عندما يتعلق الامر بامريكا تحت حكم ترامب، ليس هنالك الغاز، الامور مكشوفة ونابعة من سيكولوجية الرجل التي يتمازج فيها عناصر طاغية من عقلية التاجر الانتهازية مع شخصية تعاني من محتوى عال جدا من النرجسية والتمحور الكامل حول الذات.
المتابع لمسارات الحوار الذي يجري الان في امريكا حول حادثة الاغتيال لن يجد صعوبة في ان يصل الى خلاصات واضحة ومحددة للاجابة على السؤالين الاكثر تداولا في وسائل الاعلام، الاول هو لماذا قرر ترمب اغتيال سليماني في هذا الوقت بالتحديد؟ والثاني كيف سيكون عليه الرد الايراني المؤكد الحدوث؟.
للاجابة على السؤال الاول وانطلاقا من فهم دقيق لسيكولوجية ترامب، ليس هنالك بديلا عن الاعتقاد بان في خلفية هذا القرار الخطير بتصفية سليماني مصالح شخصية لترامب تتعلق بحالتين: الاولى عملية محاكمة ترامب بهدف عزله في الكونجرس والثانية الانتخابات الرئاسية هذا العام، فكل ما يقوم به ترامب او يقوله هذه الايام يرتبط بصورة مباشرة باحدى تلك الحالتين فقط، والدلائل واضحة في هذا السياق.
اما كيف سترد ايران؟.. التي حُشرت في زاوية ضيقة جدا بحيث لا يوجد اي مجال للمناورة الا الرد الموجع للضربة الامريكية التي قتلت احد اهم القيادات الاستراتيجية في ايران والذي يتمتع بقدرات استراتيجية نادرة في عمليتي التخطيط والتنفيذ، والذي تصفه وسائل الاعلام الغربية بانه يتمتع بمستوى ذكاء غير مألوف وقدرات امنية وادارية نادرة جدا.
ايران ليست دولة سهلة من دول العالم الثالث، فهي تتميز بامتلاكها لنظام فعال للفرز النوعي المتقن للقيادات على المستوى الاستراتيجي في الدولة.. وسليماني وظريف وروحاني وغيرهم الكثير امثلة ساطعة على هذه الميزة. بناء على ذلك ليس متوقعا ان ترد ايران ردا متهورا يتيح لترامب استخدام آلته العسكرية الجبارة في تدمير ايران واعادتها الى العصر الحجري.
لذلك سيكون الرد الايراني ابتكاريا على نسق ضرب منشأت النفط السعودية قبل عدة اشهر باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ كروز مجهولة الهوية. هذا النمط من الهجمات (الذي يستخدم الطائرات المسيرة والصواريخ معا) يتم للمرة الاولى في تاريخ الحروب وهو نمط ابتكاري يحدث تدمير هائلا في الهدف الذي يصيبه دون ان يترك اثرا لتتبع مصدر اطلاقه.
لا احد يعلم كيف سترد ايران، المعروف لغاية الان انها سترد ردا مزلزلا، والجميع يسأل: كيف؟
ربما سيحمل الرد ختما ايرانيا مباشرا، وهذا من – وجه نظر الايرانيين مهم جدا- هذه المرة، لكنه قد لا يوجه مباشرة الى امريكا تجنبا لحرب مؤكدة اذا تم ذلك، انما يلحق اذى بالغ بامريكا من خلال مصالحها المادية والاستراتيجية في المنطقة من خللال اطراف ثالثة.
ويظل السؤال حائرا يبحث عن اجابة!.. لكن المؤكد ان بعض العرب سيكون جزء من مكونات الرد، وربما كل مكونات الرد مع الاسف.
ولننتظر ما تأتي به الايام او الاسابيع القادمة..
qatamin8@hotmail.con
استاذ جامعي ومحلل سياسي عربي