26 عاما من النصب السياسي والخداع الشامل…! نواف الزرو

السبت 14 سبتمبر 2019 05:44 م / بتوقيت القدس +2GMT
26 عاما من النصب السياسي والخداع الشامل…! نواف الزرو



(يقول البروفيسور بن تسيون نتنياهو والد نتنياهو في حديث  للقناة السابعة”، بأن ابنه “يضحك على العرب، وأنه لن يعطي الفلسطينيين دولة، وهو يطرح عليهم شروطا لا يمكن أن يقبلوها: نتنياهو لا يدعم دولة فلسطينيّة، فهو أخبرني خلال أحاديث عائليّة بأنه يكذب على العرب، حيث وضع أمام هذه الدولة شروطا تعجيزيّة لن يقبل العرب مطلقا بأي شرط منها/كما جاء في مقالة للكاتب رشاد ابو شاور/22/7/2009”).

   نعتقد اليوم في ضوء كل ذلك ونحن امام ستة وعشرين عاما من اوسلو مرورا ب مشروع”الرؤية والحلم” و”الخريطة وحل الدولتين-الرئيس بوش”، وقمة واشنطن 2010 -الرئيس اوباما، ثم و صولا الى صفقة القرن الترامبية/2019،  ان كل قصة عملية المفاوضات والسلام والمشاريع والمقترحات التسووية.. وكل قصة “الرؤية” و”الحلم” و”الخريطة” و”الصفقة”، عبارة عن نصب سياسي واكذوبة كبيرة وخداع شامل وتضليل سافر للرأي العام العالمي كله، وللرأي العام العربي على نحو حصري، وللرأي العام الفلسطيني على نحو أخص.
فعلى الارض هناك نتابع كيف يقوم البلدوزر الصهيوني باجتياحات وعمليات القتل والتدمير المستمر لمقومات ومكونات ليس الاستقلال الفلسطيني فحسب، وانما لمقومات ومكونات الوجود والاستمرار على الارض، حيث التدمير الشامل لكافة البنى المجتمعية المدنية الفلسطينية الاقتصادية والتعليمية والثقافية والاعلامية والرياضية وغيرها.
فما بين الرؤية والحلم والخريطة والصفقة من جهة، وبين الوعد والدعم الشامل ومنح الاحتلال ترخيصا مفتوحا بالقتل والتدمير والاغتيالات وبناء الجدران ومعسكرات الاعتقال ومواصلة الاستيطان والتهويد من جهة اخرى، تجري عملية اغتيال الوطن الفلسطيني والحقوق الفلسطينية المشروعة الراسخة، ومقومات الاستقلال الفلسطيني من جهة اخرى.
وما بين “الوعد والضمانات الامريكية لاسرائيل” من جهة، وبين “التطمينات الامريكية التضليلية المخادعة للعرب”، وما بين صفقة القرن الترامبية من جهة اخرى،  تجري عملية تحييد الدور والفعل العربي الحقيقي، لتواصل “اسرائيل” استفرادها بالفلسطينيين وانتزاعها للقضية الفلسطينية من عمقها وتواصلها العربي…
 ففي قصة السلام الاسرائيلي كان الكاتب عبد الفتاح القلقيلي قد اشار في كتابه “الأرض في ذاكرة الفلسطينيين”، إلى “أن: يوسف فايتز (مدير الصندوق القومي اليهودي الاسبق) ذكر في مذكراته، أنه منذ آب 1948 تم الاتفاق أن تشن إسرائيل حملة إعلامية لإقناع الرأي العام العالمي “بأنه لم يعد لدى الفلسطينيين مكان يعودون إليه، وليس أمامهم سوى فرصة واحدة لإنقاذ ممتلكاتهم، وهي بيعها والاستفادة مِن ثمنها، كي يستقروا في مكان آخر/عن تحليل لعلي جرادات في الايام الفلسطينية /2007/3/5 “.
واضاف: “أن بن غوريون ذكر في مذكراته، أن آبا ايبان نصحه في يوم 14-7-1948، بأن لا يلهث وراء السلام، وتكفي اتفاقات الهدنة”، معللا ذلك بالقول: “لأننا إذا ركضنا وراء السلام فإن العرب سيطالبوننا بالثمن، والثمن هو تحديد الحدود أو عودة اللاجئين أو الاثنين معا”.
ومن بن غوريون الى الراهن الاسرئيلي  في عهد نتنياهو حيث كتبت صحيفة هآرتس العبرية”أن أية حكومة إسرائيلية ليس باستطاعتها التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين مهما كان نوع ولون هذه الحكومة”.
وأضافت” انه في حال تحول الفلسطينيون إلى “فنلنديين”  فان أي حكومة لن توقع للفلسطينيين على اتفاق سلام”. واوضحت الصحيفة “إن السلام مع الفلسطينيين يعني الانسحاب من الأراضي المحتلة بما فيها القدس إضافة إلى عودة اللاجئين الأمر الذي لا يمكن أن تقبل به أية حكومة إسرائيلية “.
وكان جدعون ليفي المحلل في هآرتس قد كتب حول هذه الحقيقة تحت عنوان:”اسرائيل لا تريد السلام” يقول: “حانت لحظة الحقيقة، وهذا يجب أن يقال: اسرائيل لا تريد السلام، انتهت ترسانة الذرائع، مخزن الرفض بات فارغا، واذا كان  ممكنا حتى وقت اخير مضى القبول بالكاد بجملة حجج وشروط اسرائيل “لا شريك” و “لم يحن الوقت”، فان الصورة الناشئة الان لا تدع اي مجال للشك، فقناع اسرائيل المحبة للسلام تمزق تماما، ومن الان فصاعدا يقال: لا محبة ولا سلام/ عن هآرتس/”.
ولان هناك خطة لاضاعة الوقت فان اقطاب”اسرائيل” يطالبون الفلسطينيين والعرب على مدار الساعة  بالمزيد والمزيد من الشروط والاشتراطات التطبيعية والاستراتيجية، فاول طلقة اطلقها نتنياهو كانت ان  طالب الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كدولة الشعب اليهودي كشرط للحديث عن حل الدولتي وكالات-“، مضيفا:”إسرائيل تتوقع من الفلسطينيين أن يعترفوا قبل كل شيء بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي قبل أن نبدأ بالحديث عن حل الدولتين”، موضحا: في كل تسوية، يجب أن تحافظ إسرائيل على مصالحها الأمنية، ولكنها عليها أن تضمن أن لا تقود العملية السياسية إلى “حماستان-2″ أخرى في القدس”.
ويذهب نتنياهو ابعد واوضح مخاطبا الفلسطينيين قائلا:” لا تحلموا بالقدس ولا بعودة اللاجئين”، مضيفا في خطاب امام  الكنيست: “أن الليكود يسعى لتحقيق السلام ولكن التاريخ  اثبت أن السلام يتحقق انطلاقا من القوة وليس من الضعف ووفقا لقراءة صحيحه للواقع”.
ليتبين لنا اليوم بعد كل هذه المحطات والادبيات والمشاريع التي يزعم انها”سلامية” انه ليس هناك دولة أو دولتين، وليس هناك في الافق أي نية أو خطة لإنسحاب اسرائلي، ولا حتى “افق سياسي” حقيقي لقيام دولة فلسطينية في المستقبل المنظور بعد ان تدهورت الاوضاع الفلسطينية الداخلية على هذا النحو الذي لم يأت في الحسابات الفلسطينية ابدا .
 وليتبين لنا ان المهمات الملحة والعاجلة جدا على الاجندات الفلسطينية اصبحت تتعلق بكيفية لململة الاوضاع والاوراق الفلسطينية  وبكيفية المصالحة والتعايش الفلسطيني بين الفصائل، وكيف يمكن احباط مشروع الاحتلال  الرامي الى تكريس العزل والفصل والقطع الكامل الشامل بين غزة والضفة، بعد ان كانت تلك المهمات في وقت سابق تتركز حول بناء مقومات الاستقلال والدولة …!
Nzaro22@hotmail.com