ذكرى استشهاد كنفانى..مروان ابو شريعة

الأربعاء 08 يوليو 2020 02:58 م / بتوقيت القدس +2GMT
ذكرى استشهاد كنفانى..مروان ابو شريعة




هل  تعرفون من هو غسان كنفانى .
سأقول لكم :
عندما سقط سقف السماء على رؤوس الفلسطينيين عام 48 لم يكن هناك كاميرات ولا اجهزة موبايل تصور أهوال الكارثة وتوثق كل صغيرة وكبيرة .
لم يكن هناك فيس بوك ولا تويتر ولا واتس اب .
ولم يكن هناك محطات فضائية تنقل كل حدث ساعة وقوعه وتصور احداث الجريمة .
لم يكن هناك شئ من كل ذلك عام ١٩٤٨.
لم يكن هناك الا قلم غسان كنفانى ليرسم تفاصيل الجرح الفلسطينى.
فعندما سارت قوافل المهجرين الفلسطينينيين وهم عطشى وشفاههم ناشفة . يحملون الجوع والقهر والذل والخوف من العصابات الصهيونية 
بعد ان تركوا احلامهم وذكرياتهم وبيوتهم ومزارعهم . 
وتشتتوا فى جهات الكون  .
لم يكن هناك الا ريشة غسان رائد ادب الرواية ليصور لاجيال قادمة  تفاصيل الخطيئة الكبرى لشعب اجتث بالكامل من ارضه . 
ويروى لاجيال لم تولد بعد اهوال النكبة وتداعياتها . 
لم يكن هناك إلا قلم غسان ليروى الحكايات والذكريات الجميلة  للناس الطيبيين البسطاء الاتقياء فى حيفا وعكا وصفد و يبنا واللد وعسقلان . وكيف استقر بهم المطاف نحو المخيم الى حين.
 ثم كيف تركوا المخيم بعد ذلك فى رحلة صراع مرير من اجل البقاء لمطرود لم يبقوا له شئ من شروط الحياة .
كان صانع ادب الرواية يصنع بحروفه الحب والشوق مع القلق والحنين . 
كان يشخص الامل والتفاؤل مع الحزن والخوف والغضب .
غسان دخل الى كل البيوت و قال عنا كل الحكايات وأَخرج كل ما فى صدورنا من الهم والغم الشوق والحنين وعبر عن كل الاحزان والم السنين .
ايها الاديب الثائر المناضل .
على روحك الرحمة والسلام .
ايها الرفيق غسان :
لا زال المخيم يجلس مكانه.
ولا زال البرتقال حزين .
لا زال اللاجئ لم يعد الى حيفا .
لا زال اللاجئ يبحث عن لؤلؤ على الطريق من اجل شروط البقاء  . ولكن هذة المرة ليس فى شوارع الكويت والبصرة كما كتبت فى احدى اسفار الفجيعة وانما فى مطاعم اسطنبول ومعسكرات اللجوء البائسة فى اليونان .
اخى غسان لا زالت خزانات الموت تحمل ابناء الموجة الثانية من اللجوء من مخيمات غزة ليبتلعها البحر على شواطئ اليونان والاسكندرية وبين ايدى عصابات التهريب فى غابات بلقراد .
اما اللاجئون فى لبنان الذين اعياهم الانتظار فقد فقد ترك ثلاثة ارباعهم المخيمات ووصلوا الى شمال اوربا فى الدنمارك والسويد وبلجيكيا وكندا .
وفى سوريا اليرموك لا زال المخيم مرة اخرى يودع افواجا جديدة من المشردين .
وفى الاردن لا زال  المخيم يشكو البؤس ويعج بالفقر والمحرومين .  
وفى العراق هناك يا غسان ضاقت عليهم الارض بما رحبت من حقد الطائفيين.  وأُغلقت فى وجوههم عواصم المقاومة وعواصم المساومة فلم يجدوا امامهم الا البرازيل واستراليا .
ومع ذلك يا غسان لا زال المخيم شامخا يحدق فى الحدود .
ولا زال معظم اللاجئون فى غزة يحدقون و يرون بعيونهم المجردة اراضيهم ومزارعهم فى القرى والبلدات التى هجروا منها .
سلام الى غسان
وعاشت ذكرى الاديب المناضل
 .