ليس من الضروري أن تكون مجرما لكي تدخل السجن في مدينة فورستناو الألمانية، فأولئك الذين يرغبون في قضاء ليلتهم داخل سجن سابق في هذه المدينة الكائنة بشمال غرب ألمانيا يمكنهم تحقيق ذلك مقابل 45 يورو (50 دولارا) في الليلة الواحدة، بل يمكن تخفيض هذا المبلغ ليصبح 37 يورو في حالة مد فترة الإقامة.
ولا تبدو الزنازين الصغيرة فاخرة، ولكن ذلك لا يثني الزوار عن الحضور، ومنذ افتتاح الفندق في أيار 2019، تضمنت نوعية الزوار هواة التجول بين المرتفعات وأعضاء نوادي البولينج، وحتى زوجين فضلا قضاء ليلة الزفاف به.
واستضاف الفندق 140 نزيلا منذ بداية شهر تشرين أول 2019.
ويقول فيرنر برايز، رئيس مجموعة عمل محلية لرعاية آثار والنواحي التاريخية للمدينة، والتي كانت تعمل في تجديد السجن السابق منذ عام 2015، إن "هذا الإقبال على الفندق تم بدون أي نوع من الدعاية".
ويحصل جميع الزوار عند دخولهم الفندق على سترات السجن الشهيرة المخططة باللونين الأسود والأبيض. وفي ذلك يقول جونتر شوبنهاور وهو عضو آخر بالمجموعة المحلية إن "معظم الزوار يرتدون هذه السترات".
بل إن المجموعة تعتزم إتاحة خيار أمام الزوار لنقلهم من محطة القطار إلى الفندق، وهم مقيدون بالأغلال فوق عربة مكشوفة تجرها الخيول، كما تدرس إمكانية إقامة عمود التعذيب الذي كان موجودا في العصور الوسطى، داخل الفندق، بغرض ربط المجرمين فيه وإنزال العقاب بهم.
وتم بناء سجن فورستناو عام 1720، وكان من بين نزلائه كثير من عتاة المجرمين المحكوم عليهم بالسجن، وبينهم قاتل وسارق حصان تم إعدامه في فورستناو عام 1883 وفقا لما يقوله شوبنهاور.
وتم تحويل ست زنازين إلى غرف لاستضافة الزوار، وتم ترك زنزانتين بحالتهما الأصلية حتى يمكن أن يتفرج عليهما السياح أثناء جولات مشاهدة معالم المدينة، كما يقول برايز، وأحدهما كانت زنزانة السجين القاتل قبل إعدامه، والأخرى كانت مكانا للاستحمام.
غير أنه حتى في الزنازين التي تم تجديدها، من السهل إدراك أن الحياة داخل سجن لم تكن تمثل رحلة خلوية لنزلائه في القرنين الـ 18، والـ .19 فقد كانت محاطة بجدران قوية بسمك 90 سنتيمترا، ولم يكن يدخلها إلا النذر الضئيل من ضوء النهار، وكانت تفتقر إلى التدفئة، كما كان لها أبواب خشبية سميكة لمنع السجناء من الهرب.
ويوضح برايز أنه يوجد بالسجن 27 بابا، ويقول بفخر إنه "لم يهرب أحد من السجناء".
ومن الظواهر المستحدثة في ألمانيا خلال الأعوام الأخيرة إقامة فنادق متنوعة وغريبة، وهناك عالم كامل من تلك الخيارات الخيارات العجيبة والرائعة، وبينها فندق غرفه داخل ما يشبه الحظائر المفروشة بالقش، وآخر به أسِّرة على شكل النقانق التي تقدم في عدة أطباق مختلفة في الإفطار، وذلك في قرية ريترسباش الصغيرة بالقرب من مدينة نورمبرج.
ويحب الزوار هذه النوعية من الفنادق لأنها تتيح لهم الفرصة لتعلم شيء جديد، كما يقول رينر بالكه، مدير الرابطة الألمانية للفنادق والمطاعم، والذي يضيف: "هذه النوعية من الفنادق تدعم الأنشطة التجارية في كثير من الأحوال، خاصة في أوقات تكون فيها قطاعات كبيرة من السوق مشبعة".
ويوضح بالكه أنه ليس من الضروري أن تكون هذه الفنادق نتاج أفكار شاذة، ويقول: "أحيانا تكون الأفكار متعلقة بالرغبة في أن ينعم الضيف بالسلام والهدوء، وأحيانا تكون متعلقة بإدخال البهجة على الزوار، وأحيانا أخرى يكون باعثها حب البعض للمغامرة".
وأغرب الفنادق التي سمع بها بالكه عبارة عن مجموعة من أكواخ الإسكيمو التي تقام فوق جبال الألب، ويمكن للنزلاء أن يناموا بداخلها، بل والاستمتاع بوجبة إفطار وسط طقس جليدي، ويعرب بالكه عن إعجابه " بفضول الضيوف الذين دفعوا نقودا مقابل قضاء ليلتهم بهذا الفندق".
ويضيف إن مثل هذه النوعية من الفنادق لا تنافس الفنادق العادية حيث إن التجربة التي تقدمها مختلفة تماما.
غير أن سجن فورستناو لديه شيء مختلف ليقدمه، ليس فقط للسياح محبي المغامرة، ولكن أيضا للزوار الذين يتطلعون لمجرد النزول بمكان ينامون ويتناولون طعام الإفطار به، بحسب قول برايز. وتتيح الأسِّرة التي يبلغ عرض الواحد منها 90 سنتيمترا وطوله 200 سنتيميتر، أعلى درجات الراحة داخل الزنازين قليلة العدد.
بل إن برايز أمضى ليلة داخل إحدى هذه الزنازين، وهو يقول عنها "إنها كانت ليلة هادئة تماما".
واضطر برايز ذات مرة لرفض استضافة زائر، حيث جاء رجل من جنوب ألمانيا وطلب أن يعامل كمسجون يسمح له فقط بمغادرة السجن في أوقات معينة.
ويوضح برايز: "لا يمكن أن نذهب إلى هذا الحد، لأن ذلك سيعد حرمانا من الحرية".