل أن تعطي دوراً أكبر للدول العربية المؤثرة.

كما يقول إن دعمها ضروري من أجل إنجاح كل مفاوضات حول اتفاق محتمل وبطبيعة الحال هي قلقة فيما يتعلق بتهديد الضم في كل ما يتعلق بالأمن الإقليمي خاصة فيما يتعلق باستقرار السلام مع الأردن. ويضيف من تجربة بلاده: “مسيرة السلام في كولومبيا علمتني أنه ليس بالإمكان تجاهل سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان العالمية. إنجازات سياسية قصيرة المدى والتي تهدف فقط إلى إرضاء أو إشعال مطامح مجموعات قطاعية كهذه أو تلك، سيتضح أنها خالية من المضمون”، منبها إلى تزامن الذكرى الـ75 لمنظمة الأمم المتحدة مع هذا العام ولكن أزمة كورونا جمدت البرنامج الروتيني، بما في ذلك اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ويخلص للقول: “لهذا علينا جميعاً تحمل المسؤولية وإسماع صوتنا والوقوف إلى جانب قيم السلام والعدالة والمساواة أمام القانون، كما تم تقديسها في ميثاق الأمم المتحدة”.

من جهتها قالت صحيفة “مكور ريشون” الناطقة بلسان المستوطنين إن الفلسطينيين يستغلون الضم حتى النهاية بتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية فيما تنشغل إسرائيل في أزمة كورونا وتبعاتها.