في الوقت الذي تشهد فيه الساحة السياسية والحزبية الإسرائيلية حالة من تبادل الاتهامات بشأن اتفاق التهدئة مع حماس، واعتبار ذلك خضوعا أمام الحركة، تحدث بعض الخبراء والأكاديميين الإسرائيليين عن ذلك.
وقال البروفيسور أفرايم عنبار، رئيس معهد القدس للأبحاث السياسية، إن "قادة حماس يجب أن يخشوا على أنفسهم من سياسة الاغتيالات؛ لأن إسرائيل ستحصل على الهدوء حين تجبي من حماس أثمانا باهظة، لا يهمنا كثيرا أوضاع الفلسطينيين في غزة، لكننا يجب أن نؤلم حماس نفسها".
وأضاف في مقابلة مع موقع القناة السابعة التابع للمستوطنين، أنه "رغم ما يشهده الكابينت المصغر من تبادل اتهامات وتوترات داخلية، لكن يجب الإدراك أن قضية غزة مرض مستعصي، ولا حل فوريا له، حماس في غزة لن تختفي، وليس لدينا مصلحة في إسقاطها نهائيا".
وأكد أن "ثمن إسقاط حماس سيكون كبيرا، وخلال وقت قصير ستخرج قيادة جديدة للحركة التي تحظى بشعبية كبيرة بين الفلسطينيين، ويحب التذكر أنها وصلت السلطة بانتخابات ديمقراطية".
وأوضح أنه "عند الحديث عن حل لمشكلة غزة، يجب الابتعاد عن أوهام الحلول الفورية والقطعية، نحن نريد هدوءا في غزة بغض النظر عن أي صيغة مفترضة، حتى لو كانت هدنة مؤقتة، لكن تحقيق الهدوء يتطلب أن تدفع حماس ثمنا باهظا كي يكون لها مصلحة في تحقيقه، الحركة تحب قتل اليهود وإيذاءهم، ولذلك يجب منعها من هذا؛ عبر الإضرار بها، وعلى ما يبدو فإن إسرائيل لم تحقق للحركة ما يكفي من الأذى والضرر".
وأشار إلى أنه "يجب الاقتراب من المساس بقدرات حماس المدنية والعسكرية، والإظهار لها أن الوضع في غزة يقترب من الكارثة الإنسانية، صحيح أن الحركة تسير معنا على حافة الهاوية، ما يتطلب منا الوصول معها لمرحلة الضغط الكامل على المواطنين والاقتصاد الغزاوي، وللأسف فإن الجيش الإسرائيلي لا يظهر بما فيه الكفاية من أدوات الضغط والألم على حماس".
وأكد أن "الجيش لو قدم للكابينت المصغر مقترحات عملية لاستجاب لها المجلس الوزاري؛ لأنه في النهاية من يتخذ القرارات، في حين أن الجيش مهمته تقديم مقترحات تهدف لإيذاء حماس، والإضرار بها".
وختم بالقول إن "إسرائيل ليست قوة عظمى، ولا تستطيع التصرف مع غزة كما فعلت الولايات المتحدة في أفغانستان وروسيا في الشيشان، يحب الأخذ ذلك بعين الاعتبار دون التنازل عن استهداف حماس بصورة مؤذية، وأهمها أن يدرك قادتها أنهم على قائمة الاغتيالات الإسرائيلية".
آساف غولان، الخبير الإسرائيلي في الشؤون العربية، حاول الإجابة عن تساؤلات التهدئة الجارية بين حماس وإسرائيل، من خلال إجراء مقابلات مع عدد من الخبراء الإسرائيليين نشرتها صحيفة إسرائيل اليوم.
يهودا بلانغا، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط بجامعة بار-ايلان، أكد أن "التهدئة ستنتهي بانفجار في غزة، رغم أن حماس معنية بها؛ لأن الوضع في غزة صعب للغاية، ورغم استمرار المسيرات الأسبوعية، لكن إسرائيل لا تجد ضغوطا دولية تمارس عليها لتحقيق مطالب الفلسطينيين، ما يجعل الحركة مستعجلة لتوقيع التهدئة".
وأوضح أن "حماس لن تكون قادرة على كبح جماح باقي التنظيمات في غزة، وفي هذه الحالة فإن إسرائيل ستهاجم أهدافا لحماس؛ لأنها رب البيت، ما سيضطر الحركة للرد، ما يعني أنه في حال تم التوصل لتهدئة فإنها سرعان ما سيتم خرقها، ولذلك فإن حماس وإسرائيل تعلمان جيدا أن المواجهة الشاملة قادمة لا محالة، لكنهما تسعيان لأن تقع بعد أن يظهر كل طرف لداعميه أنه استنفد كل الإجراءات المطلوبة".
المستشرق مردخاي كيدار، الباحث بمركز بيغن-السادات للدراسات الإستراتيجية، هاجم بقوة اتفاق التهدئة، قائلا إن "إسرائيل تعمل ضد مصالحها، وتخدع مواطنيها، رغم أنها تعلم أن حماس سعت للتهدئة بعد تراجع التمويل الإيراني عنها بسبب العقوبات الدولية عليها، مع أن هذا الوقت المناسب اليوم للطلب من حماس إعادة الجنود والمفقودين لديها".
وأضاف أنني "قلق من تفاصيل اتفاق التهدئة الذي يشمل إقامة ميناء فلسطيني في قبرص، التي تبعد 250 كيلومترا عن البحر، وأسأل: من سيرافق هذه السفن القادمة إلى غزة، ومن يضمن ألا تتوجه إلى لبنان لتحميلها ببضائع أخرى".
وختم بالقول: "من يضمن ألا تنشئ حماس خلال سنوات التهدئة مصنعا لإنتاج الصواريخ القادرة على أن تطال كل مساحة إسرائيل من رأس الناقورة إلى إيلات، أو تقوم بإنشاء أنفاق هجومية جديدة، كل ذلك يجعل إسرائيل لا تسارع في التوقيع على الاتفاق قبل معرفة تفاصيل التفاصيل".