الدفاع عن الأردن في مواجهة الصهاينة..د. عبد الستار قاسم

الأربعاء 24 يونيو 2020 10:35 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الدفاع عن الأردن في مواجهة الصهاينة..د. عبد الستار قاسم



من غير المتوقع أن يتصاعد التوتر بين الأردن والكيان الصهيوني إلى نشوب حرب تحت الظروف الإقليمية والدولية السائدة   الآن. أمريكا ليست معنية بحرب بين حلفائها، وهي بالتأكيد تسارع لاحتواء الخلافات الناشبة الآن بشأن ضم أجزاء من الضفة الغربية. كما أن حلفاء الأردن في المنطقة ليسوا بذلك المستوى المتدني من الذكاء ليسمحوا بحرب بين متعاونين أمنيين وينسقان فيما بينهما على مختلف المستويات. الأردن نظام مندرج ضمن التحالف الأمريكي الصهيوني السعودي غير المعلن رسميا، وهو تحالف في مواجهة محور المقاومة غير المعلن رسميا أيضا.

هناك تراشق لفظي بين الكيان الصهيوني والأردن بشأن العمل العسكري. إعلامي صهيوني يقول إن الجيش الصهيوني بحاجة إلى ساعتين ليكون في عمان لتناول طعام الإفطار في مطعم سناك غرب عمان، وعسكريون أردنيون متقاعدون يقولون إن الجيش الأردني سيتلاعب بخوذ الصهاينة أمام باب دمشق أو باب العامود في القدس. الطرفان يبالغان، لكن جيش الصهاينة يتفوق بصورة حادة على الجيش الأردني من ناحية العدد والعدة والتطور التقني. جيش الصهاينة لن يخوض حربا سهلة ضد الجيش الأردني المدرب جيدا وعالي الانضباط، والجيش الأردني لا يملك تلك القوة التي تحمي الأردن عسكريا في مواجهة الصهاينة. العسكريون الأردنيون يتسلحون بمعركة الكرامة للتدليل على نوعية الجندي الأردني الذي يعشق الشهادة في سبيل الله، لكنهم لا يأتون على ذكر هزيمة حزيران النكراء.
على فرض أن الجيش الصهيوني قد أقدم على مهاجمة الأردن، فمن الذي سيقف مع الجيش الأردني في المواجهة؟ الضفة الغربية لن تقف لأنها نفسها متهاوية وضعيفة وتزداد ضعفا يوما بعد يوم. المقاومة في الضفة الغربية غائبة إلا من عمليات عسكرية متباعدة زمنيا ولا تشكل ظاهرة. لكن من الممكن أن تستنفر غزة وتقرر مشاغلة الجيش الصهيوني وتضعف اندفاعه شرقا، وتجبره على النظر خلفه على حساب النظر إلى الأمام شرقا. وبسبب حساسيتنا الوطنية والقومية والإسلامية ككتاب، لا نترك الأمر لاجتهادات اللحظة، ونطالب غزة بالاستعداد من اللحظة هذه للدفاع عن الأردن والوقوف بحزم مع الجيش الأردني. والمطلوب من المقاومة في غزة: من حماس والجهاد الإسلامي ولجان المقاومة الشعبية أن تعلن جميعا التزامها بالدفاع عن الأرض العربية حيثما اختار العدو أهدافه داخل هذا الوطن العربي الكبير.
وعلى ذات الموقف، مطلوب من محور المقاومة وبالتحديد حزب الله وإيران، وسوريا إن استطاعت الوقوف إلى جانب الجيش الأردني. ومهما كانت الخلافات بين الأنظمة والقادة، علينا جميعا أن نعي أن الأردن أرض عربية وإسلامية والدفاع عنها واجب ديني وقومي ووطني، وهو في ذات الوقت دفاع عن الأمتين العربية والإسلامية. يجب عدم السماح للصهاينة التغلغل داخل الوطن العربي بالمزيد، ودفاع محور المقاومة عن أرض عربية إنما هو دفاع عن الذات. يجب عدم ترك الأردن لقمة في فم الأمريكيين والأوروبيين، ومن المفروض تقديم كل الدعم لها، على الأقل لتتوفر لديها أوراق كافية للتفاوض المجدي والمفيد. الأردن ستتمتع بدور قوي، وستتخذ مواقف صلبة غير متشنجة إذا شعرت بالقوة.
المبدأ يقول إن الخلاف السياسي يتبخر أمام العدوان الصهيوني على العرب والمسلمين، وهو يخضع للنقاش والبحث عن حل بعد زوال الخطر الصهيوني الأمريكي. لا خلاف يعلو أبدا على الموقف الموحد من الصهاينة سواء في أوقات الحرب أو أوقات الهدوء.
ومطلوب أيضا من محور المقاومة أن يكون واضحا في هذه المسألة حتى دون استشارة النظام الأردني. دعم الجيش الأردني لا يخضع بالضرورة للتشاور المسبق، إنما يتطلب التنسيق بعد أن تكون الأطراف الرافضة للكيان الصهيوني قد حزمت أمرها. مطلوب من محور المقاومة أن يكون واضحا في موقفه من أي عدوان يستهدف دولا عربية وإسلامية بغض النظر عن محتوى العلاقات القائمة بينه وبين الدولة المستهدفة.
أما الأطراف العربية الأخرى مثل مصر والسعودية والإمارات، فإنها ستجري مسرعة إلى واشنطن والأمم المتحدة من أجل الحيلولة دون صدام عسكري. وفي الخفاء لا نستبعد تحريض هذه الدول ضد الجيش الأردني الذي سيكون متهما بالتهور والاندفاع غير المنطقي والمتسرع نحو مواجهة جيش الصهاينة. إذا حصلت المواجهة، وتقديري أنها لن تحصل، فإن هذه الدول الخانعة للإرادة الأمريكية ستحمل الجيش الأردني إثم إزهاق النفوس لا حسنات ارتقاء الشهداء.
كاتب واكاديمي فلسطيني