أثار تزايد وفيات فيروس كورونا الجديد "كوفيد 19"، التي شملت عاملين في مجال الرعاية الصحية وكبار سن في المستشفيات، سؤالًا أساسيًّا: كيف يُصيب الفيروس الجديد المرضى ولماذا يقتل بعضهم؟ وبينما تتغيّر مفاهيم العلماء بشأن الفيروس بشكل مستمر، أبرزت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية بعض الحقائق المهمة عنه.
ووفق دراسة لمسؤولي الصحة العامة بالصين؛ قالت الصحيفة في تقريرها المنشور على موقعها الإلكتروني، إن 80 بالمائة من المُصابين يُعانون أعراضًا بسيطة ويتعافون. واستنادًا إلى الإحصائيات الأولى التي سُجلت مع صعوبة تقدير مُعدّل الوفيات في وقت مبكر من تفشي الفيروس، يموت 2 بالمائة منهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن الفارق بين العدوى القاتلة والإصابة بنزلة برد شديدة رُبما يتوقف على التفاعل بين الفيروس والجهاز المناعي للشخص.
وفي حين لا يزال من غير الواضح بعد كيف يُسبب الفيروس فشلًا في التنفس لدى بعض المرضى، بنى بعض الباحثين فرضيات استنادًا إلى معلوماتهم عن أمراض أخرى مماثلة، بما في ذلك متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (السارس).
يُهاجم الفيروس خلايا المُصابين ويقتلها في جميع الحالات، وتتوقف وفاة المُصابين بناء على مدى استجابة جهازهم المناعي، الذي قد يتأثر بدوره بمعايير العمر والجنس والوراثة والوضع الصحي العام للمريض. وقد يُحدِث الضرر الأولّي الناجم عن الفيروس رد فعل عكسي قوي.
ينتشر الفيروس التاجي عندما يعطس الشخص المصاب أو يسعل، فينشر ذلك الرذاذ في الهواء. وقد يعطس المريض مباشرة في وجه شخص آخر سليم أو ينشر رذاذ العطس أو السُعال على نطاق واسع، بما يؤدي إلى تلوث الأسطح التي يلمسها الأشخاص الأصحاء، قبل أن تنتشر الجراثيم بدون أن يدروا إلى أفواههم أو أنوفهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن العاملين في مجال الرعاية الصحية مُهددون بشكل خاص لأنهم يتعرضون لجرعات عالية جدًا من الفيروس، كما يقومون بإجراءات يتمكن أن تنقل إليهم العدوى - مثل وضع المرضى على أجهزة التنفس الصناعي لمساعدتهم على التنفس.
وبالنظر إلى أن الفيروس مُعدٍ، يُحتمل أن يبدأ في التكاثر داخل الخلايا المبطنة للمجرى الهوائي.
الفيروسات التاجية التي تتسبب في نزلات البرد الشائعة تُصيب مجرى الهواء العلوي، بينما تميل أخرى مثل "سارس" إلى التعمق في الرئتين. وقال ماثيو فريمان، عالم الفيروسات وأستاذ الطب بجامعة ميريلاند، إنه "مع اشتداد قوة الفيروس التاجي، تتبعثر الخلايا الميتة وتتجمع في مجرى الهواء، وهو ما يسبب صعوبة في التنفس".
وفي حال تكاثر الفيروس بسرعة كبيرة، قبل أن تُتاح الفرصة للجهاز المناعي للشخص كي يصدّه، أو إذا جاءت الاستجابة المناعية بعد فوات الأوان، سيُصبح من المستحيل التحكم في الفيروس، وسيزداد هياجًا"، وفق أنطوني فِهر، عالم الفيروسات بجامعة كانساس.
يُشير العلماء إلى هذه الحالة باسم الحالة باسم "العاصفة الخلوية"، والتي تدفع الجهاز المناعي للبدء في إرسال خلايا جاهزة لـ"معركة" داخل الرئة. في هذه المرحلة، لا يتدمر جسم المُصاب بسبب الفيروس فقط؛ إذ يبدأ جهازه المناعي هو الآخر في التخريب والتدمير.
وبناء على المعلومات المُكتشفة عن فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى، يُرجّح أن يكون فيروس كورونا الجديد "مزيجًا من الفيروسات التي تُلحِق الضرر بالمجاري الهوائية، وتسبب التهابات ثانوية، وتتفاعل مع الاستجابة الناعية للمُصاب"، كما تقول إريكا إس. شينوي، أخصائية الأمراض المُعدية في مستشفى ماساتشوستس العام.
الخطر الأكبر خلال المباراة التي تحدث بين الجهاز المناعي وأي مرض تنفسي، يتوقف على تقدم العمر والأمراض المزمنة الكامنة بالشخص، بما في ذلك مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، فيما يتوق خبراء الصحة العامة لفهم المزيد عن الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس الغامض، بحسب الصحيفة.
وقال عالم الفيروسات فهر: "كل شخص يختلف عن الآخر. فهناك فروق في كيفية تفاعل الجهاز المناعي بين الشباب والكبار أو الذكور والإناث".
وفيما لا يزال الغموض يلتف بـ"كوفيد 19"، يُرجّح فاينيت ميناشري، عالم فيروسات بجامعة تكساس، أن يكون مُشابهًا إلى حد كبير بالسارس. فعندما يتعمق الفيروس في الرئتين، يمكن أن يتلف الحويصلات الهوائية، الأكياس الهوائية التي تحتوي على الأكسجين. ومع تراكم الضرر على المستوى الخلوي، تبدأ أنسجة الرئة في التصلب. وفي هذه الحالة يجب على القلب أن يعمل بجهد أكبر للحصول على كمية محدودة من الأكسجين لبقية الأعضاء.
قال ميناشري: "ما يجعل هذا الفيروس الجديد خطيرًا للغاية هو أنك تفقد وظائف الرئة، وهذا يضغط على كل عضو في جسمك".
وحصد الفيروس في غضون شهرين منذ ظهوره في ديسمبر الماضي بمدينة ووهان الصينية أرواح أكثر من 1800 شخص في الصين إلى جانب 6 وفيات في 5 دول أخرى. وأصاب الفيروس أكثر من 75 ألفًا على مستوى 31 دولة بآسيا وأفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط ودول الأمريكتين.