يديعوت - بقلم: اليكس فيشمان "الحروب الداخلية في الحكومة والشكل الذي أديرت فيه الدولة في الأشهر الأخيرة تقضم الجيش بشدة وتمس بالأمن الجسدي لكل مواطن مباشرة. فجلّ اهتمام الجمهور يتركز، وعن حق، على تقصيرات في إدارة أزمة كورونا التي تمس بالأمن الغذائي والاقتصادي. لا يتصور أحد أن تمس هذه الإدارة الفاشلة بالجيش أيضاً، إذ إنه جهاز قوي، غني بالميزانيات، مراتبي، في قلب الإجماع. ولكن أزمة القيادة هذه لا تلمس فقط أهداب البزة الخاكي، بل تتسبب بضرر حقيقي".
إذا لم يتخذ قرار يسمح للجيش بأن يدير نفسه بشكل مرتب ومنطقي، فإنه ببساطة سيقف.
إذا لم يتخذ قرار يسمح للجيش بأن يدير نفسه بشكل مرتب ومنطقي، فإنه ببساطة سيقف. وسبق لهذا أن حصل في 2014، قبل شهر من الجرف الصامد. فعشية الحرب، لم يتدرب سلاح الجو على مدى شهر، إذ نفد المال اللازم للجيش. وفي كل تحقيق حقيقي أجراه الجيش بعد الحرب، تبين أن قسماً من المشاكل المهنية التي برزت، ولا سيما في الخطوات البرية، كان وليد وقف التدريبات والتسليحات في تلك السنة، نتيجة لقرارات سياسية – اقتصادية للحكومة التي عملت على طريقة “فك”: الجيش يتدبر أمره.
لقد أصبح شبه رياضة وطنية ذلك الوصف التهكمي حين يطالب الجيش المالية بمبالغ مسنودة بتهديدات من الصعب فحص وزنها الحقيقي. فعلى مدى سنوات طويلة، جرت مداولات حول مبنى القوة العسكرية في الملعب الذي يدور فيه اللعب بين وزارتي المالية والدفاع. وفي النهاية، ينتهي هذا دوماً بعناوين صحف عن تقاعدات رجال الجيش الدائم، وأن الحكومة تجاوزت موظفي الدولة وقررت حجم ميزانية الدفاع. وكان موظفو المالية والدفاع يسدون أنوفهم، وينفذون، بينما يكيف الجيش مخططاته مع الميزانية. نعم أحب، لم يحب – هذا هو الموجود.
في 2020 لا يوجد صراع بين موظفي وزارتي المالية والدفاع، فكلهم في القارب ذاته. هذه هي السنة الثانية التي تسير فيها الدولة دون قانون ميزانية. فمعظم الوقت تحت حكومة انتقالية، وفي الأشهر الأخيرة تحت حكومة متنازعة. الجيش، مثل كل الوزارات الحكومية، يدير ذاته من شهر إلى شهر على أساس 1/12 من الميزانية التي أقرت له في 2018. وفي كل شهر يقف على عتبة باب وزارة المالية طالباً إذن نفقات استثنائية. إضافة إلى ذلك: في السنتين الأخيرتين، ونتيجة تقليصات عرضية وتجميد لميزانية الدولة، فقد الجيش بالتقدير السريع نحو ثلاثة مليار شيكل من ميزانيته السنوية. وإذا كان بنى ونفذ حتى الآن خططاً مقرة من المشتريات والتدريبات والاستعدادات على أساس ميزانية سنوية من 32 مليار شيكل، فليس لديه في 2020 إلا 29 مليار شيكل كي ينفذها. وحتى الآن، تمدد بعض المشاريع على سنوات أطول، وتؤجل المشتريات. وبناء على ذلك، تخفض تدريبات الاحتياط وتتضرر شروط الخدمة النظامية. هكذا، مثلاً، إذا أوقف الجيش عملية الانتقال إلى النقب بسبب نقص المال، فسيتعين عليه أن يدفع مئات الملايين: كتعويضات على خرق العقود، وفي الوقت ه على ترميم المعسكرات القائمة المرشحة للنقل، التي هي متهالكة تماماً في بعضها.
وعندما يؤتى بهذا الإخفاق إلى عتبة وزراء الحكومة والكابينت، يتجادل رئيس الوزراء ووزير الدفاع فيما بينهما في مسألة إذا ما كان قانون الميزانية يستمر لخمسة أرباع السنة أم لربع واحد. هذا الجدال يجعل القرار عالقاً في ميزانية الدولة، وهي التي يفترض بها أن تحرك المنظومة العسكرية وتخرجها من انعدام اليقين في الوقت نفسه. وهكذا، فإن الجيش بات للسنة الثانية على التوالي يعمل دون أن تكون له خطة عمل جديدة متعددة السنين، مقرة وممولة، إذ ليس للكابينت الوقت أو الرغبة في الانشغال في هذا. لا يوقعون عقوداً لشراء طائرات جديدة من الولايات المتحدة، لأن اللجنة الوزارية لشؤون التسلح لم تجتمع بعد.
واضح لجهاز الأمن أن أزمة كورونا خلقت واقعاً اقتصادياً يتعين على الجيش أن يراعيه، ولكن من هنا وحتى تجاهل احتياجات الأمن العاجلة -انتظاراً لمعجزة بأن تتدبر الأمور بعد كل شيء من تلقاء ذاتها- ستظل المسافة واسعة. تفهم قيادة الجيش بأن المواطن حين تكون ثلاجته فارغة لا يشغل باله بجهاز الأمن، ولكنه سيقلق حين يجلس في الغرفة الأمنية ويمل الإيرانيون أو الفلسطينيون إلعابنا.