يتحدث الجيش الإسرائيلي، مؤخرا، وعبر عن ذلك رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، الأسبوع الماضي، حول "تنسيق التوقعات" بين الجيش والجمهور الإسرائيلي بشأن حرب قادة مع حزب الله، ولا يخلو ذلك من مخاوف إسرائيلية.
وكتب المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، اليوم الأربعاء، أنه "بما يتعلق بتنسيق التوقعات مقابل المواطنين بكل ما يتعلق بحرب في الشمال، فإن الجيش بدأ هذه العملية، لكن لا يزال من الواضح للجميع في هيئة الأركان العامة أن أغلبية الجمهور لا يعي شدة الضربة التي ستتلقاها الجبهة الداخلية (الإسرائيلية)".
يأتي ذلك في ظل اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، اليوم، من أجل مواصلة المداولات بشأن تهدئة مقابل قطاع غزة. ووصف يهوشواع ذلك بأنه "نوع من اتفاق تهدئة غير مكتوب، وغايته السماح بهدوء للجيش في الجبهة الجنوبية من أجل تمكينه من الاستعداد للتهديدات الكبيرة في الشمال، مقابل إيران في سورية، وربما أيضا احتمال توسيع المواجهة إلى حزب الله في لبنان. وهكذا فقط ينبغي النظر إلى تأييد قيادة الجيش لهذه التهدئة".
وأضاف أن "هذا الهدوء يفترض أن يكون نوع من تسوية صغيرة، تعيدنا بشكل كهذا أو ذاك إلى الفترة التي أعقبت الجرف الصامد (العدوان على غزة عام 2014) وسبقت بداية مسيرات العودة، في آذار/مارس 2018. وهدف فترة الهدوء هذه ليس حل المشاكل الأساسية لغزة، والثقبين المركزيين سيبقيان: تزايد قوة حماس وقضية الأسرى والمفقودين (الإسرائيليين). ومن شأن التسهيلات للسكان (في القطاع) شراء هدوء وتوجيه التركيز المطلوب إلى الجبهة الشمالية الآخذة بالتطور".
وتحدث كوخافي، الأسبوع الماضي، عن احتمال مواجهة مع إيران والاستعداد للمخاطرة لدرجة حرب مع حزب الله، بادعاء منع تزود الحزب بصواريخ دقيقة. "لكن من الواضح الآن"، حسب يهوشواع، "أن الجيش ودولة إسرائيل لن يتمكنا من التهرب من معالجة الإرهاب القادم من غزة. وحتى لو جلبت التسهيلات الإنسانية هدوءا، فإن حماس لن تتحول إلى حركة شبيبة".
وأضاف أنه "ينبغي الأخذ بالحسبان أن تهدئة كهذه، إذا خرجت إلى حيز التنفيذ، لا تضمن هدوءا في حال فتح جبهة شمالية. بل على العكس، فالأرجح هو الاعتقاد أن الجهاد الإسلامي في غزة على الأقل ستتمكن إيران من استخدامه بشكل متوازي في الجنوب أيضا، وهكذا فإن الطريق نحو تدهور في هذه الجبهة أيضا قصيرة جدا.
ووصف يهوشواع بـ"إخفاق لا يمكن استيعابه" بتحول حزب الله إلى "وحش يهدد إسرائيل بهذا الشكل، وبحوزته 150 ألف قذيفة صاروخية. وهذا عدد غير مسبوق لمنظمة إرهابية، ستتمكن من إطلاق حوالي 1500 قذيفة صاروخية يوميا وأكثر من ذلك أيضا. وقد يسبب دمارا هائلا، وحتى احتلال بلدات في الشمال بسهولة".
ونقل يهوشواع عن قائد سلاح الجو الإسرائيلي، عميرام نوركين، قوله خلال مؤتمر صحيفة "كلكليست" الاقتصادية، أمس، إنه "نحن موجودون الآن في فترة تغيرات عميقة جدا. وهذه فترة بدأت بتغيرات عالمية في السياق الأمني، إلى جانب توتر متزايد في مناطق كثيرة في العالم، مع ارتفاع ميزانيات الأمن في دول عديدة ونابع بالأساس من الإرهاب الذي يميز السنوات الأخيرة وهذا ينعكس ويؤثر على الجيش الإسرائيلي. والحل بنظري لنجاحنا هو التفوق الجوي. هو مفتاح الاستقرار الغقليمي. وعلينا أن نعكس بواسطته قوة وردع وتوجيه ضربات دقيقة، والدفاع أمام القذائف الصاروخية وتمكين الجيش الإسرائيلي من تحقيق غاياته".
وعلق يهوشواع على ذلك بأنه على الرغم من أن "الضربة التي سيوجهها الجيش الإسرائيلي لحزب الله ولبنان ستكون هائلة، إلا أن هذه لن تغير صورة الانتصار. ويتعين على إسرائيل أن تعيد النظر بالتسلح والجهوزية، في بداية عقد جديد. ففي نهاية الأمر، ترميم الاقتصاد من الدمار (في إسرائيل) بعد حرب كهذه سيكون مكلفا أكثر بعشرات المرات من المال المطلوب الآن (لميزانية الأمن)".
وفيما يدعو ضباط حاليون وسابقون في الجيش الإسرائيلي إلى توجيه "ضربة استباقية" ضد لبنان، أفاد يهوشواع بأن "آخرين يعتقدون أنه ليس صائبا استهداف دولة لبنان في الحرب القادمة لأنه لن يكون بعدها من يمكن إدارة ’اليوم التالي’ معه، والتخوف هو أن تدخل إيران إلى هذا الفراغ أيضا".
وأضاف أن الاحتجاجات الشعبية الحالية في لبنان "لا تُبقي لحزب الله تركيز زائد ورغبة في الدخول إلى حرب مع إسرائيل في هذه الفترة، وهذه نقطة ضوء بالنسبة لنا. والمشكلة هي أن إسرائيل موجودة في أزمة سياسية داخلية خطيرة منذ سنة، ولا يوجد إنصات لهذه الأمور. وينبغي عدم الاتكال على آلهة الحظ التي جعلت صاروخ مضاد للمدرعات يخطئ السيارة العسكرية في أفيفيم، في الأول من أيلول/سبتمبر الماضي، وهو حدث كان يمكن أن يجرنا إلى حرب".