دفع الحصار المفروض على قطاع غزة منذ ما يزيد على 13 عامًا فلسطينيًا من دير البلح، وسط قطاع غزة، إلى أخذ المبادرة بنفسه لمحاولة التخفيف عن المزارعين وغيرهم، في ظل معاناتهم الاقتصادية الكبيرة، من خلال مشروع زراعة "الأزولا"، وذلك لأول مرة في فلسطين.
والأزولا عبارة عن علف يمثل غذاءً مناسبًا للأسماك والبط والدواجن والأبقار والغنم وغالبية الحيوانات، وهي عبارة عن نبات سرخسي يعيش على سطح الماء.
ويعاني المزارعون وأصحاب مزارع الدواجن والحيوانات المختلفة والأسماك التي يتم إنشاؤها في "برك خاصة" من عدم قدرتهم على توفير المبالغ اللازمة لشراء الأعلاف، واضطرارهم للاستدانة من أجل تمكين أنفسهم بتربية تلك الحيوانات وبيعها في الأسواق بأسعار تكاد توفر بعض الأرباح القليلة التي يضطرون في النهاية لاستخدامها لشراء الأعلاف.
ويوضح إبراهيم الزريعي، صاحب الفكرة، في حديث لـ "القدس" أن هذا العلف يُشترى لمرة واحدة فقط، وتعتبر تكلفته قليلة جدًا بالنسبة للتكاليف الكبيرة التي يضطر لدفعها المزارعون وأصحاب مزارع الدواجن والحيوانات، لشراء "أنواع العلف المعروف للعامة".
وبيّن الزريعي أن نسبة البروتين في الأزولا تتراوح من 30 إلى 44%، وزراعة دونم واحد منها تعني توفير من 4 إلى 10 أطنان شهريًا، مشيرًا إلى أنه يمكن استخدامه كعلف للدجاج والبيض وتسمين الأرانب والمواشي والأغنام والأبقار والأسماك، ويستبدل بـ 70% من العلف المركز، كما أنه يعمل على زيادة إنتاج الألبان بنسبة 20%، ولا يحتاج أي تكاليف سوى إنشاء الأحواض فقط.
وأوضح أن فكرة هذا المشروع الأول من نوعه في فلسطين أتت بفعل الأوضاع التي يعيشها المزارعون، الذين يضيع ربح بيعهم للدواجن والأسماك وغيرها، بسبب شرائهم الأعلاف بمبالغ باهظة، ما دفعه إلى البحث عبر الإنترنت عن البدائل، فوجد الأزولا كحل سحري على اعتبار أن تكلفته منخفضة وإنتاجه شبه مجاني.
وأشار إلى أنه حصل على عينة من النبتة ذاتها عبر مهندس زراعي يمتلك حوضاً صغيراً منها، مشيرًا إلى أنه زرعها، وبعد أن نجح فيها قرر توسيع المساحة التي زرعها حتى أصبح لديه الكثير منها في مدة لا تتجاوز عشرة أيام.
وقال الزريعي: "إن انتشار وتوزيع الأزولا يعني أنه أصبح موجوداً حل جذري سيسهم كثيرًا في تجاوز المزارعين لأزماتهم الاقتصادية، وإغلاق المعابر المتكرر من قبل الاحتلال، ومنع إدخال الأعلاف في بعض الأحيان"، مشيرًا إلى أن علف الأزولا صديق للبيئة، وهو بحاجة لمتابعة دائمة من قبل الأشخاص الذين يعملون على زراعته من أجل النجاح في هذه المهمة التي ستوفر الكثير على المزارعين اقتصاديًا وجهدًا.
ولفت إلى أن هذا النبات يعتمد على التكاثر البكتيري، وليس بحاجة للزراعة في كل مرة، وإنما من مرة واحدة فقط، وينتشر وحده، مشيرًا إلى أنه حين يتم جني ما زرع في الحوض، يترك منها جزء فيتكاثر وحده من جديد.
وأوضح أن فكرة زرع الأزولا موجودة قديمًا لديه، لكن المشروع كان بحاجة إلى دعم وتمويل، ولم ينفذه إلا بعد أن تلقى تمويلًا من الصليب الأحمر، مشيرًا إلى أن هذا المشروع سيفيد المزارعين وكل من يربي طيور الزينة والأسماك والدواجن والبيض وغيره، وأنه يمكنهم الاستفادة من المشروع بالشراء بشكلٍ مباشرٍ منه، أو بمساعدتهم على عمل مزرعة خاصة بهم.
وقال إنه سيعمل من أجل تطوير المشروع وتوسعته للوصول إلى كميات كبيرة من الأزولا، ومد كل المزارعين بها، مشيرًا إلى أن هدفه ليس فقط الربح، بل توفير الفرصة أمام المزارعين للاستفادة من هذا النبات الذي سيُدر لهم أرباحًا مضاعفة، وبيع منتجاتهم بأسعار أقل مما هي عليه الآن.