نقل ضابط المُخابرات في الاحتياط، يوني بن مناحيم، الذي تحوَّل إلى مُستشرقٍ، نقل عن مصادر أمنيّةٍ رفيعة المُستوى في تل أبيب قولها إنّ اغتيال قاسم سليماني والتصريحات في إسرائيل حول زعيم حزب الله تثير قلق قادة إيران وحزب الله بأنّ الهدف التالي للاغتيال هو حسن نصر الله، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ حزب الله في نقطة ضعف في أعقاب اغتيال سليماني والوضع السياسيّ في لبنان، وإذا ما أتيحت الفرصة المناسبة، فلا ينبغي تفويت اغتيال حسن نصر الله، على حدّ تعبير المُستشرِق، الذي أضاف أنّ وزير الخارجيّة الأمريكيّ، مايك بومبيو، أوضح هذا الأسبوع أنّ عملية تصفية سليماني تمّت كجزءٍ من إستراتيجيّةٍ أمريكيّةٍ جديدةٍ في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، شدّدّ المُستشرِق في مقاله، الذي نُشِر في موقع (NEWS1) الإخباريّ-العبريّ، على أنّ توجّس حزب الله تنامى بسبب تصريحات وزير الخارجيّة والمُخابرات الإسرائيليّ، يسرائيل كاتس، والذي أكّد أنّ الهدف القادِم للاغتيال هو نصر الله، حيثُ قال في تغريدةٍ على (تويتر)، يوم 13 من الشهر الماضي إنّ اختباء نصر الله لن ينفعه، وفق تعبيره.
وزعم بن مناحيم أنّ نصر الله يعيش بعيدًا عن أسرته التي تعيش أيضًا في ظلّ ترتيباتٍ أمنيّةٍ مُشددّةٍ، وله أربعة أبناء وابنة، واستُشهِد ابنه الأكبر هادي في العام 1997، مُضيفًا أنّه وفقًا للمصادر اللبنانيّة، تحرس نصر الله وحدةً خاصّةً لحزب الله تضم 150 شخصًا مُزوّدةٍ بمعداتٍ أمنيّةٍ متطورّةٍ.
ولفت المُستشرِق الإسرائيليّ إلى أنّ تقييمًا لشعبة الاستخبارات العسكريّة الإسرائيليّة (أمان) يُشير إلى أنّ اغتيال سليماني عزّزّ الردع الأمريكيّ في المنطقة، وأنّه ممّا لا شكّ فيه بأنّ القضاء على كبار قادة “الإرهاب” يعيق عمل وأداء المنظمات التي يرأسونها ويضعفها، ونقل عن محافل رفيعةٍ جدًا في المنظومة الأمنيّة بتل أبيب قولها إنّ نصر الله نفذّ أوامر سليماني بسبب الأموال التي يتلقاها حزب الله من إيران، وأنّ سليماني اجبر حزب الله على البدء في مشروع الصواريخ الدقيقة، ولكنّ الحزب لم يتمكّن من إنجازه، زاعِمًا أنّ عددًا من الصواريخ الدقيقة التي وصلت لحزب الله من طهران ما زالت غيرُ عملياتيّة.
ومضى قائلاً إنّه لا شكّ بأنّ اغتيال سليماني يُضعِف حزب الله ونصر الله، ومع ذلك، لا يزال حزب الله يشكل تهديدًا مباشرًا على الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة من خلال مجموعة الصواريخ الضخمة التي بناها سليماني منذ نهاية حرب لبنان الثانيّة دون توقفٍ، كما أكّدت المصادر الإسرائيليّة الرفيعة.
وادعى المُستشرِق أنّ حزب الله اليوم ضعيف سياسيًا في لبنان، بسبب اغتيال سليماني، وفي هذه الحالة، فإنّ نصر الله غير مهتم حاليًا بمواجهةٍ عسكريّةٍ أخرى مع إسرائيل، ومع ذلك، فإنّ الارتباط بالنظام الإيرانيّ هو مصدر قوّة حزب الله، لأنّه يحتاج للأموال والأسلحة المُتطورّة التي تصِل فقط من طهران.
وتابعت المصادر الإسرائيليّة عينها قائلةً إنّ اغتيال سليماني يُعتبر ضربةً قاسيّةً لإيران وحليفاتها، وقد استعادت واشنطن بعده قوتها الرادعة بالشرق الأوسط، وقد تكون أيضًا فرصة لإسرائيل لإعادة بناء قوتها الرادعة، كما ضعُف محور المقاومة بعد الاغتيال وهذه هي فرصة أمام إسرائيل لإغلاق الحساب مع نصر الله.
ووفقًا لمصادر أجنبية، في 25 آب (أغسطس) 2019، نجحت إسرائيل في إدخال طائرةٍ بدون طيَّارٍ إلى معقل حزب الله بالضاحية الجنوبيّة في بيروت، وهذه عملية جريئة ودقيقة تشير إلى قدرات إسرائيل الاستخباراتيّة والعملياتيّة، بحسب المصادر الأجنبيّة.
جديرٌ بالذكر أنّه في العام 2004 أعلن حزب الله أنّه جرت محاولةً للقضاء على نصر الله من خلال الطعام المسموم، وفي العام 2006 حاولت إسرائيل اغتياله بقصف مبنىً كان فيه، وفي العام 2011، وقع انفجار في مبنىً سكنيٍّ في حيّ الضاحية ببيروت، حيث كان من المتوقع أنْ يلتقي نصر الله مع قادة منظمته وبعد شهر، انفجرت سيارة مفخخة في وسط بيروت، حيث كان نصر الله يُلقي خطابًا، بحسب المصادر الأمنيّة بالكيان.
لقد أظهرت إسرائيل بالفعل أنه عندما تتاح لها الفرصة المناسبة ، فإنها تقضي على قادة حزب الله الإرهابيين ، وتم إقصاء رئيس أركان حزب الله عماد مغنية في عام 2008 ، والتنظيم الرفيع سمير القنطار في عام 2015 ، الذي كانت يديه ملطخة بالدماء الإسرائيلية. لدى إسرائيل القدرة على ضرب نصر الله في مكانه المختبئ أيضًا ، وبالطبع لدى الولايات المتحدة أيضًا هذه القدرات ، لذلك فإن اغتيال قاسم سليماني يمهد أيضًا الطريق لإغلاق الحساب مع حسن نصر الله إذا لم يتم تفويت شروط المخابرات والعمليات.
وكانت إسرائيل قد أعلنت بشكلٍ رسميٍّ وعلنيٍّ أنّ اغتيال السيّد نصر الله سيكون بمثابة تغييرٍ إستراتيجيٍّ في المنطقة، وأنّه سيؤثّر إيجابًا في المساعي الإسرائيليّة للقضاء على التهديد الصاروخي القادِم من حزب الله.