كان خطاب الرئيس أبو مازن في الأمم المتحدة , حاداً وإيجابياً , ويحمل في طياته رسائل مهمة , سواء للداخل الفلسطيني , أو للإقليم , أو للإحتلال , فكان الخطاب متزامناً مع قبول حركة حماس رسمياً بمبادرة الثمانية فصائل لإنهاء الإنقسام , ودون قيد أو شرط , والتي تحاكي في جوهرها ما قاله الرئيس في خطابه , فلم يعد هناك خلافاً جوهرياً بين السلطة وبين الفصائل وعلى رأسها حماس كما يقول البعض , فكل القوى الوطنية تجمع اليوم على إقامة دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية , وحتى نكون منصفين بإستثناء حركة الجهاد الإسلامي , وحزب التحرير , والتيار السلفي الجهادي , ودون الدخول في تفاصيل لماذا وكيف؟ فهذا ليس موضوعنا..
الرسالة الأولى في الخطاب كانت لإسرائيل : حين قال الرئيس أننا سنقاوم الإحتلال بكل الطرق والوسائل المتاحة , وعلى رأسها المقاومة الشعبية , وكلمة "المتاحة" تعني الكثير , وخاصة أنها على لسان رئيس دولة المؤسسات , ومن أعلى منصة في العالم "الأمم المتحدة" , وقد تعودنا أن نسمع في الخطابات السابقة كلمة المقاومة الشعبية والدبلماسية فقط..
أما الرسالة الثانية فكانت للإقليم : فأكد الرئيس على رفضه القاطع لــ "صفقة القرن" , وأكد أيضا أن الولايات المتحدة لم تعد راعية للسلام , ورافضاً أيضاً أي رعاية فردية من أي دولة , ومطالباً رعاية أممية بهدف عدم الإنحياز لإسرائيل..
والرسالة الثالثة والأهم : كانت للداخل الفلسطيني , ومن ضمنه حركة حماس , فكانت المفاجئة , أن أعلن الرئيس الإعلان عن إنتخابات عامة فور عودته الى أرض الوطن , وهذا بحد ذاته يعبر عن الهدف السامي والرئيسي للمبادرة والتي قدمتها الفصائل الثمانية , ووافقت عليها حماس , وأيضاً الهدف الشرعي والقانوني للشعب , والذي هو مصدر السلطات..
حان الوقت..
من الواضح جداً أنه حان الوقت أن يصافح الرئيس حركة حماس , فليس هناك خلافاً جوهرياً كما أسلفت , ولكن هناك "نتنياهو" والذي يقترب من الولاية الخامسة , وبات الجميع يعلم مخططه , والقائم على سياسة "فرق تسد" , فهو يريد ضم الضفة والقدس , وتحويل دولة فلسطين الى مجرد مسمى وبدون أرض , وتحويل قطاع غزة الى دويلة إقصادية , وهذا بالطبع يتطلب منا أن نقول : ماذا سنفعل بنتنياهو..؟ بدلاً من أن نقول : ماذا سيفعل بنا نتنياهو..؟
لو إجتمعت المقاومة الشرسة في غزة , والتي حركة حماس جزئاً منها , مع العمليات النوعية في الضفة , مع نفوذ السلطة وعلاقاتها ومكانتها ومسمياتها في العالم , والتي فصائل منظمة التحرير جزئاً منها , مع الرأي العام والحراك الشعبي وحركات المقاطعة , ومؤسسات المجتمع المدني , مع السلطة الرابعة " الإعلام" , فلو إجتمعت هذه القوى المتفرقة , وأصبحت قوة واحدة , حينها ستتحول إسرائيل الى خبر كان , وفعل ماضي..
هذا هو الوقت المناسب جداً أن يصافح الرئيس حركة حماس وباقي الفصائل , لأنه هناك إجماع وطني على المصالحة والإنتخابات , ودون ذلك لم ولن يستطيع أحد بمفرده أن يتصدى لسيناريو نتنياهو القادم , والذي حالفه الحظ أن يضع قدمه على أول درجة للوصول الى الولاية الخامسة , فيا ويل غزة والضفة من ما هو قادم , إذا لم يصافحون بعضهم البعض .