رغم أن النظام السياسي في إسرائيل معقد نوع ما , ويعطي الحرية الكاملة للأحزاب السياسية في قرار تشكيل أي حكومة قادمة , وذلك على حساب إرادة الناخب في إسرائيل , ورغم أن شخصية نتنياهو النرجسية بحد ذاتها , وملفات الفساد المتهم بها , كادت أن تؤدي الي حالة إنهيار بين الأحزاب والساسة والنظام السياسي , ورغم أن القانون في إسرائيل يسمح لنتنياهو البقاء في الحكم , أو يرشح نفسه مرة أخرى طالما لم يصدر بحقه حكم محكمة يدينة بقضايا الفساد , وهذا ما زاد الطين بلة في إسرائيل , إلا أن قطبي الصراع المزعوم في إسرائيل "نتنياهو وغانتس" إستطاعوا الخروج من هذه المعضلة السياسية الكبرى , وشكلو حكومة طوارئ تتسم بالإبتكار والخروج عن المألوف , فهي ثلاث سنوات وعلى شاكلة تناوب في الرئاسة , والأدهى من ذلك أن قرار ضم الضفة الى إسرائيل كان عنوان هذه الحكومة..
إذا إتفق اليهود فهذا يعني وبكل صراحة أن نخسر نحن , فعلى المستوى المعنوي وعندما ينظر الشارع الفلسطيني الى هذا الإتفاق بين اليهود , رغم التعقيدات السياسية والقانونية في إسرائيل , يفقد الشعب مزيداً من ثقته بالفصائل الفلسطينية والساسة والقوى الوطنية , ويدرك تماماً أنهم عاجزين عن الإنتاج الفكري والعملي وثقافة الوحدة .
إذا إتفق اليهود فهذا يعني أيضاً خسارتنا على المستوى المادي , فكل الخلافات بين الأحزاب السياسية في إسرائيل كانت تتمحور حول شخصية نتنياهو , فبالإضافة الى ملفات الفساد فهو متهم بالضعف أمام فصائل المقاومة في غزة , والرضوخ الى شروطها , وحتى لو كانت هذه الشروط لا تخدم إلا غزة بفضل الإنقسام , ولكن اليهود يرون في هذه الشروط , والتسهيلات التي قدمها نتنياهو لغزة بحسب زعمهم , ومن وجهة نظرهم هي ضعف منه , وإهانة لما يسمى بدولة إسرائيل , فإتفاق غانتس ونتنياهو من شأنه أن يرضي الرأي العام والإعلام والساسة أيضاً , وهذا يعني التناوب على مزيد من ضم الضفة , ومزيد من ضم القدس والمقدسات والحرم الإبراهيمي , ومزيد من قرصنة أموال الضرائب , ومزيد من إجراءات فصل غزة عن الضفة , والتي هي مفصولة من الأساس بفضل الإنقسام .
على قاعدة تعلم من عدوك , أتمنى أن يتعلم ساستنا كيف يفكرون اليهود , وكيف يخرجون من أزماتهم , وكيف خرجوا من خلاف إستمر لعام , ونحن لم نستطيع الخروج من خلاف إستمر أربعة عشر عام .