لماذا تنسى المرأة الألم؟ وهل تتحمل الأوجاع أكثر من الرجل؟

الثلاثاء 02 يوليو 2019 12:14 م / بتوقيت القدس +2GMT
لماذا تنسى المرأة الألم؟ وهل تتحمل الأوجاع أكثر من الرجل؟



وكالات / سما /

شعور سيئ انتاب الشابة ماسة رامي -وهي مديرة علاقات عامة في الأردن- إثر سماع صديقة وهي تتحدث عن سهولة عملية الزائدة الدودية وعدم الإحساس بأوجاع تفوق الوصف، خاصة أن التجربة كانت من أصعب التجارب التي عانت منها ماسة قبل العملية وبعدها.

وتتجاوز المشكلة بالنسبة لماسة الوسواس إلى الخوف من الشعور بالألم والبحث عبر الإنترنت عن أسباب الأعراض ومدى خطورة المرض ومراحل تطوره وطرق العلاج، مما يزيد التوتر والقلق.

كما أن محاولات الادعاء باحتمال الألم لأي مرض سبق أن أصيبت به كانت فاشلة، ويبدأ الشعور بالألم أحيانا بعد اكتشاف المرض وحديث الطبيب عن أن الأعراض المرضية لشكوكها مؤلمة.

وقالت ماسة للجزيرة نت إن "والدي وشقيقاتي الأربع لا يتحملون ألم المرض على عكس الوالدة التي لا تحبذ استخدام المسكنات إلا في الأوجاع الشديدة".

ويعتبر مرض السرطان من الأمراض المخيفة، لأن التجارب التي شاهدتها كانت قاسية في ظل العجز عن تقديم المساعدة للمريض الذي قد يتمنى الموت من شدة الألم.

تأقلم المرأة مع المرض

ورغم أن المنسقة الإعلامية رودا حدادين لا تعاني من الوسواس أو الخوف من المرض وتمتلك قدرة جبارة على تحمل الألم كأفراد عائلتها فإنها ترى أنه يجب ألا يتحامل الإنسان على ذاته -حتى إن اتهم بالدلع- كي لا يضر نفسه.

وترى رودا أن المرأة تتأقلم مع ظروف المرض أسرع من الرجل لأنها عملية ولا تضيع الوقت في التفكير بالمشكلة المرضية، وتنشغل بكيفية التعايش مع الألم، على عكس الرجل الذي يعيش فترة طويلة وهو يتحسر على الإصابة بالمرض، وينشغل في التفكير بحالته لأيام عدة ثم يستسلم ويبدأ بالتأقلم.

وتتذكر أن ألم العملية القيصرية في نهاية الشهر الثامن من حملها لم يجعلها تتقاعس عن الاهتمام بطفلها حديث الولادة وقيادة السيارة بنفسها بعد أسبوع من أجل مراجعة طبيب الأطفال.

وتفضل رودا الإصابة بالأمراض المعدية مثل الإنفلونزا -حيث لا يشعر أحد بمرضها- على أن يصاب زوجها الذي لا يستطيع تحمل الألم.

وتعتقد أن التماسك وعدم الخوف أثناء مرض الأبناء ينعكسان على نفسياتهم ويزيد قدراتهم على تحمل الألم.

أسباب الشعور بالألم

وظيفة الألم تنبيه الإنسان إلى وجود خلل ما في الجسم، وينتج بعد تعرض الجسم لمؤثر فيزيائي أو كيميائي، حيث تستقبل الإشارات العصبية للألم وتنتقل عبر الألياف العصبية إلى العمود الفقري ثم الدماغ، وفقا للدكتور محمد بشناق اختصاصي الأمراض الباطنية واستشاري علاج الألم والرعاية التلطيفية.

وهناك نوعان من الألم هما "الحاد" يستمر من ساعات إلى أيام، و"المزمن" يستمر من شهور إلى سنوات.

وتشير الدراسات إلى أن نحو 60% من الاختلافات بالشعور بالألم بين الناس هي نتيجة لخصائص جينية وراثية، مما يعني أن الحساسية تجاه الأوجاع متوارثة داخل العائلات من خلال وراثة الخصائص الجينية بينها، كما توصل باحثون إلى أن الذكريات المؤلمة وتجارب الآلام السابقة تؤثر في مدى الشعور بالألم.

قدرة المرأة على التحمل

وكشفت دراسة كندية أجرتها جامعة ماكجيل ونشرت في صحيفة "ذا صن" البريطانية أن النساء أقوى من الرجال في تحمل الألم، وأنهن يتعاملن مع الألم بشكل أفضل من الرجال، وذلك بسبب كيفية تذكر الجنسين آلامهم الماضية بشكل مختلف.

وبينت الدراسة أن النساء ينسين آلامهن، في حين أن الرجال لا ينسون، وهكذا عندما يتعلق الأمر بمواجهة الألم نفسه مرة أخرى، حيث يكون الرجال أكثر توترا وحساسية لهذا الألم مقارنة بالنساء.

من جانبه، أشار الدكتور محمد إلى أن لدى المرأة هرمونات معينة تساعد على التأقلم وتحمل الألم أكثر من الرجل.

طرق التعامل مع الأوجاع

ويمكن التعامل مع الألم بالعلاج الدوائي من خلال استخدام المسكنات ومضادات التهاب الأعصاب والأدوية المخدرة وفق رأي الطبيب المعالج المبني على الحالة المرضية، أو من خلال العلاج غير الدوائي ويعتمد على الخيال الموجه والاسترخاء والتنويم المغناطيسي والعلاج بالموسيقى والقرآن والتأمل والإبر الصينية.

كما توفر جلسات علاجية خاصة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل ألم المفاصل وخشونة الركبة والديسك والأعصاب، مثل إبر البلازما وإبر الزيت وتستخدم لألم خشونة الركبة، وإبر الكولاجين لعلاج ألم الأعصاب وألم العضلات، والليزر والموجات الكهرومغناطيسية لعلاج آلام أسفل الظهر، وإبر البوتكس لعلاج ألم الشقيقة وآلام العضلات المزمن.

وتحقن مواد خاصة في العمود الفقري لعلاج ألم الديسك وانزلاق فقرات الظهر الذي يؤدي إلى ألم شديد في الأعصاب.

أخطاء شائعة

ويؤكد الدكتور محمد أن من الأخطاء الشائعة امتناع البعض عن تناول مسكنات الألم بسبب الخوف من الإدمان عليها أو بسبب القلق من حدوث مضاعفات سلبية بعد تناولها لفترة طويلة.

والصحيح أن تحمل الألم وتجنب تناول الدواء يؤديان إلى مضاعفات أكثر من المضاعفات التي يتعرض لها المريض عند استخدام الدواء، وذلك ناتج عن أن تحمل الألم يؤثر سلبيا على الحالة الجسدية للمريض، ويحد من قدرته على أداء نشاطه المعتاد، وقد يؤدي إلى أثر نفسي خطير.

لذا على الإنسان الذي يعاني من الأمراض المزمنة ومرض السرطان تناول الدواء الموصوف من قبل الطبيب وضمن الجرعات المحددة من أجل السيطرة على الألم دون التعرض للأعراض الجانبية أو المضاعفات التي تزيد الألم.