أشارت تحليلات إسرائيلية اليوم، الجمعة، إلى أنه لن يكون بالإمكان التوصل إلى اتفاق أو تفاهمات حول تهدئة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، وذلك بسبب وجود فجوة عميقة بين مواقف الجانبين، فيما تتعالى أصوات في الجيش الإسرائيلي تقول إن جولة قتال ليست مستبعدة رغم أن الجانبين لا يريدانها. وفي هذه الأثناء يقول ضباط إسرائيليون أن التنكيل وسرقة جثمان الشهيد محمد علي الناعم، بواسطة جرافة، مطلع الأسبوع الحالي، ألحق ضررا بصورة إسرائيل وأنه لا يتوقع أن يؤثر تجميع جثامين الشهداء على موقف الفلسطينيين حيال مفاوضات حول تبادل أسرى.
وكتب المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أنه "بنظرة إلى الوراء، يعترفون في الجيش الإسرائيلي، بأن عملية أخذ جثة الناشط في الجهاد الإسلامي، كان بالإمكان تنفيذها بشكل مختلف"، وذلك رغم تباهي وزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بينيت، بهذه العملية وتصريحه بأنه يسعى إلى تجميع جثامين شهداء من أجل استخدامها في مفاوضات تبادل أسرى أو جثث مقابل جثتي الجنديين الإسرائيليين المحتجزتين لدى حماس في القطاع.
وأضاف هرئيل أن "ردود الفعل في الجيش تبدو مختلفة قليلا. ولو عرفنا أن الأمور ستتعقد بهذا الشكل، يقولون في الجيش، لتنازلنا هذه المرة عن هذا المجهود. ’وهذا (المشهد) يبدو سيئا حقا. وأحيانا تخرج الأمور معوجّة".
ولفت هرئيل إلى أنه "يوجد خلاف حول مدى النجاعة الكامنة في ذلك. فحماس لم تعبر حتى اليوم عن قلق خاص إزاء جثث مقاتليها المحتجزة في إسرائيل، وبعضها منذ عملية الجرف الصامد في العام 2014. ويبدو أن احتمال أن يلين قلب يحيى السنوار بعد المصير المحزن لناشط الجهاد الإسلامي ضئيلة أكثر أيضا".
وأضاف هرئيل أن تقديرات الجيش الإسرائيلي تشير إلى أن انتشار صور التنكيل وسرقة جثمان الناعم، دفعت إلى رد الجهاد، وأن الغارة الإسرائيلية في سورية، بالتزامن، زادت من شدة رد الجهاد، بإطلاق قرابة 100 قذيفة صاروخية خلال يومين باتجاه البلدات الإسرائيلية في جنوب البلاد.
والاعتقاد السائد في الجيش، بحسبه، هو أن الجهاد الإسلامي استغلت اقتراب موعد انتخابات الكنيست، وأن الفرصة سنحت لجذب إسرائيل من دون أن تنفلت بردها على إطلاق القذائف الصاروخية. "ويبدو أن اعتبارات الجهاد كانت مجدية. فلم يقتل سوى ناشط واحد منها، الناعم، وحماس لم تتدخل طوال جولة القتال وامتنعت عن إطلاق قذائف صاروخية، ولم تعمل على لجم الجهاد".
"قريبون من تصعيد واسع"
تابع هرئيل أن هذا الوضع "يقربنا أكثر نحو تصعيد واسع من الاقتراب من تهدئة. والرسائل التي نقلتها إسرائيل إلى حماس، عبر الوسطاء المختلفين، طالبتها بحزم أن تلجم الجهاد فور وقف إطلاق النار". وفي المقابل أعادت إسرائيل فتح المعابر ودخول وخروج بضائع وتوسيع مساحة الصيد. "لكن الخطوة الأهم المتعلقة بدخول عمال للعمل في إسرائيل لم تطبق بكاملها".
وتنظر القيادة السياسية والأمنية في إسرائيل إلى حماس على أنها شريكة في التهدئة. ونقل هرئيل عن ضابط إسرائيلي كبير قوله "إننا نقول بشكل مؤكد: حماس تريد تهدئة. وهذه ليست فرضية. فقبل عشر سنوات وضعوا ألغاما قرب السياج الأمني. واليوم لديهم جهاز عسكري كامل مهمته منع الفصائل الأخرى من الوصول إلى السياج. وهم لا يوحون للجهاد كي تعمل. وحماس لم تتنازل عن فكرة المقاومة ضد إسرائيل، لكن لديها اعتبارات أخرى الآن".
وأضاف الضابط أن "علينا التعامل مع معركة عسكرية على أنها سيناريو وارد، ولكن عدم الجري نحوها كحل أولي. فهذه المعركة لن تبدو جميلة أبدا. ولا توجد طريق أخرى. أي حرب لا تبدو جيدة، لكن هذه ستبدو أسوأ. وأنا أعرف الخطط العسكرية جيدا: لا توجد في القطاع أهداف في مناطق مفتوحة. جميع الأهداف العسكرية موجودة في قلب أبراج سكنية أو تحت الأرض. ونسبة الخسائر بين مسلحين وبين مواطنين غير ضالعين لن يكون لطيفا أبدا. ونحن سندفع ثمنا أيضا. وإلى جانب ذلك، فإنه بمجرد انتهاء الحرب، سنضطر إلى البدء بالانشغال بترميم اقتصاد القطاع. وهذه المرة لن نتمكن من الانتظار أربع سنوات، وليس مؤكد أن العالم سيأتي لمساعدتنا. ومن يبيعك حلولا سحرية في غزة لا يعرف عمّ يتحدث".
"فجوات عميقة"
من جانبه، كتب المحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوءاف ليمور، أن تقديرات جهاز الأمن الإسرائيلي، التي تم طرحها خلال اجتماعات مغلقة الأسبوع الحالي، هي أن "صافرات الإنذار ستدوي في غلاف غزة قبل الانتخابات".
واضاف ليمور أن "إسرائيل وحماس لا تريد حربا. وفي كلا الجانبين يعملون كثيرا من أجل الامتناع عنها. لكن الفجوات بين الجانبين عميقة، ويصعب رؤية إمكانية الجسر بينها. فحماس ترى غزة مفتوحة على العالم، تدخل عمالا وبضائع ولكن أسلحة أيضا، وتستغل الهدوء من أجل بناء قوة عسكرية كبيرة تتحدى إسرائيل في المستقبل. وإسرائيل ترى غزة مغلقة، وتحصل على الأمور التي تحتاجها فقط من أجل الترميم الاقتصادي – المدني، ولكنها تمتنع عن أي عمل لتعزيز قوتها العسكرية".
وتابع ليمور أن "كلا الجانبين يواصلان المحاولة، بأمل أقل بالنجاح وتفهم أكثر أن البديل سيء للغاية. وفي نهاية معركة ستبقى غزة مع مليوني سكانها ولا نهائية مشاكلها، وإذا لم يتم التوصل إلى حل في نهايتها، ويشمل حماس أضعف أو بديل لحماس، حيث الأفضل عدم الدخول إلى سيناريو كهذا، يعيدنا إلى نقطة البداية بشروط أسوأ".
ولفت ليمور إلى أن "جهاز الأمن لم يحب الكشف عن زيارة رئيس الموساد، يوسي كوهين، وقائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، إلى قطر. ليس لأن الكشف ألحق ضررا، لكن هذا حدث من النوع الذي يفضل أن يجري بتواضع. وقد كشفت هذه الزيارة ما كان معروفا، وهو أن إسرائيل تفعل أي شيء من أجل شراء الهدوء في القطاع، بما في ذلك دفع دول لا توجد لها علاقات علنية مع إسرائيل من أجل تمويل منظمة إرهابية تريد القضاء عليها".