هل سيدفع انكشاف إستراتيجية الرئيس ترامب تجاه إيران دول الخليج للتفاوض مع طهران؟ عمر الردّاد

الجمعة 20 سبتمبر 2019 07:32 م / بتوقيت القدس +2GMT
هل سيدفع انكشاف إستراتيجية الرئيس ترامب تجاه إيران دول الخليج للتفاوض مع طهران؟ عمر الردّاد



أعادت العملية العسكرية النوعية التي نفذت ضد أهداف اقتصادية إستراتيجية سعودية،في بقيق وخريص،الحديث حول احتمالات رد عسكري أمريكي على إيران، بوصفها المتهم الأول بالوقوف وراء هذه العملية، رغم إعلان جماعة أنصار الله الحوثية مسؤوليتها عنها،وهو ما قوبل بشكوك عميقة لدى أوساط عديدة،باستثناء إيران .

من الواضح ان الرواية الأمريكية غير متماسكة حول مسؤولية إيران المباشرة عن العملية،في ظل تناقض وتعدد الروايات الأمريكية،وتدحرج الخط البياني لرد الفعل الأمريكي بين التهديد بعمل عسكري ،سرعان ما تحولت حدوده إلى عقوبات اقتصادية جديدة، أكدتها تصريحات ترامب ولاحقا وزير خارجيته بومبيو “اللينة” تجاه حدود رد الفعل الأمريكي،وهي التوصل الى “حل سلمي”مع إيران، فيما تتمسك إيران بروايتها بأن العملية تمت من قبل الحوثيين، في إطار حربهم مع السعودية.

التصريحات الأمريكية والإيرانية المتبادلة قاسمها المشترك أن الطرفين لا يريدان التصعيد ولا يخططان لحرب، وهو ما درجت عليه تصريحاتهما بعد كل العمليات التي نفذت في الخليج، وتم تقييدها ضد مجهول، منذ بدء حرب ناقلات النفط،وصولا لضرب ارامكو، وهو ما يجعل احتمالات ضربة عسكرية ولو محدودة ضد إيران على خلفية عملية أرامكو احتمالا ضعيفا، وان الحدود القصوى للرد لن تخرج عن حزمة عقوبات اقتصادية جديدة.
ضعف احتمالات الحرب ضد إيران أكدته العديد من السياقات، وهي، أولا:انكشاف حدود إستراتيجية ترامب، بعد إقالة مستشار الأمن القومي “بولتون”، وجوهرها ان العقوبات”غير المسبوقة” ستجبر إيران على الذهاب لخيار التفاوض، وأن عض الأصابع والرهان على الوقت مع إيران سيكون بمصلحة أمريكا بالنهاية، وثانيا: عدم التأكد من أن إيران تقف وراء العملية، وهو ما أكدته روسيا بضرورة التريث في توجيه الاتهامات لأية جهة، وبدأ يتسرب في أوساط سعودية وخليجية،تؤكد ان كافة “المؤشرات” تدل على ان إيران وراء العملية، وهو ما يعني بأن جهة أخرى  ربما تكون أمريكا نفسها أو إسرائيل تقف وراء ضرب أرامكو.وثالثا: أن هناك إجماعا دوليا على ضرورة ضبط سياسات إيران وتدخلاتها في الإقليم،، إضافة للشكوك ببرامجها النووية والصاروخية، لكن هذا الاجماع لم يصل بعد لصيغة تحالف دولي على غرار التحالف الذي تشكل ضد صدام حسين في عام ١٩٩٠ عندما احتل الكويت.
ومع ذلك فان ضعف احتمالات الحرب لا تنفي الذهاب لسيناريو متفق عليه بين أمريكا وإيران، يتم خلاله توجيه ضربة مدروسة لأهداف إيرانية غير مهمة، مؤكد ان الحرس الثوري الإيراني،يتطلع لمثل هذه الضربة،لحسابات إيرانية داخلية، يظهر معها الحرس الثوري قدرته على الصمود أمام “الشيطان الأكبر”، لتبرير خطابه التاريخي “الموت لأمريكا وإسرائيل”تسبق مفاوضات إيرانية- أمريكية متوقعة،تدل العديد من المؤشرات على انه تم انجاز الجزء الأكبر منها،من خلال الوساطة الفرنسية، وربما قنوات سرية أخرى ،مباشرة وغير مباشرة،خاصة في ظل مخاوف القيادة الإيرانية من تداعيات العقوبات الاقتصادية، واحتمالات انطلاق انتفاضة جديدة،وهو ما تراهن عليه أمريكا، وتهدد به القيادة الإيرانية.
لقد طرحت ضربة ارامكو،وبصرف النظر عن الجهة التي تقف وراءها ان كانت إيران بشكل مباشر او من خلال وكلاء،أسئلة عميقة على حلفاء أمريكا ،وعلى رأسهم المملكة السعودية حول الحدود التي يمكن ان تذهب اليها أمريكا في الدفاع عنهم، وكيف ان أمريكا بقيادة ترامب يمكن ان تذهب بعيدا بالتعاطي مع الصراع في المنطقة في إطار “الصفقات”،وهو ما يفسر حزمة القرارات المتناقضة للرئيس ترامب، بما يمكن ان تفضي اليه “الصفقات” من “ابتزاز” للخليج، ويشار هنا الى الخطوة التي اتخذتها الامارات العربية بالتفاوض مع إيران، قبل أشهر وعقد اتفاقية أمنية مع طهران، فهل ستذهب المملكة السعودية لاتخاذ ذات الخطوة، مع ما يتطلبه ذلك من البدء بتفاهمات مع طهران حول الحرب في اليمن،فالسعودية أولى بتلك المفاوضات من أمريكا التي فتحت خطوط اتصال مع الحوثيين،مؤكد انها لم تكن لتتم لولا موافقة طهران.
كاتب اردني
oaalraddad@gmail.com