من قال بأن وأد الإناث قد انتهى؟ بقلم: ميسا جيوسي

الأحد 29 سبتمبر 2019 12:44 م / بتوقيت القدس +2GMT
من قال بأن وأد الإناث قد انتهى؟ بقلم: ميسا جيوسي



دعونا نواجه أنفسنا بحقيقة مرة، فكلنا تعلمنا أن جاهلية العرب كانت تمارس وأد الإناث، وهي أن تدفن الأنثى على قيد الحياة لا ذنب لها سوى أن خالقها بعث تلك الروح بجسد أنثى. أنا اليوم اكتب وكلي غضب، وحزن، وألم، لا أجد له مخفف أو مزيل سوى أن أبث كلماتي للملأ علها تصل قلبا تحجر فيلين، أو عقلا غير متزن فأعاد النظر بما يفكر ويرى بحق هذا المخلوق المدعو بالأنثى.

لم اعد احسب الأيام، فهذا الشهر كان حافلا بوأد طال كلتا عيناي مصر وفلسطين. في فلسطين لم يجف دم إسراء غريب ولم تطوى قصتها ولم يحاسب من قتلوها بما يستحقون على جرمهم، وقبل أن نطمر رؤؤسنا بالرمل كعادتنا ونسير كأن شيئا لم يكن، ظهرت لنا صورة وحش ادمي ينهال على طفلته الرضيعة ضربا بحجة انه يعلمها المشي؟؟؟ فما كان من جمهور الغاضبين عبر منصات التواصل الاجتماعي إلا أن وصلوا لهويته وتبين بأنه فلسطينيي مقيم في السعودية، ونال نصيبا بسيطا مما يستحق من عقاب على يد السلطات السعودية.

بعد أيام قليلة عدنا لفلسطين ثانية، لنفزع لقصة امرأة أخرى قيل أنها من مدينة جنين، هشم إخوتها قدميها بمطرقة لأسباب غير معروفة منها ما تناقل بأنها أرادت أن تعمل وهي سيدة مطلقة؟؟؟ لا زالت تعالج في المستشفى ومصيرها لا زال فيه الكثير من الألم...

أما في مصر، فلا زلت أحاول أن أهز رأسي بشدة محاولة طرد صورة جنة وأمنية من دماغي، جنة هي طفلة صغيرة تبلغ من العمر ستة أعوام انفصل والديها فانتقلت للعيش مع جدتها لامها. قام خالها باغتصابها وأختها أمنية، وما كان من الجدة، تلك الوحش البشري إلا أن تحرق جسد حفيدتيها لتغطية جرم ابنها. حرقت أجزاء كثيرة من جسد جنة، ووصلت الطفلة للمستشفى بحالة مزرية اضطرت الأطباء لبتر ساقها، وخرج تصريح الدفن لساق الصغيرة قبل أن تخرج روحها في اليوم التالي، فيلحق جسدها بالقدم التي ركلت بها هذا العالم المقيت ومضت. جنة ليس لها من اسمها أي نصيب، سخرية القدر أن تحيا جنة في جهنم الأرض، في غابة البشر التي أصبحنا نرى ونسمع بها ما يدمي القلب والعين. ركلت جنة هذا العالم المقيت ركلة وسارت لربها تقول: أين العدل؟ أختها أمنية لا زالت في المستشفى، في وضع حرج كما تناقلت الإخبار.

تفاصيل مفزعة لحوادث اقل ما يمكن وصفها بالمروعة نصحو ونغفو عليها كل يوم وكل ساعة، ولا زال في جعبة الأيام الكثير لترينا من جرم يقترف بحق الأنثى بغض النظر عن عمرها ومكان ميلادها وظروف تعذيبها. جرائم كثيرة طواها النسيان وأخرى لم نعلم عنها شيئا وسارت أرواح ضحاياها بصمت لبارييها.

أقف هنا بقلب محترق من شدة الألم لأقول لكل سيدة لديها مولود ولد، أنت مسئولة، نعم، مسئولة بشكل رئيسي عن تربية أولادك الذكور على أن الأنثى هي إنسانة في المقام الأول لها احترامها وحقها في الحياة الكريمة الخالية من أي نوع من أنواع الاستغلال. اصرخ بوجه المشرع، أنت شريك في الجرم، فلا زالت قوانيننا تعامل المجرم على استحياء، فالضحية أنثى لا قيمة لها. اصرخ بوجه رجل الدين، أنت مسئول، أنت تصدح بنصائح بعيدة عن الواقع، كن على قدر مكانتك، وانشر الوعي ما أمكن في قلوب تحجرت واستحالت معها أجساد النساء لساحات مباحة بكل شكل ولون.

أنا اعلم أن أمنياتي بعيدة عن التحقيق، لكني اشعر بالغبن الفاحش وأنا اهمس بسري بعد سماع كل خبر من هذا القبيل، أن "بأي ذنب قتلت"؟.