العاروري-الرجوب: دعوة إلى مفاوضات على حدود 67 أم حرب “في سبيل الله”.. بقيادة نتنياهو؟

الجمعة 10 يوليو 2020 06:17 م / بتوقيت القدس +2GMT
العاروري-الرجوب: دعوة إلى مفاوضات على حدود 67 أم حرب “في سبيل الله”.. بقيادة نتنياهو؟



القدس المحتلة / سما /

معاريف - بقلم: ران أدليست "بهدوء نسبي، على نحو شبه سري، برعاية إرهاب الضجيج الذي لا ينتهي من التوربينات، أسترق  إلى اللجة المتلظية لإسرائيل – فلسطين العامل الكفيل بتغيير صورة النزاع، دراماتيكياً. فقبل أسبوع، عقد جبريل الرجوب، الذي كان رئيس جهاز الأمن الوقائي سابقاً ويتولى اليوم رئاسة اتحاد كرة القدم الفلسطيني، مع صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، مؤتمر فيدو بث لمؤتمر صحافي في رام الله، بنية تأسيس تعاون بين حماس والسلطة لمواجهة الضم. أعلن الرجوب: “نخرج اليوم بصوت واحد وعلم واحد، حماس أم شركاؤنا. كل الفصائل تفتح صفحة جديدة”. وقال العاروري إن “الفصائل ملتزمة بمنع الضم وبالتقدم في مخطط يوحد الشعب الفلسطيني. هذه فرصة لمرحلة جديدة ووضع استراتيجية تخدم الشعب الفلسطيني في هذا الوقت الخطر والحساس”. ليست هذه هي المرة الأولى التي تجري فيها محاولة وحدة بين حماس والسلطة منذ ألقي موظفو السلطة من أسطح غزة وسيطرة حماس على القطاع في 2007. في 2011 وقع اتفاق مصالحة في القاهرة، وبعد خمسة أشهر من ذلك أعيد جلعاد شاليط. أما قائد الذراع العسكري لحماس، أحمد الجعبري، الذي أدار حملة الاختطاف والتبادل، تبنى في المرحلة الثانية هدنة بين إسرائيل وحماس. في تشرين الثاني 2012 صُفي الجعبري في إطار سياسة استفزازية لمنع التسوية. ردت حماس بنار كثيف،ة وردت إسرائيل بحملة “عمود السحاب”. إذا اطلقت النار فلا حديث عن هدنة. في 2014 كان هناك اتفاق لمصالحة فلسطينية، وتشكلت حكومة انتقالية مشتركة سارت نحو الهدنة وأدارت إرهاباً للضغط على إسرائيل. وجاء اختطاف الفتيان الثلاثة وحملة “الجرف الصامد” لتصفي هذه الإمكانية".

من حيث المبدأ: حكومات اليسار –رابين، بيرس، باراك وأولمرت– أدارت النزاع، بينما م.ت.ف والسلطة هما الشريكان الأولان بصفتهما الاحتمال الوحيد للتسوية السياسية، والقطاع جزء من التسوية. أما حكومات شامير، وشارون، ونتنياهو، فكلها راهنت على “فرق تسد” بين القطاع وم.ت.ف، والهدف هو تحريض حماس على م.ت.ف وتمني التوفيق لكليهما. شامير كرئيس لحكومة الوحدة، وبمساعدة رئيس المخابرات يوسف هرملين ونائبه يعقوب بيرس، أمر بإقامة حماس كمنظمة كدية تضعف و/أو تصفي م.ت.ف. في الثمانينيات، كانت م.ت.ف تهديداً بمستوى إيران إليوم، وكان عرفات بمرتبة هتلر. (موازين القوى في حينه مثلما هي إليوم، دافيد مقابل جوليات، نحن جوليات). بالتوازي، حققت م.ت.ف شرعية دولية، مما زاد الحاجة إلى تصفيتها. ووضع وزير الدفاع إسحق رابين (في الثمانينيات، قبل أن يصحو) تحت تصرف حملة إقامة حماس الإدارة المدنية ومنسق أعمال الحكومة في المناطق، شموئيل غورن، الذي ضرب عينه نحو رئاسة الموساد وإرضاء شامير، رئيس الوزراء في حينه.

حماس الإسلامية المرتبطة بالإخوان المسلمين كانت رأت في الدولة الفلسطينية الديمقراطية، التي لعرفات وأبو مازن، موبئة أخلاقية ودينية، أما فكرة اليهود العبقرية فكانت السماح لحماس المشاركة في الانتخابات. لهذه الدرجة نجحت إقامة حماس، بحيث إنها سيطرت على القطاع في 2007، فصفّت مقاومة “فتح” وبدأت تدير ضد إسرائيل والسلطة معارك ضائعة مسبقاً عززت مكانتها بين الجمهور الفلسطيني بالعموم قبيل الانتخابات.

بالتوازي، واصلت حكومة نتنياهو إدارة نظام احتلال في الضفة وحصار في القطاع، إلى أن زأر الفأر الحماسي في “الجرف الصامد” في 2014. رغم القتل والدمار الذي زرعه الجيش الإسرائيلي في القطاع، أدت نار حماس المضادة على بلدات في إسرائيل بالطرفين، اليوم، إلى نوع من الجمود عقب ميزان رعب عسكري والخوف من تصعيد نتنياهو. هنا صاروخ، وهناك غارة جوية، لا شيء يستوجب عملاً حقيقياً، سواء كان عسكرياً أم سياسياً.

ولا تزال حماس تبحث عن هدنة وتبادل للأسرى، ولا يزال نتنياهو يخشى ما سيقولونه داخل كنس المستوطنات، وهو عالق مع الأسرى وجثامين الجنود. يتساوم على عدد محرري حماس، ولكنه يسمح لقطر بإعطاء هواء التنفس لحماس وعدم الوقوف جبهوياً أمام أبو مازن كزعيم مشترك للقطاع والضفة.

رسالة العاروري

في ذلك اللقاء الذي رافق المؤتمر الصحافي بين الرجوب والعاروري، كان هناك أيمن عودة أيضاً. وكانت هيلا كورح من القناة 13 مليئة بالدهشة عن حدود الصدمة خوفاً من وقوع السماء! فهل يمكن لأيمن عودة أن يؤيد حماس، أي يؤيد المس بالجنود اليهود؟! حاول عودة إيجاد جواب ينزل في حنجرة الوطني الإسرائيلي النموذجي، ولكن دون جدوى. اذهب واشرح لمذيعة لا تعرف تعقيدات النزاع دور إسرائيل الحصري في تخليد النزاع واحتمال المساهمة للتعاون بين القطاع والضفة في تحقيق الحل. بما في ذلك عامل القوة في هذا التعاون (نتنياهو وشركاؤه كما هو معروف لا يفهمون إلا لغة القوة).

أصرت السيدة كورح على حصول جواب عن سؤال ليس له صلة بخطوة الوحدة، إنما بتلك الخطوات لإحباطها. هل يكره العاروري إسرائيل؟ بالتأكيد. هل هو مؤيد لقتل جنود إسرائيليين؟ بالتأكيد. هل ينفذ أعمالاً معناها قنبلة متكتكة؟ ليس للاستخبارات الإسرائيلية دليل (لو كانت بارقة دليل لفعلوا فيه العجب). واضح أن استمرار الوضع القائم (حصار القطاع واحتلال الضفة) يستوجب من كل فلسطيني متوسط يعارض الاحتلال والحصار أن يؤيد “الشبكة المتكتكة” التي هي اليوم سبب كاف للتصفية، والعاروري هدف تصفية قديم. بعض من سياسة التصفيات الرامية إلى تصفية فلسطينيين يشكلون خطراً وجودياً مثل مروان البرغوثي. لست واثقاً بأن العاروري سينجو في الأشهر القريبة المقبلة في صالح فوضى تنسي قصورات كورونا واحتجاج الجوعى. أفترض أن كورح تعتقد أنها تمثل مخاوف اليهود وانعدام ثقتهم بحماس وثأر الدم لمتضرري الإرهاب. غير أن السبيل للخروج من دائرة الدم هو وضع المخاوف ومشاعر الثأر جانباً وعدم الانجراف في حملة إشعال تلك المخاوف ومشاعر الثأر.

وإذا ما أصرت السيدة كورح على ألا تفهم بأن الناس يضعون رواسب الماضي جانباً عند التوجه إلى المفاوضات ، فلعلها تفهم بأن ما كان في ذاك “المؤتمر الصحافي” كان محاولة فلسطينية للوصول إلى المفاوضات مع إسرائيل مع نجمة (كوخافيت): كوخافي والجيش الإسرائيلي سينتصران في الجولة التإلية، ولكن الفلسطينيين سيأتون إليه موحدين عقب الضم. رسالة العاروري كانت أن “الضم لن يترك أي أمل للفصائل في التقدم نحو المخطط السياسي الأدنى لإقامة دولة في حدود 67 في الضفة الغربية وقطاع غزة”.

هذه جملة أساسية يفترض أن تتصدى للمسلمة الإسرائيلية التي تقول إن الحماسيين لا يريدون تسوية، بل تدمير إسرائيل. “حدود 67” للعاروري وحماس هي نوع من دعوة للمفاوضات. ولا يملك أحد جواباً على سؤال: هل ستخوض حماس والسلطة حرباً عنيفة ضد كل مخطط هو أقل من 67. حماس تقاتل اليوم على حياة مواطنيها؛ بمعنى الماء، والكهرباء وأفق الخروج من دائرة الفقر والمرض النابع منه. وحكومة إسرائيل تقرر إذا ما كان هذا الوضع سيتحول من كفاح من أجل مواطنيهم إلى حرب استقلال في سبيل الله.