عفريت أوسلو ،،، أشرف صالح

السبت 14 سبتمبر 2019 03:18 م / بتوقيت القدس +2GMT
عفريت أوسلو ،،، أشرف صالح



يقولون , لا يجوز على الميت إلا الرحمة , ومع مرور قرابة عشرون عاماً على وفاة إتفاق  أوسلو , إلا أن عفريته لا زال يخرج لنا كلما تذكرنا خطاياه , فنقوم بإستحضاره ليتحمل خطايانا أيضاً , فبالأمس كان عنوان مسيرات العودة وكسر الحصار "فلتشطب أوسلو من تاريخنا" , وفي كل مناسبة يطالب الساسة بشطب أوسلو , علماً بأن أوسلو إنشطبت من تاريخنا وتاريخ إسرائيل أيضاً , عندما قتلها شارون بإقتحامة للأقصى عام 2000 م , وأطلق باراك صواريخ "اللاو" على المشاركين في جنازتها "إنتفاضة الأقصى" , ومن ثم قرر الرئيس الثائر آناذاك ياسر عرفات أن يفتح المجال لمن يريد أن يأتي لنا بما هو أفضل من أوسلو , وتمثل ذلك بدعم إنتفاضة الأقصى , وإطلاق يد المقاومة بكل أشكالها , وتشكيل قوات كتائب شهداء الأقصى , ورغم أنه كان لا يرفض أي مبادرة للمفاوضات , ولكنه جسد ومن خلال فلسفة الصراع مقولة "سلام الشجعان" أي سلام الأقوياء , والتي كان يقولها حتى وهو جالس مع خصمه على طاولة المفاوضات , ومع كل هذا فلا زال المخطؤون يستحضرون عفريت أوسلو لجلسات المحاكمة , في محاولة منهم أن يتحمل عفريت أوسلو كل لائحة الإتهام..

لا شك أن إتفاق أوسلو كان لصالح الطرف الأقوى "إسرائيل" , لأنه يعطي 78% ويأخذ 22% , بالإضافة الى أنه إتفاق مرحلي وليس رزمة واحدة , كي يسهل على إسرائيل أن تلعب بكرت كسب الوقت والمماطلة والتنصل , وضف على ذلك أن بروتوكولات أوسلو الأمنية والإقتصادية كانت فعالة منذ اليوم الأول , وقبل أن يطمئن الفلسطينيون بأن إسرائيل ستفي ببنود الإتفاقة المرحلية , حتى نصل الى المرحلة الأخيرة وهي "دولة مستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية وحق تقرير المصير للاجئين , إما العودة أو التعويض" , ولكن هذا الإتفاق سياسياً وقانونياً وجغرافياً قد إنتهى , وما نراه الآن هو نتاج الخطوة الأولى من هذا الإتفاق قبل أن ينتهي , وهي الخطوة التي حولت قواعد الصراع من خارج الوطن الى داخله , فأصبحنا مقاتلين على أرض الوطن , وفي قوالب عدة "مؤسساتية , وسياسية , وقانونية , وعسكرية" وهي الخطوة التي تطورت الى أن حملت إسم دولة فلسطين , في هيئة الأمم والمجتمع الدولي والمحافل.. ورغم هذه المسميات والتي تعتبر إنجازاً لشعب كان في خبر كان , إلا أن المشكلة الجوهرية لا زالت قائمة , وهي أن الــ22% من الأرض والتي يجب أن نحصلها بموجب إتفاق أوسلو , أصبحت لا تتجاوز الــ10% بموجب قرار إسرائيل  بالقضاء على إتفاق أوسلو , وهذا يعني أننا أصبحنا نملك مسمى دولة ومؤسسات دولة , ولا نملك الأرض .

سيبقى إتفاق أوسلو والذي عاش ضعيفاً وهشاً , وبعد موته أصبح ملعوناً على ألسنة الساسة , سيبقى مثار جدل بين مؤيد ومعارض.. ولكن هناك ثلاث حقائق مهمة  يجب أن يعرفها الجميع , وهي التي ستضع النقاط على الحروف..

أولاُ : جميع الفصائل الفلسطينية  بإستثناء "الجهاد الإسلامي , والتيار السلفي" أكدوا على قبولهم بدولة على حدود الــ 67 , وهذا ما ينص عليه إتفاق أوسلو , إذا , لم يأتو لنا بشيئ جديد , بالإضافة الى أن جميع الفصائل دخلت الإنتخابات وأصبحت جزئاً من مؤسسات الدولة بموجب إتفاق أوسلو .

ثانياً : بعد إنتهاء أوسلو عملياً عام 2000 م , وقرار ياسر عرفات بدعم وتسليح المقاومة , كان الباب مفتوحاً للجميع بأن يأتو بما هو أفضل من 22% , إذا , فماذا حدث؟

ثالثاً : رغم أن إتفاق أوسلو كان هشاً ولا يعطي الفلسطينيين سوا 22% , إلا أن واقعنا الآن هو أقل من ربع إتفاق أوسلو حسب تقديري , ومع ذلك فلا زال بعض الساسة يعتبرون أن إتفاق  أوسلو لا زال حياً , وفي كل مناسبة يقدمونه ككبش فداء لكل خطاياهم .

في الذكرى السادسة والعشرون لولادة أوسلو , والذكرى التاسعة عشر لوفاة أوسلو , أقول أن أوسلو كان إتفاقاً هشاً , ولا يعطينا سوا 22% , ولكن , هل أحد من الفصائل  قدم لنا أكثر من ذالك الإتفاق الهش؟ وهل أحد من الفصائل حرر شبراً من الأرض المغتصبة منذ ذلك الحين الى يومنا هذا؟ , لا أحد , أعظم الله أجركم في إتفاق أوسلو المشؤوم , وننتظر منكم التحرير , وسنكون جنوداً عندكم..