من دروس الرد الايراني لبعض الفلسطينيين أمثالي.. صابر عارف

الأربعاء 15 يناير 2020 05:25 م / بتوقيت القدس +2GMT
من دروس الرد الايراني لبعض الفلسطينيين أمثالي..  صابر عارف



لم يقنعني كثيرا  حجم وفعالية الرد العسكري الايراني على الجريمة الامريكية بقتل الجنرال قاسم سليماني ومن معه ، مع ان الولايات المتحدة الامريكية لم تتعود على رد كالذي حصل على محدوديته ، فلم تتكتم عليه كما ينبغي وابلغت العراقيين الذين لم يعد احد يعرف لون غالبيتهم، كما لم تنزف فيه نقطة دم  امريكية واحدة مقابل بركة الدماء التي صنعتها الصواريخ الامريكية لتغلي بها لحم وعظم بعض ابرز قادة ايران والعراق بمحيط مطار بغداد، ولم يشكل الرد درسا قويا ورادعا لأعداء ايران وخاصة إسرائيل الذي تطاول بالأمس الاثنين وزير خارجيتها يسرائيل كاتس وهدد السيد حسن نصر الله بالتصفية عندما قال منتشيا، بان النزول طابق ثان في ملجأ السيد لن ينقظه من التصفية حال مهاجمته إسرائيل.

كان الرد محدودا ودون توقعاتي مع ان قتل جنرال ايران الميداني الاول في الشرق الاوسط كان مثيرا ومستفزا. لرد قوي ورادع دون التوسع في حرب شاملة ستدفع فيها ايران ثمنا باهظا… كان بالامكان افضل مما كان ودون  التورط في الحرب الشاملة.
علي أن اعترف بانني كنت متفائلا أكثر مما ينبغي، ولكنني لا استطيع ان اقلل كثيرا من قيمة ما تم، وما هو مأمول في قادم الأشهر من قوى المقاومة التي تدعمها ايران وخاصة في العراق المتضرر الاول لان المواجهة الايرانية مع إسرائيل  مؤجلة كما يظهر جليا مع انها مركز وجوهر الصراع، مؤجلة بالرغم من دورها البارز في التحريض والتنفيذ لاتمام عملية مطار بغداد كما اكدت وسائل الاعلام الامريكية المختلفة التي قتل فيها ابرز جنرالات ايران وفي الشرق الاوسط.
كان معلوما لدي ان للدول بما فيهم ايران الى جانب دول التظام العربي حساباتها الأعقد بكثير من حسابات حركات التحرر وفصائل المقاومة، ولم اعول في الماضي ولن اعول في الحاضر والمستقبل كثيرا علي دورهم بدون ضغط شعبي فاعل ومميز عليهم، ولن يغير ذلك ما قاله قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء “حسين سلامي”، إن إيران ستكشف خلال الأيام المقبلة عن “انتصار كبير” على الولايات المتحدة لم تكشفه بعد.
صحيح ان ايران بالغت من مخاوفها واكثرت من حساباتها وتصرفت كما تتصرف غالبية الدول برد محسوب وموزون بميزان الذهب الا انني ما زلت وبقوة شديدة ضد التعامل معها كعدو كما تفعل السعودية ودول الخليج ومعهم طائفيو العرب والاسلام، في محاولة منهم وتلبية لرغبة امريكية لصرف الانظار عن العدو الرئيسي إسرائيل المغتصبة، فهناك فرق واضح بين المغتصب والجار ، ومن الصعوبة بمكان الاخلال بما فرضتة الجغرافيا. كما انني لا استطيع ان اغمض عيني عن رؤية حقيقة التناقض الايراني الإسرائيلي الذي يجب علينا تعميقه الى ابعد حد بما يخدم مصالحنا وليس مصالح اعدائنا.
وما حصل يدفعنا مجددا للتاكيد على اهمية تقوية العامل الذاتي الفلسطيني  المنهار في هذه المرحلة المخزية، فلا يجوز الرهان على العوامل الموضوعية الخارجية الاخرى على أهميتها، أكثر مما ينبغي وقبل اعادة بناء وتصليب وضعنا الذاتي الفلسطيني. الذي من الطبيعي ان يفرض نفسه على ما حوله من محيط عربي وجيراني في الجغرافيا الطبيعية وليس بالغزو والاحتلال الصهيوني.
انه الدرس الأبلغ الذي تعلمته اكثر خلال الأيام الماضية، وفي كل يوم جديد ساتعلم أكثر.
كاتب فلسطيني
Saberaref4@gamil.com