أكد منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام فى الشرق الأوسط، نيكولاى ملادينوف، أن الأمم المتحدة تدعم جهود مصر لتحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، موضحًا أن زيارته إلى القاهرة لسببين، أولهما تأييد جهود مصر لتحقيق المصالحة وإعادة حكومة الوفاق والسلطة الفلسطينية للسيطرة على قطاع غزة، فضلا عن طرح خطة للتخفيف عن أبناء الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة.
وقال «ملادينوف» فى أول حوار لصحيفة مصرية، اختص به «اليوم السابع» على هامش زيارته الخاطفة إلى مصر، إن الصراعات الفلسطينية الداخلية مدمرة للقضية لأن الحقيقة الراسخة خلال العقد الماضى أن الفلسطينيين فى الضفة الغربية وغزة والقدس يعانون من أوضاع صعبة، خاصة الانقسام بين الأجيال الناشئة خلال هذه الفترة، داعيًا حركة حماس للقبول بحل الدولتين ونبذ العنف وقبول المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، مشددًا على ضرورة أن تقبل حركة فتح بالشراكة بين جميع الفصائل بناء على اتفاق واحد يجمعهم.
وفيما يلى نص الحوار..
ما هو سبب زيارتك إلى القاهرة؟
كنت فى زيارة إلى مصر للقاء عدد من المسؤولين ومناقشة الوضع فى غزة الذى بات مقلقًا، فالأمم المتحدة تحاول بذل قصارى جهدها لدعم الجهود المصرية لتحقيق المصالحة بين الفصائل، والحقيقة كانت لقاءات جيدة للغاية وهذه ليست أول زيارة إلى مصر، فأنا أزور القاهرة لمتابعة جهود مصر لتحقيق المصالحة وإعادة حكومة الوفاق والسلطة الفلسطينية للسيطرة على قطاع غزة.
ما هى رؤيتكم لإعادة السلطة الفلسطينية لطاولة المفاوضات فى ظل العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة؟
الأمم المتحدة كانت واضحة.. السبيل الوحيد لحل الصراع بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى ضرورة إعادة الفلسطينيين والإسرائيليين معًا للجلوس على طاولة المفاوضات، لتحقيق حل الدولتين عبر المفاوضات، ويتم إنشاء دولة فلسطينية وأخرى إسرائيلية يعيشون جنبًا إلى جنب فى سلام وأمن، وذلك على أساس قرارات الأمم المتحدة، وضرورة أن القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية وهذه هى الأسس الرئيسية لتفعيل عملية السلام بين الجانبين.
وعلى الجانب الأمريكى أن يعى أن ذلك هو السبيل الوحيد لإعادة الفلسطينيين لطاولة المفاوضات، وأتمنى إعادة شراكة وتعاون الولايات المتحدة فى دعم أبناء الشعب الفلسطينى، حيث يعانى الفلسطينيون من تحديات عدة فى قطاع غزة، فضلًا عن الصعوبات الاقتصادية المعقدة فى الضفة الغربية وأزمة اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون فى المخيمات فى ظل تهديدات بتخفيض واشنطن للمساعدات المالية، لذا أتمنى أن يكون هناك مزيد من الجهود الدولية لإعادة جميع الأطراف لطاولة المفاوضات مجددًا وبشراكة من جانب مصر.
ما هى التنازلات التى يجب أن تقدمها واشنطن لإعادة الفلسطينيين لطاولة المفاوضات؟
هناك الكثير من الأمور التى حدثت منذ نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وهو التحرك الذى كان له عواقب فى العلاقات بين الأمريكيين والفلسطينيين، خاصة فيما يتعلق بالدعم المالى الذى تم تخفضيه وأيضًا تخفيض مساعدات أخرى تتعلق بالفلسطينيين التى أتمنى أن يتم إعادتها مرة أخرى لإيجاد سبيل لإعادة الأطراف مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات، لكن يجب أن يكون ذلك على أساس قرارات الشرعية الدولية وتوافق المجتمع الدولى على كيفية حل الصراع بين الجانبين.
بذل جون كيرى جهودًا كبيرة خلال توليه حقيبة الخارجية الأمريكية.. إلى أى مدى سيكون دور كوشنر مختلفًا؟ وهل ترى أن دوره سيكون أكثر فاعلية؟
كل طرف دولى لديه دور يلعبه وليس فقط الولايات المتحدة، وإنما أوروبا أيضا تبذل جهودًا للمساعدة فى إعادة الجانبين للتفاوض، خاصة فى وقت نحتاج فيه رؤية لتغيير الأوضاع على الأرض لتكون المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى ذات جدوى، فتسريع وتيرة بناء المستوطنات فى الضفة الغربية مرفوض من المجتمع الدولى لكن الأمر لا يتعلق فقط ببناء المستوطنات لكن هناك إنكار لحقوق للشعب الفلسطينى، وحقيقة أنا قلق جدًا للتطورات التى جرت خلال الأسبوع الماضى فى قرية خان الأحمر فى القدس، وهو ما يعقد ويغير الأوضاع على الأرض فى الضفة الغربية.
وهناك جانب آخر على الأرض وهو التوجه والتركيز على العنف وهو أمر خطير للغاية، فكلما توسعت الرقعة الاستيطانية تزداد وتيرة العنف بين الجانبين.
الجانب الثالث الذى أتحدث عنه وهو أمر خطير جدًا وهو الوضع فى قطاع غزة، فخلال السنوات العشر الماضية الحكومة الفلسطينية الشرعية لم تكن تسيطر على غزة، وسيكون من المهم للغاية لتكون المفاوضات ذات جدوى أن تستعيد حكومة الوفاق الفلسطينية عباس على القطاع مرة أخرى، وإذا استطعنا التغلب على التحديات الماضية وبناء ثقة بين الجانبين عندها ستكون المفاوضات فاعلة.
هل ترى إمكانية تحقيق مفاوضات فاعلة بدون مشاركة حركة حماس؟
لا أعتقد أنه سيكون هناك مفاوضات حقيقية بدون قطاع غزة لأنه لا يمكن أن يكون هناك دولة فلسطينية بدون غزة، ولابد من توحيد غزة والضفة الغربية تحت حكومة واحدة، وهذا يعنى أن حماس وفتح والفصائل المختلفة فى حاجة إلى إيجاد سبيل لحل خلافاتهم والعودة إلى إطار شرعى تحت قيادة وطنية فلسطينية، فجميع الفصائل يجب أن يكون لها دور وهذه عملية صعبة.
لقد بدأت مصر فى أكتوبر 2017 بقيادة عملية مصالحة مهمة بين الفصائل، لكن قبل أشهر توقفت هذه الجهود، وأتمنى إعادة إحيائها خلال الأيام والأسابيع المقبلة لأنه أمر حيوى ومهم لمستقبل الشعب الفلسطينى.
كيف تقيم الدور المصرى بشكل عام؟
مصر تلعب دورًا إيجابيًا للغاية، خاصة خلال الأشهر القليلة الماضية وتحديدًا على صعيد أمرين، أولهما فتح معبر رفح البرى، وهو أمر مهم للغاية لحركة المواطنين الفلسطينيين فى قطاع غزة، وقد تم فتحه بشكل كامل فى شهر رمضان فمعبر رفح شريان حياة لأهالى قطاع غزة لأنهم يواجهون أوضاعًا معقدة للغاية، والأمر الآخر وهو المصالحة الفلسطينية بين حركتى فتح وحماس فمصر تدرك أنه بعد 10 سنوات بين غزة والضفة الغربية يجب ضرورة بناء جسور للعودة مرة أخرى لتوحيد صفوف الفلسطينيين تحت حكومة واحدة ونظام واحد غير شرعى وحكومة تسيطر على الأسلحة، لكن هذا يحتاج أن يتحقق بخطوة تلو الأخرى.
ما هو مشروعك الذى تحمله للتخفيف عن قطاع غزة؟
هذا هو سبب وجودى فى القاهرة اليوم لإجراء مشاورات مع المسؤولين المصريين لمناقشة مبادرتنا الخاصة بغزة لأننا قلقين من تدهور الأوضاع فى قطاع غزة بشكل متسارع ، الفلسطينيون فى غزة لا مال لديهم أو وظائف وهناك أزمة مياه الشرب، فضلا عن المعاناة فى النظام الصحى والضغوطات الكبيرة سواء فى قطاع الكهرباء التى تعمل لمدة ساعات قليلة يوميا، الناس يعيشون أوضاعا سيئة للغاية، لذا أريد التركيز على جانب المساعدات الإنسانية، لكن علينا أيضا أن نعترف أن هناك جانبا سياسيا يتمثل فى الوحدة الفلسطينية، وأريد مساعدة الناس من الجانب الإنسانى ونريد أيضًا حل الأزمة السياسية ولحل هذه الأمور لابد من التركيز على مشروعات عاجلة لمساعدة أهالى غزة لحل أزمات الكهرباء والمياه وخلق فرص عمل، وعبر هذه المشروعات يمكننا أيضًا دعم جهود مصر لتحقيق المصالحة الفلسطينية.
وأعتقد أن لدينا خطة جيدة وتم التشاور حولها مع جميع الأطراف سواء من السلطة الفلسطينية أو مصر أو إسرائيل والدول المعنية، وهو ما سيمنع نشوب حرب أخرى فى قطاع غزة لأن المهمة العاجلة اليوم هو منع حرب أخرى فى قطاع غزة، الفلسطينيون فى غزة خاضوا 3 حروب مع إسرائيل ولا يجب السماح باندلاع حرب جديدة فى القطاع.
هل ستتعاون مع حماس فى هذه الخطة؟
شراكتنا مع الحكومة الفلسطينية، ونحن نتحدث مع جميع الفصائل واللاعبين على المستويين الإقليمى والدولى.
بعض الصحف الغربية تتحدث عن دور سلبى للعرب فى القضية الفلسطينية.. ما هو رأيك ؟
هناك الكثير من التكهنات الإعلامية من وجهة نظرى أن جميع الأطراف فاعلة ومهمة، لأن المنطقة بأكملها تعانى بسبب هذا الصراع مع سقوط كثير من الضحايا واندلاع حروب فلا أحد يريد انفجار آخر فى قطاع غزة، الدول الأكثر أهمية مثل مصر والأردن وبعض دول المنطقة تلعب دورا بارزا لحل الصراع بين الجانبين.
ما معلوماتكم عن صفقة القرن التى يتحدث عنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب؟
الجميع ينتظر هذا، برأيى لو كانت الولايات المتحدة تمتلك اقتراحا يستند على مبدأ حل الدولتين ويعالج قضايا المستوطنات والأمن ووضع القدس واللاجئين وهى الأساسيات التى يتفق عليها المجتمع الدولى يمكن أن يكون هناك فرصة لإنجاح هذا الاقتراح، لأنه بدون هذه الأساسيات لا يمكن حل الصراع، فإذا أرادت واشنطن تحقيق صفقة القرن عليها الرجوع إلى التوافق الدولى بشأن كيفية حل الصراع.
هل تعتقد أن حل الدولتين لا يزال قابلًا للتطبيق؟
وهل لدينا حل آخر!، الفلسطينيون والإسرائيليون لا يرغبون فى العيش أقلية فى دول تتبع أيا منهما، والحل الوحيد هو الفصل بإقامة دولتين والتوصل لتسوية بشأن الأمن والاقتصاد والحدود وغيرها من الأمور.
ما هو رأيك فى بعض الاقتراحات الأمريكية لتشكيل كونفدرالية للفلسطينيين؟
الأمر ليس لى أن أقبله أو أرفضه، وأعتقد أن الأمر متروك للشعبين الفلسطينى والإسرائيلى كى يقرروا، فقد عشت فى القدس وتعاملت بشكل يومى ومباشر مع الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، ولا يمكن إقناع أيا منهما بخيار آخر سوى حل الدولتين، ففى عام 2016 وبالتعاون مع شركائنا فى الرباعية الدولية التى تتكون من الاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة وروسيا وأمريكا نشرنا تقريرا يسلط الضوء على المخاطر على الأرض، وأن حل الدولتين هو السبيل الوحيد للسلام، وبعض التحركات التى تجرى على الأرض وتقوض تفعيل عملية السلام، والسيطرة على الأرض، وبناء المستوطنات وعمليات الهدم والعنف والأوضاع فى غزة وعدم وجود ثقة بين الجانبين، وهناك الكثير من الأوضاع التى يجب أن تتغير على الأرض لكن هناك الكثير من الأمور الإيجابية التى يمكن تحقيقها وهى فكرة التمكين ولابد من تحفيز الاقتصاد، لأنه يساعد فى تحقيق الهدف، كما أن الشعب يحتاج أن يكون لديه رؤية إلى المستقبل بعيدًا عن العنف ولكن نحو الاستقرار والأمن.
ما رأيك فى الصراع الفلسطينى - الفلسطينى بين الفصائل؟
الصراعات الفلسطينية الداخلية هى مدمرة للقضية الفلسطينية، لأن الحقيقة الراسخة خلال العقد الماضى أن الفلسطينيين فى الضفة الغربية وغزة والقدس يعانون من أوضاع صعبة وخاصة الانقسام بين الأجيال الناشئة خلال هذه الفترة، والفلسطينيون الذين يعيشون فى غزة خلال فترة الانقسام لم يزوروا الضفة الغربية قط، وتم فصلهم عن الحكومة الشرعية فى ظل نظام قانونى مختلف بظروف صعبة، وكلما استمر هذا الانقسام أصبح الأمر أكثر تدميرا للشعب الفلسطينى وهذا سبب ترحيبنا الكبير للجهود المصرية لإنجاز المصالحة الفلسطينية بين حركتى فتح وحماس وهذا أمر مرحب به من قبل المجتمع الدولى.
على حركة حماس أن تقر أن حل هذا الانقسام يحتاج للحوار ونبذ العنف وقبول المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى وقبول حل الدولتين وعلى حركة فتح نفسها أيضًا قبول الشراكة بين جميع الفصائل الفلسطينية بناء على اتفاق واحد يجمعهم.
هل هناك أى صفقة جديدة لتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس؟ وما هى تفاصيل لقائك مع هنية؟
هناك إسرائيليان اثنان محتجزان فى قطاع غزة، ويجب حل الأمر لأنه أمر إنسانى ولا أريد أن أتطرق إلى مناقشة ما جرى فى اجتماعى مع هنية، لكن على أية حال لابد أن يتم حل القضية لأنها إنسانية والأهم بالنسبة لى اليوم هو كما ذكرت منع اندلاع صراع مرة أخرى يقتل فيه الآلاف مجددا، علينا ضمان عدم تكرار هذا مجددا وهذا لمصالحة الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى.
وما هو انطباعك عن جهود الرئيس السيسى فى تخفيف الأزمة الإنسانية فى غزة؟
أعتقد أن مصر فعلت الكثير لتخفيف الوضع فى قطاع غزة سواء من خلال فتح معبر رفح على الجانب الإنسانى وأيضًا من الجانب السياسى من خلال عملية المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، هذه الجهود تلقى تقديرًا كبيرًا من الجميع فى المجتمع الدولى، ونحن نواصل العمل عن كثب مع مصر للتأكيد من نجاح هذه الجهود لأن نجاحها لن يصب فقط فى صالح الشعب المصرى، إذ أن القضية تؤثر على الأمن المصرى لكنها ستكون أيضًا جيدة للشعب الفلسطينى والإسرائيلى والمنطقة بأسرها.
ترامب اعتاد الهجوم على المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والناتو..هل تعتقد أن الإدارة الأمريكية الحالية ترغب فى العمل ضمن الرباعية الدولية أم بشكل منفرد؟
الولايات المتحدة عضو فى الرباعية الدولية ونحن نعمل مع ممثليها على أساس يومى لمناقشة الوضع فى غزة ومناقشة القضايا السياسية الناشئة، بالطبع الأمر حاليًا أكثر تعقيدًا إلى حد ما بعد قرارات الرئيس الأمريكى المتعلقة بالقدس، لكن الحوار مستمر ولم يتوقف.
هل تعتقد أن قرار ترامب بشأن القدس سيدمر عملية السلام بأكملها؟
يمكننى القول إن عملية السلام فى أضعف مراحلها منذ سنوات عديدة جدًا، وهناك مخاطر جادة بشأن إمكاننا إنعاشها مجددا. لكننى آمل أن نتمكن من ذلك من خلال تغيير الواقع على الأرض، لأنه إذا جمعنا على الطاولة الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى دون ظروف مناسبة حيث استمرار توسيع المستوطنات واستمرار العنف والانقسامات فى غزة مستمرة، فإن هذا يعنى أننا نخلق إحساسًا زائفًا بالأمل.
وأعتقد أن الجميع فى هذا الجزء من العالم يعى جيدا أنه إذا خلقت إحساسًا بالأمل ثم فشل فإنه ما سيحدث هو اندلاع العنف فى أعقاب ذلك لذا فإننا نحتاج أن نكون حذرين بشدة.
ترامب خفض المساعدات الخاصة بمنظمة الأونروا..هل هى محاولة لإسقاط حق اللاجئين؟
الولايات المتحدة المانح الأكبر للأونروا منذ سنوات بحجم مساعدات يبلغ أكثر من 300 مليون دولار سنويا، واليوم قررت تخفيض إلى 60 مليون دولار وهو ما يمثل مشكلة ضخمة للمنظمة التى تواجه مخاطر حقيقة فيما يتعلق بكل شىء سواء فى المدارس أو المستشفيات والبرامج التى يديرونها.
أعتقد أن كل شخص ينظر إلى اللاجئين أن يفهم أن الأونروا جزء من الاستقرار فى المنطقة كلها، لأن عدم استقرار الأونروا لن يضر فقط غزة والضفة الغربية، لكنه سيؤثر أيضًا على لبنان والأردن، ومن ثم يؤثر على المنطقة كلها، فالمخاطر التى تواجهها الأونروا اليوم كبيرة جدًا، ونسعى لإيجاد تمويل مناسب كاف لهم لأنه بالنسبة للفلسطينيين الأونروا ليست مجرد وكالة توفر خدمات التعليم والصحة والطعام، لكن هى رمز لحق العودة للاجئين، لذا فإن الأمر له أيضا عواقب سياسية واليوم بالنسبة لنا الأمر يمثل واحدة من الأمور الأكثر قلقا.
لكن ترامب لم يخفض المساعدات للأونروا فقط..الأمر طال وكالات أخرى، بما تفسر موقف الإدارة الأمريكية الجديدة من الأمم المتحدة؟
يبدو أن هذا هو توجه إدارته والسياسات التى تتبعها الولايات المتحدة ولو نظرتى فى أماكن أخرى من الشرق الأوسط ستجدين شراكة مستمرة وثابتة مع الأمريكيين، ربما على مستوى آخر صعب بسبب بعض المواقف التى اتخذوها لكن الشراكة مستمرة على مستوى يومى ربما يعنى هذا أنه إذا قللت أمريكا مساعداتها فإن آخرين عليهم زيادة مساهمتهم، فعلى سبيل المثال زادت بعض الدول العربية لمساهمتها فى الأونروا مثل السعودية والإمارات والكويت وقطر الذين زادوا مساهمتهم المالية فى الوكالة، كل منهم ساهم بنحو 50 مليون دولار بإجمالى مساعدات من الخليج تراوحت بين 150 و200 مليون دولار هذا العام لسد الفجوة، والاتحاد الأوروبى بحاجة أيضا لزيادة مساهمته من تمويل الأونروا وكذلك الدول الأخرى فى أوروبا.
هل تعتقد أن الولايات المتحدة ذاهبة نحو فقد تأثيرها فى المنطقة فى ظل إدارة ترامب؟
لا أعتقد أنه يمكن أن يكون لدينا عملية سلام وشراكة بدون الأمريكيين، لذا بالنسبة لى فإن أفضل شكل هو وجود الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى وروسيا والأمم المتحدة مع دور أقوى من الدول العربية مصر والأردن والسعودية وغيرهم فى المنطقة، هذا هو الشكل الذى سوف يساعد فى إعادة الجانبين للمسار. وهذا لا يمكن أن يتحقق بمساعدة بلد واحد فقط.
كم جيل سوف تستغرق المفاوضات للتوصل إلى اتفاق فى هذه العملية؟
لقد استغرق هذا الصراع أجيالا عديدة حتى الآن للوصول إلى هذه المرحلة، لذا فإن العملية ليست سهلة، لكن ما نحتاجه هو أن يغير الناس طريقتهم فى التفكير. نحتاج أن نرى تركيزا أكثر على دعم القوى السياسية المعتدلة لأن التهديدات تمثلها القوى الراديكالية والأيديولوجية الراديكالية فى كل مكان، نحتاج أن نرى تركيزا أكثر على الجانب العملى لأنه بالنسبة لى الجلوس والقول «لأنه لا توجد عملية سلام لا نستطيع فعل شىء»، هو أمر يديم الوضع كما هو عليه. هناك أمور كثيرة يمكن فعلها حتى فى ظل غياب الرؤية السياسية، وهذا ما يعيدنى للتساؤل عن الوضع على الأرض لأن الناس ليس لديهم وظائف ولا أمن ويرون أرضهم تختفى.
هل تستبعد توصل ترامب لاتفاق حقيقى؟
لا أستبعد، على النقيض أعتقد أن شراكة أمريكا فى العملية نشطة وبناءة ولن يستغرق الأمر مجددا أجيالا عديدة لأننا نعرف جميعا ما الذى نحتاج تحقيقه على أرض الواقع.
هل تعتقد أن حكومة بنيامين نتنياهو ترفض السلام؟
لا، فالجميع داخل الشرق الأوسط يرغب فى عملية السلام، لا أعتقد أن هناك أى شخص فى إسرائيل سواء من اليمين أو اليسار لا يريد حلا، ربما نجد أفكارا وأيديولوجيات مختلفة لكن هناك اتفاق عام حول ضرورة تحقيق السلام، وإذا نظرت للسلام بين إسرائيل ومصر مستمر منذ سنوات عديدة، وكذلك الأردن وما يقلقنى بشأن الفلسطينيين أنهم الجانب الأضعف فى المعادلة، فإذا شعروا أن الآفاق السياسية للدولة غائبة فالشعب ربما يستسلم لفكرة أنه لن يكون هناك حل الدولتين، فعندما يرون الأرض تختفى تدريجيا ويرون استمرار الانقسامات فمن ثم سوف يفقدون الثقة فى العملية.
الخلاصة أن جميع الأطراف ترغب فى السلام وتبحث عن سبيل له، لكننا بحاجة إلى قيادة تعالج الأوضاع القائمة على الأرض، وأن يكون لديها الرؤية فإذا استمرت الأوضاع الحالية التى تحدثنا عنها على أرض الواقع فإن تحقيق حل الدولتين سيكون أمامه سنوات عديدة حتى يتحقق.