ما الذي نعرفه اليوم عن فرص وجود علاج للفيروس القاتل كوفيد 19؟
نعرف من خبراء منظمة الصحة العالمية أن هنالك استثمارات بقيمة تتجاوز الثمانية مليارات دولار لإيجاد تطعيم فاعل للفيروس وأن هنالك العديد من الشركات والدول تعمل معاً لإيجاد هذا التطعيم.
ونعلم منهم أيضا أن بين أكثر من مائة تطعيم يتم العمل عليها، هنالك ثمانية منها قد تكون لها نتائج جيدة لكنها في طور التطوير والاختبار.
وهم يخبروننا أيضا أنه لو حصل وثبت أن أحد هذه التطعيمات الثمانية فاعل ويمكنه تحصيننا من الفيروس، فإننا بحاجة الى ما لا يقل عن 18 شهراً لإنتاج وتوزيع التطعيم على السبعة مليارات إنسان الذين يعيشون على هذه الأرض.
المدة الزمنية الطويلة التي سيحتاجها الإنتاج والتوزيع لها علاقة بتوفير المواد الأولية التي سيتم تصنيع التطعيم منها ولها علاقة بتوفر المعامل لإنتاجه ومن ثم الاتفاق على آليات توزيعه.
المشكلة الأكبر طبعاً أن العد العكسي باتجاه الثمانية عشر شهراً لم يبدأ بعد لأن التطعيم لم يتم إيجاده بعد.
المشاكل الأخرى بعد إيجاد التطعيم تتراوح بين من سيحصل عليه من الدول أولاً؟ وهل سيكون الحصول عليه ممكناً للجميع أم أن الدول الفقيرة التي لا تستطيع شراءه لن تحصل عليه.
في المحصلة يمكن القول إن فترة الـ 18 شهراً قد تكون للدول الغنية بينما الدول الفقيرة قد يتأخر حصولها على التطعيم لسنوات.
العلماء يطالبون بإبقاء الإجراءات التي اتخذت للحد من انتشار الفيروس لوقت طويل وإلى حين اكتشاف التطعيم، وهم يحذرون من موجات جديدة من الفيروس قد تحصد أعداداً أعلى من الأرواح التي فقدت إلى الآن.
المدارس، الجامعات، الحدود، المطاعم، وأي مكان يمكن أن يتسبب في انتشار الفيروس، في تقديرهم يجب أن يبقى مغلقاً. العمل من البيت، الغسيل الدائم لليدين والتباعد الاجتماعي ولبس الأقنعة، يجب أن تستمر باعتبارها أفضل الحلول لمواجهة المرض الآن.
النتيجة، أن هذا الفيروس اللعين موجود معنا ليبقى لسنوات قادمة ولا يبدو أفق قريب للقضاء عليه.
ما الذي نعرفه عن الوضع المعيشي للناس في ظل كوفيد 19؟
لا توجد إحصائيات موثقة من الدولة الفقيرة وإن وجدت فهي غير معلنه. لكننا نشاهد بأعيننا أن الناس لا تكترث بمخاطر الفيروس عندما تشاهد جوع أطفالها وهي تنزل للبحث عن عمل أو تقوم بما كانت متعودة عليه من أعمال لتوفير رزقها.
ونعلم من الدول الغنية التي تقوم بالإعلان عن وضعها الاقتصادي، أن هنالك كارثة حقيقية ستصيبها إن استمر تعطل الأعمال كما هي الحال اليوم.
الولايات المتحدة أعلنت أن لديها 35 مليون عاطل عن العمل خلال الشهرين الأخيرين وأن اقتصادها مع نهاية العام الحالي قد يتقلص بنسبة تتجاوز الخمسة في المائة.
أعضاء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونغرس اقترحوا حزمة مالية على الحكومة الفيدرالية بقيمة ثلاثة تريليونات دولار لتوفير أجور الحد الأدنى للعاطلين عن العمل حتى نهاية العام الحالي، لكن هذه الرزمة المقترحة تم تعطيلها من غالبية زملائهم في الكونغرس الذين رأوا فيها توجها «اشتراكيا» غير مقبول في بلد رأسمالي.
حتى الصين التي يفترض بأنها وبسبب قدرتها على السيطرة على انتشار الفيروس في وضع اقتصادي أفضل، ستتضرر كثيراً بسبب الارتباط العضوي لاقتصادها ببقية العالم.
يمكننا ملاحظة حجم كارثة الفيروس على الاقتصاد العالمي في بعض القطاعات التي توقفت تقريبا كليا عن العمل: الملاحة الجوية مثلاً يستفيد من عملها ماليا بشكل مباشر أكثر من 65 مليون إنسان، منهم 10 ملايين يعملون في شركات الطيران مباشرة و36 مليونا في شركات السياحة وما تبقى في أعمال تعتمد على شركات الطيران.
الطائرات تستهلك 8% من حجم الإنتاج العالمي من النفط يوميا (7.5 مليون برميل) وبقاؤها بلا عمل يعني أن قطاعا آخر، قطاع النفط، الذي يعمل فيه الملايين أيضا قد تضرر بشكل كبير.
في المحصلة الوضع الاقتصادي الحالي كارثي على الدول الفقيرة وعلى الدول الغنية، وبينما يمكن للأخيرة التعايش مع الوضع الحالي لفترة أطول، لا يمكن للأولى الاستمرار فيه.
الدول الغنية أيضا، هي دول رأسمالية حساباتها قائمة على الربح والخسارة وهي لا تستطيع احتمال الخسائر المستمرة لفترات طويلة ولهذا فهي تريد إعادة الحياة لطبيعتها كما كانت الحال عليه سابقا قبل الفيروس.
بعض قادة هذه الدول مثل الرئيس ترامب، الذي يشعر بأن «الفيروس» قد قضى على فرصه في النجاح في الانتخابات لفترة رئاسية ثانية في تشرين الثاني القادم، يريد إعادة الحياة لطبيعتها حتى لو فقدت أميركا أضعاف ما فقدته من البشر الى الآن (اكثر من ثمانين الف أميركي فقدوا حياتهم بفعل الفيروس الى اليوم) لأنه يعتقد أن اي نجاحات اقتصادية إلى حين الانتخابات قد توفر له فرصة للفوز.
هنالك منطقة وسطى.
العودة للوضع السابق كارثي كما يقول العلماء وسيتسبب في خسارة مئات الآلاف إن لم يكن الملايين من البشر لحيواتهم.
البقاء في الوضع الحالي مستحيل. لا الدول الفقيرة تستطيع احتماله ولا بنية الدول الغنية الرأسمالية ستسمح به.
الحل هو ما يقوم به العديد من دول العالم اليوم بفتح الاقتصاد تدريجيا مع الحفاظ على أسس السلامة العامة التي تعتمد على التباعد الاجتماعي والتعقيم وارتداء الأقنعة.
هذا الحل ليس مثاليا بطبيعة الحال، وهو يعتمد على استعداد الناس لتحمل المسؤولية بشكل مباشر وهو لذلك فيه مخاطر كبيرة لأن تصرفات لا مسؤولة يتم القيام بها من شخص واحد في أحد مراكز العمل، قد تتسبب في كارثة صحية لعدد كبير من البشر. لذلك هذا الحل فيه مخاطرة كبيرة، لكن لا بديل عنه.