نشرت صحيفة واشنطن بوست افتتاحية يوم الجمعة، 15 أيار 2020 تحت عنوان "ترامب لديه أسباب قوية لتقييد حكومة نتنياهو الجديدة، وينبغي له فعل ذلك"، استهلتها قائلة إن خطة سلام الشرق الأوسط (صفقة القرن) التي كشف عنها النقاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في شهر كانون الثاني الماضي تدعو، من الناحية النظرية، إلى "إنشاء دولة فلسطينية ضعيفة في نهاية المطاف، شريطة أن يستوفي الفلسطينيون قائمة طويلة ومرهقة من الشروط"، وتسمح لإسرائيل، في المقابل، بضم جميع المستوطنات الـ128 التي شيدتها في الضفة الغربية حيث يعيش معظم الفلسطينيين.
وتقول الصحيفة "يرغب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي من المقرر أن يُعيّن حكومة جديدة يوم الأحد (17/5)، في تنفيذ التوسع الإقليمي على الفور، مع إرجاء بقية الخطة التي رفضها الفلسطينيون. ويتمثل السؤال الذي يطرح نفسه في ما إذا كان ترامب سيسمح له بالقيام بذلك، على حساب ليس فقط مبادرته الخاصة ولكن أيضاً فرص بقاء إسرائيل آمنة وديمقراطية على المدى البعيد، وبالنظر إلى أن جزءاً من قاعدة ترامب يتكون من المسيحيين الإنجيليين المؤيدين بقوة لفكرة "إسرائيل الكبرى"، قد يبدو الجواب واضحا"ً.
وتدعي الصحيفة "غير أن هذا الأسبوع حمل بعض الإشارات الصغيرة إلى أن الإدارة الأميركية ربما تسعى لكبح جماح الزعيم الإسرائيلي. وهناك أسباب قوية للقيام بذلك. فقد وعد نتانياهو الناخبين في حملته الانتخابية الأخيرة أنه سيضم حوالي 30% من الضفة الغربية، بما في ذلك غور الأردن الممتد على طول الحدود مع الأردن. وسيهدد الاستيلاء من جانب واحد على تلك المنطقة استقرار المملكة الأردنية الهاشمية، وهي حليف وثيق للولايات المتحدة كانت تعيش معها إسرائيل في سلام منذ عام1994.
وتحذر الصحيفة "ويمكن أن يدفع الضم، السلطة الفلسطينية، التي تحكم أجزاءً من الضفة الغربية، إلى إنهاء التعاون الأمني الذي كان حاسماً في الحد من الهجمات الإرهابية ضد الإسرائيليين. وقال العديد من المسؤولين الأميركيين السابقين في الشرق الأوسط إن الضم سيجعل اتفاق السلام مستحيلاً. وأعرب العشرات من كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين عن رفضهم للاستيلاء على الأراضي، وكذلك فعل بعض الديمقراطيين الأميركيين الأكثر تأييداً لإسرائيل، بما في ذلك المرشح الرئاسي المفترض جو بايدن".
وتضيف "مع ذلك، يبدو أن نتانياهو عازماً على المضي قدماً. فعند تشكيل ائتلافه مع خصمه الوسطي البارز، بيني غانتز، أصر نتانياهو على بند يسمح له بإجراء تصويت حول الضم في مجلس الوزراء أو البرلمان بعد يوم 1 تموز. ومن المرجح أنه فعل ذلك لأنه يعرف أنه إذا خسر ترامب أمام بايدن، فسوف يتلاشى القبول الأميركي للضم. وقبل غانتز موعد الأول من تموز ولكنه اشترط أن تتصرف إسرائيل "باتفاق كامل مع الولايات المتحدة".
وتوضح الصحيفة "إن ذلك يمنح واشنطن نفوذاً هائلاً، وبدا أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مارس هذا النفوذ بحذر أثناء زيارته القصيرة إلى القدس المحتلة هذا الأسبوع. فبينما كرر أن الضم "قرار إسرائيلي"، أشار بومبيو في مقابلة مع إحدى الصحف الإسرائيلية إلى أن هناك العديد من القضايا الأخرى المتعلقة به -كيفية التعامل مع جميع العوامل ذات الصلة، وكيفية التأكد من تنفيذ الخطوة بشكل صحيح لتحقيق نتيجة تتفق مع رؤية السلام".
وتنسب الصحيفى لأحد مساعدي بومبيو قولها أنه من المرجح أن "يستغرق الأمر... بعض الوقت" لكي تمضي المبادرة قدماً. وتشير هذه التصريحات إلى أن إدارة ترامب قد تطلب من نتانياهو إبطاء تحركاته وضمان أن يكون أي ضم جزءاً من عملية سلام حقيقية تهدف إلى هدف حل الدولتين "وإذا أيّد ترامب هذا المطلب، فلن يكون هناك تحرك إسرائيلي في أي وقت قريب".