قراءة في الخريطة السياسية الاسرائيلية الجديدة..نواف الزرو

الأربعاء 25 سبتمبر 2019 02:20 م / بتوقيت القدس +2GMT
قراءة في الخريطة السياسية الاسرائيلية الجديدة..نواف الزرو



وفق الخطوط والمعطيات السياسية الماثلة أمامنا في المشهد السياسي الانتخابي الاسرائيلي، يمكننا القول بأن الأجندات السياسية لدول المنطقة، سواء فلسطينية أو عربية، وكذلك الاوروبية والأمريكية، كلها مرتهنة في حقيقة الأمر للأجندة السياسية الاسرائيلية سواء الراهنة أو المستقبلية القادمة بعد الانتخابات، وهذه ليست مبالغة، فكل الأطراف المعنية وفي مقدمتهم الفلسطينيون والعرب، جمدت أجنداتها وبرامجها – إن وجدت – ونشاطاتها وفعالياتها السياسية الجادة، ورهنتها قسراً أو طواعية  للمشيئة السياسية الاسرائيلية كما أرادها نتنياهو وأجلها الى ما بعد الانتخابات البرلمانية، والملموس أن كل هذه الأطراف، تقف في هذه المرحلة عاجزة مشلولة راضخة لبلطجة نتنياهو وقراراته الحربية والعدوانية، اما في المفاوضات فقد اعلن منذ زمن طويل عن موت اوسلو، ورفض الدولة الفلسطينية، وعن المزيد من اللاءات المعروفة.
   والمذهل إذا ما توقفنا أمام البعد الاستراتيجي للمسألة، فان كل هذه الأطراف العربية المطبعة والمتفرجة على نحو خاص أخذت تسير وتتأقلم حسب الايقاع الاسرائيلي ووفق الأجندة السياسية الاسرائيلية، حتى دون أن تحث نفسها على وضع أجندة سياسية خاصة تشتمل على بدائل وخيارات أخرى، حال مثلاً نجح نتنياهو مرة أخرى بتشكيل الحكومة الجديدة، وحال مثلاً مواصلته برامجه الحربية والاستيطانية التهويدية وانتهاكاته لكافة القرارات والمواثيق الدولية، بقوة القوة والبلطجة والاستخفاف بكل الآخرين، وحال اصراره على مواصلة الاستعمار الاستيطاني وهذا المرجح فهو يعلن ذلك ليل نهار.
    الى ذلك، فالمؤشرات والاستطلاعات الاسرائيلية المتعلقة بالاحتمالات والسيناريوهات المتعلقة أولاً بمزاج الرأي العام الاسرائيلي، والمتعلقة ثانياً بالسيناريوهات المتعددة للحكومة الاسرائيلية القادمة، والمتعلقة ثالثاً بالأجندة السياسية للحكومة الاسرائيلية القادمة ومواقفها المحتملة تجاه القضايا الكبيرة المؤجلة، كلها  تظهر اننا مقبلون على الارجح على حكومة اسرائيلية تحالفية بين غانتس ونتنياهو اوحكومة ليكودية يمينية دينية استيطانية برئاسة نتنياهو، فالمعطيات التي تؤشر الى التحول اليميني الديني الجارف في المجتمع الاسرائيلي تزداد من يوم ليوم، فهناك المزاج العام للرأي العام الاسرائيلي، وهناك البرامج السياسية للاحزاب التي تتحدث عن نفسها، وهناك السير الذاتية للزعماء الاسرائيليين المرشحين من تنياهو الى غانتس الى يعالون الى لبيد الى ليبرمان وغيرهم.
البرنامج السياسي للحكومة القادمة:
 وتبقى الاسئلة الكبيرة فلسطينيا وعربيا تدور حول البرامج السياسية المحتملة للحكومة الاسرائيلية القادمة بعد الانتخابات:
اما عن البرامج السياسية لاحزابهم،  ف  لن نأتي بجديد حينما نؤكد ان البرامج السياسية للاحزاب وللحكومات الاسرائيلية القادمة إما  برئاسة نتنياهو أو برئاسة غانتس، ستكون استمرارا للبرانامج السابقة، بل ربما سيكون ابعد واعمق واشد يمينية بسبب ظهور احزاب يمينية اشد تطرفا من نتنياهو وغانتس تنافسه على”ارض اسرائيل” والاستيطان وغير ذلك، فعلى سبيل المثال وفي احدث بياناتهم فهم يعلنون في كل مناسبة عن رفض قيام دولة فلسطينية، الى ذلك فان البرنامج الليكودي تحديدا يركز كما هو معروف على الاستيطان والتهويد والحروب الداخلية ضد الفلسطينيين، كما يركز خارجيا على حرف البوصلة الحربية باتجاه ايران وحزب الله، بينما يركز عربيا على توسيع مساحة التطبيع العربي مع كيانهم.
   وبالتالي يمكننا أن نصيغ الخطوط الأساسية للحكومة  القادمة المحتملة كما يلي :
أولاً: لا للانسحاب لحدود حزيران 67 .
ثانياً: لا للدولة الفلسطينية المستقلة.
ثالثاً: لا للانسحاب من غور الأردن .
رابعاً: القدس موحدة عاصمة اسرائيل إلى الابد .
خامساً: من حق اليهودي أن يستوطن في أي مكان يريد في أرض اسرائيل – والضفة جزء منها – أي لا لفك المستوطنات اليهودية .
سادساً: لا لحق العودة لا للاجئين أو للنازحين الفلسطينيين.
سابعا: تحقيق الاجماع الحربي الصهيوني دائما على شطب والغاء الوجود والحقوق الفلسطينية..
    كما انه من الواضح تماماً من خلال الأجندات السياسية المشار إليها سواء لنتنياهو أو لغانتس أو لليبرمان، فإن القواسم المشتركة الأساسية والخطوط الحمراء في القضايا الأساسية والاستراتيجية هي مشتركة بين بينهم جميعا، وإذا ما تحدثنا عن انعدام الفوارق بين الاثنين-اي نتنياهو وغانتس- في الخطوط الحمراء، فإننا نجد ذلك موثقاً في الأدبيات الخاصة بالاحزاب الاساسية، وبعبارة اخرى واضحة: من الخطأ اان نعقد اي مفاضلة ما بين الاثنين او المراهنة على احدهما.
         وفي ضوء كل ذلك فإن الخطوط الأساسية للبرنامج السياسي لحكومة الوحدة الاسرائيلية – إن تشكلت – ستتشكل كما يلي :-
أولاً : القدس موحدة عاصمة اسرائيل وتحت السيادة الاسرائيلية إلى الأبد .
ثانياً : لا للعودة إلى حدود حزيران /1967 – الأمر الذي يعني بقاء واستمرار الاحتلال لجزء كبير من أراضي الضفة .
ثالثاً : لن يجري حل المستوطنات، وستبقى هذه تحت السيادة الاسرائيلية – والحديث هنا عن المستوطنات واسع ومتشعب.
رابعاً : لا لدولة فلسطينية مستقلة ، بالمعنى الحقيقي .
خامساً : لا لحق العودة الجماعية  للاجئين أو للنازحين .
سادساً : لا للانسحاب من هضبة الجولان ، وأن كان حزب العمل قد وافق سابقاً على أن الجولان سورية السيادة ، غير أنها يجب أن تبقى اسرائيلية الأمن.
سابعا:يضاف الى ذلك الاجماع البرامجي السياسي الاسرائيلي ما بين مختلف الاحزاب على مواصلة نهج الاستيطان والتهويد.
   *استخلاصات أساسية
في ضوء كل ذلك، يمكننا أن نضع خطوط مشددة تحت اهم الاستخلاصات:
أولاً : أن الارتهان الفلسطيني والعربي والدولي للمشيئة الاسرائيلية، وكذلك للأجندة السياسية سواء لنتنياهو او لغانتس، ينطوي بلا شك على خلل في الرؤية التحليلية والتخطيط الاستراتيجي، وكذلك على عجز واستخذاء مذهلين.
ثانياً : ليس من المنتظر وفق الأدبيات السياسية الاسرائيلية المقروءة، أن نلمس تغييراً جذرياً أو جوهرياً أو استراتيجياً في الأجندة السياسية الاسرائيلية القادمة، سواء في ظل حكومة برئاسة نتنياهو ، أو أي حكومة ائتلافية اخرى، ونقصد بالتغيير الجوهري أو الاستراتيجي على وجه الخصوص في قضايا القدس والاستيطان والحدود والدولة الفلسطينية والمياه.
ثالثاً : وعلى أرضية ذلك فإن القضايا الكبيرة الجوهرية المؤجلة ستنطوي على طاقة تفجيرية هائلة، فالقدس قضية متفجرة ولا سلام ولا استقرار في المنطقة دون القدس عربية الهوية والسيادة مثلاً، والاستيطان قضية متفجرة كذلك حيث لا سلام ولا استقرار ولا مستقبل فلسطيني مستقل بوجود واستمرار الاستيطان اليهودي الذي يصر عليه المتنافسون، وأيضاً لا حل جذرياً للصراع دون هزيمة الكيان والمشروع الصهيوني، ولذلك ستبقى قضية الانسحاب ورحيل الاحتلال من كافة الأراضي العربية المحتلة متفجرة جداً وهكذا ينسحب الأمر على كل القضايا الكبيرة الأخرى مثل حدود نهر الأردن والمياه والجولان واللاجئين والنازحين .. الخ .
رابعاً : وبذلك تكون الأجندة السياسية الاسرائيلية القادمة واضحة المعالم والخطوط والأهداف والأبعاد والتداعيات الأمر الذي يستوجب بالضرورة مراجعة فلسطينية /عربية أولاً للخطاب السياسي والاعلامي العربي ازاء السياسة الاسرائيلية، ومراجعة للأولويات الوطنية الفلسطينية ثانياً، وخاصة على مستوى ترتيب البيت الفلسطيني وتصليب جدران الجبهة الداخلية الفلسطينية في مواجهة معارك القضايا المؤجلة التي تشكل كلها معاً جوهر الصراع والقضية الفلسطينية.
 خامساً : مراجعة الفلسطينيين والعرب لأسس ومرجعيات وأوراق العلاقة مع الكيان والاحتلال، والعودة على قدر الامكان إلى مرجعيات أكثر صدقية وقوة في القضايا الكبيرة، فهناك على سبيل المثال أكثر من مائة قرار دولي كلها تعتبر القدس مدينة محتلة ، والاستيطان فيها غير شرعي .. الخ.
   فعلى قدر البذل والعطاء والعمل العربي، على قدر ما يفرض العرب –ان جد جدهم- أجندتهم السياسية على العالم وعلى اسرائيل والادارة الأمريكية…؟!
Nzaro22@hotmail.com