استنكر مركز الميزان لحقوق الإنسان، الانتهاكات الإسرائيلية والسياسات العنصرية التي تمارسها قوات الاحتلال تجاه العمال الفلسطينيين في أراضي عام 1948، في ظل جائحة كورونا، ما قد يترتب عليه نتائج وخيمة على حياة العمال وذويهم، وباقي المواطنين في مناطق السلطة الفلسطينية.
وأظهر مقطع فيديو نشره أحد العمال الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بإلقاء العامل مالك غانم (29 عاماً)، من بلدة صرة غرب مدينة نابلس، في الـ 23 من آذار من العام الجاري على قارعة الطريق قرب حاجز "بيت سيرا" العسكري قرب مدينة نابلس، بطريقة غير إنسانية بعد الاشتباه بإصابته بفيروس كورونا، حيث كان يعمل غانم في ورشة للبناء في تل أبيب.
وأظهر مقطع ثاني نشره أحد العمال، في 1آذار من العام الجاري، قيام الشرطة الإسرائيلية بطرد العمّال الفلسطينيين من مكان مبيتهم إلى الضفة الغربية، رغم الإغلاق الذي فرضته السلطة الفلسطينية في محافظاتها.
كما تكرر المشهد أكثر من مرة ولا سيما بعدما ألقى مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين، في 12 نيسان، عاملاً فلسطينياً على قارعة الطريق في محافظة سلفيت في الضفة الغربية بعد ظهور علامات الإرهاق عليه، والاشتباه بإصابته بالفايروس.
وسمح وزير الجيش الإسرائيلي نفتالي بينيت للتجار والعمال الفلسطينيين بدخول الخط الأخضر للعمل في إسرائيل وفي القطاعات الحيوية بدءاً من الأربعاء 18/3/2020، بشرط قيام المشغلين الإسرائيليين بتوفير أمكنة للمبيت لمدة شهر أو شهرين، علماً أن رئيس الوزراء الفلسطيني د. محمد اشتية حالة الطوارئ في الخامس من آذار.
ولكن المعلومات تؤكد أن العمال الفلسطينيين يعيشون في أوضاع صعبة للغاية من حيث توافر أماكن المبيت اللائقة، والرعاية الصحية للمرضى منهم، كما أنهم يعملون في ظروف غير إنسانية لا يتوفر فيها الحد الأدنى من إجراءات السلامة الصحية في ظل تفشي مرض كورونا. كما أوضحت التقارير من هناك ومقاطع الفيديو المنتشرة حول إلقاء العمال الفلسطينيين على قارعة الطرق وبالقرب من الحواجز الإسرائيلية، واحدة من أبرز الشواهد على الانتهاكات الإسرائيلية المنظمة وسياسة التمييز العنصري الذي تمارسه تجاه العمال الفلسطينيين واستهتاراً بحياتهم، والذين دفعتهم الأوضاع الاقتصادية الصعبة في الأراضي الفلسطينية للاستمرار في العمل داخل الخط الأخضر وتجاهل النصائح المتكررة من السلطة الفلسطينية بضرورة عدم التوجه للعمل هناك في ظل الوقت الراهن حفاظاً على حياتهم وحياة المواطنين الفلسطينيين في أراضي السلطة الفلسطينية.
وبناءً عليه، أعلن رئيس الوزراء اشتيه، يوم الثلاثاء في الـ17 من آذار، أن على العمال الفلسطينيين العاملين في إسرائيل ترتيب مبيتهم مع مشغليهم خلال ثلاثة أيام، بحيث ستضع السلطة الفلسطينية قيوداً على حركة التنقل من وإلى داخل الخط الأخضر بهدف السيطرة على تفشي الفايروس، وبعد اكتشاف حالات مصابة من العمال العائدين من هناك، إلا أن قوات الاحتلال سهلت عبور العمال من وإلى إسرائيل من خلال فتح عبارات المياه وقنوات الصرف الصحي، في حين أفاد آخرون أن ثغرات عديدة فتحت في الجدار الفصل، وكان يستخدمها العمال الفلسطينيين المعوزين في التنقل دون أخذ الاحتياطات اللازمة ودون معرفة السلطة الفلسطينية لإخضاعهم للفحص، ما يعني الاستهتار بحياة هؤلاء العمال، وضرب كافة الجهود المبذولة من قبل السلطة الفلسطينية للسيطرة على هذه الجائحة ومنع تفشيها في أراضي السلطة الفلسطينية.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد بلغ عدد العمال الفلسطينيين الذي يعملون داخل الخط الأخضر في عام 2019، (133,300) الف عامل، من بينهم (110,400) عامل في إسرائيل، و(22,900) عامل في المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، ما يعني وقوع كارثة حقيقية جراء استمرار تنقّل العمّال الفلسطينيين من وإلى الضفة الغربية، دون الالتزام بقرارات وزارة الصحة التي تفرض الحجر الصحي على العائدين في محاولة منها لمحاصرة جائحة كورونا، لا سيّما بالشكل غير الرسمي الذي تسمح به قوات الاحتلال للعمال من المرور عبر الثغرات الموجودة، حيث تشير أرقام وزارة الصحة الفلسطينية إلى أن غالبية المصابين بالفايروس في الضفة الغربية هم من العمّال الذين كانوا يعملون في إسرائيل أو من المخالطين لهم.