فلسطين… التحرير وما بعد التحرير..عماد عفانة

السبت 04 يناير 2020 01:45 م / بتوقيت القدس +2GMT
فلسطين… التحرير وما بعد التحرير..عماد عفانة



وصل اليقين بشرائح قيادية في المقاومة الفلسطينية بإمكانية تحرير فلسطين في السنوات القريبة القادمة، إلى التفكير في تشكيل أجسام للعمل على تأمين مقدرات فلسطين المحتلة بعد التحرير، كي لا تداس تحت اقدام الفاتحين.
ويستشهد هؤلاء بالدمار الذي لحق بالمقدرات التي تركها الاحتلال بعد اندحاره من غزة.
كما أن آية الاسراء حق فتحرير فلسطين آية وإن اختلفنا في تقدير الموعد.
أيا كان فان فلسطين لا يحررها الفاسدون حتى يتطهروا، ولا يحررها المتشرذمون حتى يتوحدوا، ولا يحررها المراهنون على الشرق والغرب حتى يحسنوا التوكل على الله.
أبدع الفلسطينيون في تشكيل الفصائل والأحزاب حتى بات الفلسطيني يعجز عن حفظ أسمائها، لكن فكرة تشكيل جسم للحفاظ على مقدرات فلسطين بعد التحرير تعد فكرة رائدة ومتقدمة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل فلسطين ملك لهذه الجهة أو تلك حتى تبدأ بتشكيل مثل هذا الجسم، أم أن فلسطين ملك للجميع، ملك لشعبها كما لكل الأمة العربية والإسلامية، الأمر الذي يستلزم مشاركة الجميع في هذا الجهد المميز والمبدع.
لكن هل هذا يعني أننا لسنا بحاجة لمن يرفع الراية ويتبنى الفكرة تعريفا وتسويقا ليجمع الكل عليها.!.
بل نحن بأمس الحاجة لمن يرفع راية التقدم في كل ميدان يساهم في تحرير فلسطين وحمايتها.
قد يبادر أحدهم للقول: حرروا فلسطين ثم تحدثوا عما بعد التحرير.
كلام صحيح وواقعي الأمر الذي يفتح نافذة أخرى للإبداع على طريق التحرير من خلال التساؤل:
ولماذا لا يتم تشكيل جسم ليكون عبارة عن مظلة شاملة لتجمع كافة جهود الفصائل والأحزاب الفلسطينية والعربية والإسلامية وكل حر حول العالم، ليشارك في جهد التحرير، لتوزيع الأدوار وتجميع القدرات والإمكانات والكفاءات، وتجنيد ما يلزم من مال وسلاح.
قد ينبري قائل ليقول: لماذا نشكل أجسام جديدة ولدينا منظمة التحرير الفلسطينية والتي تعتبر مظلة جامعة وتحظى باعتراف المجتمع الدولي.
وهذا كلام حقيقي، لكن الحقائق الأخرى تقول إن منظمة التحرير تخلت عن الغاية التي اقيمت لأجلها يوم اعترفت بكيان العدو على 78% من فلسطين التاريخية وفتحت باب التفاوض على الجزء المتبقي، ويوم الغت ميثاقها الثوري بحضور كلنتون وسط غزة، وبالتالي باتت في نظر الكثيرين جسما لا يصلح لأن يكون مظلة فلسطينية وأممية جامعة لجهد التحرير.
 وعليه أعتقد أن التحدي الحقيقي أمام تطبيق هذه الفكرة الرائدة، هي النجاح في تسويقها وترويجها والتنظير لها، فان لاقت الاجماع فلن تعدم الوسائل، وعقول وابداعات وجهود أكثر من مليار مسلم ستكون شريكة في هذا الجهد، لو أحسنا عملية الترويج والتسويق، في عملية قد تكون الأضخم لتسويق الفكرة المستندة على الايمان بالآيات وبالوعد الإلهي.
مع عدم الاهتمام كثيرا بالحصول على شرعية لمثل هذا الجسم فالواقع يصنع شرعيته.
كما أن مثل هذه الأفكار الرائدة يجب الا يقاس فرص نجاحها بتعقيدات الواقع وسوداوية الوقائع.
فكيان العدو ما زال في عامه الـ 72 لاحتلاله أرض فلسطين، يقوم بإنفاق الموازنات المالية الضخمة على عمليات البناء والتشييد، للتجمعات السكنية، والمصانع، والشركات، ومحطات التوليد، وغيرها من رموز وأركان الكيان، والمقدرات النوعية، على حساب دماء شعبنا وآلامه ومعاناته، وليس من الحصافة أن يقوم المحررون لفلسطين بتدمير كل هذه المقدرات، بل من الواجب المحافظة عليها ووضعها تحت سيطرة وخدمة شعبنا العائد إلى أرضه ووطنه، تعويضا عن سنوات الحرمان والاحتلال، الأمر الذي يوجب تشكيل أجسام قوية، ومهنية، ومتخصصة، للحفاظ عليها، تحسن توزيعها، وتتقن إعادة تشغيل المرافق الحيوية والخدمية منها.
كاتب فلسطيني