نجح فريق طبي فلسطيني في مستشفى جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في القدس المحتلة، بإجراء عملية قلب لجنين وهو في رحم أمه، في الأسبوع الثلاثين من الحمل، وكان يعاني من ضمور في البطين الأيسر، في إنجاز طبي هو الأول من نوعه في فلسطين والمنطقة العربية.
وقالت "المقاصد" في بيان صحفي، اليوم السبت، إن الكشف الطبي أظهر بعد أسبوعين على إجراء العملية، بأن الجزء الأيسر من قلب الجنين بات في حالة أفضل، حيث بدأ الدم يتدفق من الصمام الأبهر بعد إعادة فتحه بواسطة بالون تم إدخاله إلى القلب، فيما يشبه عملية قسطرة الشرايين لدى الكبار، لكن بإجراءات أكثر تعقيدا وخطورة، وهو الأمر الذي سيمنح الجنين فرصة أكبر للحياة بعد الولادة.
وأضاف ان العملية هي نتاج تعاون بين أطباء المركز الفلسطيني لجراحة قلب الأطفال في المقاصد، وأطباء قسم النسائية والتوليد ممثلا بوحدة طب الأم والجنين في المستشفى، حيث لجأ الفريق الطبي إلى هذا الخيار بعد اكتشاف استشاري طب الجنين مازن محيسن، وجود عيب خلقي في قلب الجنين في الأسبوع الرابع والعشرين من الحمل.
ولفت إلى أنه بعد اطلاع الأهل على المخاطر التي قد يتعرض لها الجنين أثناء العملية، وعرض الحالة على لجنة الأخلاقيات في "المقاصد"، اتخذ الفريق الطبي قرارا صعبا بالتدخل في قلب الجنين قبل الولادة.
والفريق الطبي الذي أجرى العملية مكون من الاطباء: نبيل ثوابتة، وفراس عبد الجواد، ومازن محيسن، وأخصائيي قلب الأطفال محمد أبو طاقة، ونائل اللحام، إضافة إلى رئيس المركز الفلسطيني لجراحة قلب الأطفال في المقاصد البروفيسور نزار حجة وفريقه الجراحي.
وقام الأطباء بتخدير الجنين من خلال حقن مادة في الحبل السري، بهدف وقف حركة عضلاته، أثناء التداخل العلاجي.
وحددوا مسار "اختراق الرحم والقفص الصدري للجنين وصولا إلى الجهة اليسرى من قلبه"، ومراقبة علاماته الحيوية المختلفة طوال فترة العملية.
وقال ثوابتة: "إن هذا الإجراء يتطلب خبرة كبيرة لأن التدخل الطبي سيجري في مناطق حساسة جدا بالنسبة للأم والجنين".
من ناحيته، أشار أبو طاقة إلى أن طول القلب لدى الجنين لحظة العملية كان 3.5 سم، وقطر الصمام المتضيق كان 4 ملم، ما استدعى استخدام بالون خاص لفتحه، ومن ثم سحب الإبرة والأنبوب المستخدمين في إيصال ونفخ البالون داخل الصمام.
وتم تنفيذ هذه العملية الخطرة والنادرة بينما كان فريقان طبيان من قسم الولادة، وقسم جراحة قلب الأطفال على أتم الجهوزية للتدخل في حال استدعت الحالة ذلك.
واعتبر ابو طاقة أن هذه العملية تمثل بارقة أمل للتدخل في حالات مماثلة وعلاج عيوب خلقية في القلب لدى أجنة قبل ولادتهم، لمنحهم فرصة أفضل في الحياة الطبيعية بعد الولادة.
من جانبه، ذكر البروفيسور حجة أن العملية إجراء نادر ومعقد، ولا يحصل إلى في عدد قليل من مراكز علاج وجراحة قلب الأطفال في أوروبا وأميركا الشمالية.
وثمن مدير مستشفى المقاصد هيثم الحسن هذا الانجاز الطبي الفلسطيني العربي، رغم الظروف الصعبة التي تواجهها المستشفى، مشيدا بجهد الطاقم الطبي وتعاونه لإنجاح هذا التدخل العلاجي النادر.