وجهت الصين اليوم الإثنين، تهديدًا باتخاذ خطوات ضد أميركا في حال فرضت الولايات المتحدة، عقوبات على خلفية قانون للأمن القومي تحاول بكين تمريره في هونغ كونغ، الذي اعتبره وزير الأمن في المدينة أداة للقضاء على "الإرهاب".
وتسعى بكين لفرض قانون جديد للأمن القومي في هونغ كونغ لردع "التخريب والعصيان" بعد تظاهرات حاشدة للمطالبة بتعزيز الديمقراطية شهدتها المدينة العام الماضي تخلّلتها في كثير من الأحيان أعمال عنف.
ويخشى كثر في هونغ كونغ وفي الغرب من أن يوجّه المشروع ضربة قاضية للحريات في المدينة. ونزل الآلاف إلى الشوارع، يوم أمس الأحد، احتجاجا على مشروع القانون الصيني متحدّين قرار سلطات المدينة بحظر التجمّعات في إطار تدابير احتواء فيروس كورونا.
واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين، وحذّر مستشار البيت الأبيض للأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين، من أن إقرار القانون قد يؤدي إلى إلغاء الوضع الخاص الذي تمنحه الولايات المتحدة لهونغ كونغ، والذي يشمل خصوصا مجال التجارة.
لكن وزارة الخارجية الصينية لوحّت بالرد على أي عقوبات تفرضها واشنطن. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية تشاو ليجيان، اليوم الإثنين "إذا ما أصرّت الولايات المتحدة على ضرب مصالح الصين، ستتّخذ الصين كل التدابير اللازمة للتصدي".
وأصبحت هونغ كونغ، عاملًا إضافيًا للتوتر المتصاعد بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، وقد اعتبرت الصين أن النزاع القائم مع الولايات المتحدة يضع البلدين "على شفير حرب باردة جديدة".
ووحّد رفض الصين تلبية مطالب تعزيز الديمقراطية التي رفعها المتظاهرون في هونغ كونغ جهود الحزبين الجمهوري والديموقراطي في واشنطن في هذا الملف، في مشهد قل نظيره في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وتَعتبر بكين احتجاجات هونغ كونغ مخططا مدعوما من الغرب لزعزعة استقرار الصين، وتؤكد أنه لا يحق لأي دولة أخرى أن تتدخل في كيفية إدارة المدينة.
ويقول محتجون شاركوا بالملايين في التظاهرات المطالبة بتعزيز الديمقراطية إنهم يتحرّكون ردا على قضم بكين الحريات في المدينة منذ أن أعادتها بريطانيا في العام 1997 إلى كنف الصين.
وتتمتع هونغ كونغ بحريات موسّعة بالمقارنة مع بقية مناطق البلاد التي يقودها الحزب الشيوعي الصيني بموجب مبدأ "بلد واحد ونظامان" الذي اعتمد عند إعادة لندن المنطقة إلى الصين.
ولهذا السبب يتمتع سكان المنطقة بحرية في التعبير والصحافة وبقضاء مستقل. وهذه الحقوق لا تعرفها مناطق الصين الأخرى. ويرى كثر في مشروع القانون الصيني أخطر مساس حتى اليوم بالحكم شبه الذاتي الذي تتمتع به هونغ كونغ، ومحاولة لنسف حرية التعبير وقدرة المدينة على إعداد قوانينها الخاصة.
ويخشى معارضو النص أن تدرج فقرة فيه تسمح لرجال الأمن الصينيين بإجراء تحقيقات في هونغ كونغ مع نظرائهم في المنطقة. ويرى كثر في ذلك مقدمة لقمع أي معارضة في المدينة.
وفي البر الصيني، عادة ما تكون قوانين مكافحة التخريب أداة لقمع المعارضين. ومن المتوقّع أن يقر البرلمان الصيني مشروع القانون قريبا وهو ما يتيح لبكين الالتفاف على السلطة التشريعية في هونغ كونغ.
ووصفت نقابة المحامين النافذة في هونغ كونغ، اليوم الإثنين، مشروع القانون الصيني بأنه "مثير للقلق"، محذّرة من أنه قد ينتهك دستور المنطقة.
ورحّبت حكومة هونغ كونغ الموالية لبكين بمشروع القانون. وقال وزير الأمن في المدينة جون لي، في بيان إن "الإرهاب ينمو في المدينة والأنشطة التي تضر بالأمن القومي على غرار -استقلال هونغ كونغ- تتزايد".
وتحدّث قائد الشرطة كريس تانغ، عن 14 حالة سجّلت مؤخرًا تم خلالها ضبط متفجرات وقال إن القانون الجديد من شأنه أن "يساعد في التصدي لحركة -استقلال هونغ كونغ- واستعادة الاستقرار الاجتماعي".
وبدأت التظاهرات العام الماضي احتجاجا على مشروع قانون جرى التخلي عنه لاحقا يسمح بعمليات ترحيل إلى بر الصين الرئيسي، لكنّها تحوّلت إلى انتفاضة شعبية ضد بكين وقوات الشرطة.
ورفضت بكين تلبية مطالب المحتجين بفتح تحقيق حول سلوك الشرطة والعفو عن 8500 شخص أوقفوا خلال الاحتجاجات وإجراء انتخابات لاختيار الرئيس التنفيذي للمنطقة.
ومطلع العام خفتت التظاهرات بسبب حملة توقيف للنشطاء وتدابير احتواء فيروس كورونا. لكنها استعادت في الأسابيع الأخيرة بعضا من زخمها السابق، وقد شهدت تظاهرات الأحد مواجهات هي الأعنف منذ أشهر أسفرت عن توقيف 120 شخصا على الأقل.
والعام الماضي شهدت التظاهرات مرارا مواجهات بين المطالبين بتعزيز الديمقراطية في المدينة وموالين للصين. وبثت وسائل إعلام صينية تسجيل فيديو التقط أمس الأحد، يظهر تعرّض متظاهرين بالضرب لمحام.
ونشر رئيس تحرير جريدة "غلوبل تايمز" القومية الصينية هو تشينجين، الفيديو على موقع "تويتر" المحظور في الصين. وعلّق عليه قائلا "انظروا كيف هي الديمقراطية المدعومة من واشنطن في هونغ كونغ".