كتب الكاتب والصحفي الاسرائيلي غدعون ليفي في هارتس :
أن رئيس الكنيست يولي ادلشتين (الليكود) وعضوي الكنيست ميراف بن آري (كلنا) ونحمان شاي (المعسكر الصهيوني) لا يريدون من لجنة مكانة المرأة أن تناقش غدًا أوضاع النساء اللواتي يعانين من السرطان في غزة. هذه المناقشة، التي بادرت إليها رئيسة اللجنة، عضو الكنيست عايدة توما سليمان (القائمة المشتركة)، لا ترضيهم.
رئيس الكنيست قال متذمرا: "من المستهجن في نظري أنه بعد أسبوع صعب ومتوتر وجه مواطني إسرائيل، الذين اضطروا لدخول الملاجئ، يقرر أعضاء في الكنيست الإسرائيلي عقد اجتماع على بالذات لمناقشة أوضاع النساء في غزة." وقالت بن آري إنها صُدمت حين سمعت عن النقاش. وكتبت إلى إدلشتاين: "لا أستطيع أن أفهم كيف تناقش لجنة في الكنيست وضع المرأة في غزة. لن يتأخر اليوم الذي تبدأ فيه اللجنة في التعامل مع وضع النساء الفلسطينيات في نابلس ورام الله وأراضي السلطة الفلسطينية. هذا ليس دور اللجنة في كنيست إسرائيل ولا يوجد سبب يجعل رئيسة اللجنة تستغل منصبها لدفع أجندة سياسية". وحدد شاي: "هذه محاولة لتحويل اللجنة إلى لجنة سياسية، فلماذا لا نتعامل مع محنة النساء في غلاف غزة اللواتي أثبتن قوة وشجاعة؟ هن من تمت مهاجمتهن وهن من ركضن إلى الغرف المحمية، وهن من ترسلن أطفالهن إلى المدرسة في حالة خوف".
ادلشتين هو اليمين المعتدل والرسمي، بن آري هي ممثلة المركز وشاي هو ممثل اليسار الصهيوني مع وصمة العار. قد يصبح إدلشتين رئيسًا للدولة، أما بن آري فغير ذات أهمية، وشاي حقق سيرة سياسية من وراء عبارة "اشربوا الماء"، وهي جملته الوحيدة المحفورة في الذاكرة (يقصد حين كان ناطقا باسم الجيش خلال حرب الخليج – المترجم). لكن الثلاثة هم صوت إسرائيل. هم وسطها، صندوق صدى التيار المركزي. إذا كان تعطش اليمين للدماء في الأسبوع الماضي ("لماذا لا يوجد خسائر في غزة؟") صادماً، وكذلك المبادرة السادية لوزير الأمن الداخلي جلعاد اردان، الذي لم يخجل من مد يده حتى إلى أجهزة قنوات التلفزيون في غرف الأسرى الفلسطينيين، فقط من أجل مراكمة التأييد في مركز حزبه، فإن أصوات الوسط هذه تثير الاشمئزاز بشكل أكبر. مع ضبط النفس البارد، وبدون تطرف، ومع أسباب منطقية ومعقولة، ظاهرا، يكشف هؤلاء عمق تدهورنا الأخلاقي.
لا فائدة من الدخول في جدال مع الثلاثة. لا جدوى من الإثبات لرئيس الكنيست أنه لا يمتلك سلطة منع النقاش، ولا جدوى من السخرية ممن يدعون أن توما سليمان تحاول دفع أجندة سياسية، وكأن هذا ليس من واجبها، ولا فائدة من الانفجار بالضحك أمام بمزاعم بن آري بأن الكنيست ستناقش قريباً قضايا نساء نابلس ورام الله، كما لو أنه ليس من واجبها الانشغال في كل مكان يعيش فيه الناس تحت الاحتلال الإسرائيلي، ولا فائدة من السخرية في ضوء نفاق شاي وتظاهره بالبراءة، في عرضه لنساء غلاف غزة على أنهن الوحيدات اللواتي تعرضن للهجوم في الأسبوع الماضي. هذه ادعاءات هامشية، تماما كما في محاولتهما إظهار البراءة بالادعاء انهما لم يعرفا بأن المقصود مريضات السرطان. المهم هي الحقيقة التي تظهر مرة أخرى: العمى عن صنيع أيدينا، عدم الاكتراث بضحايانا، القسوة حتى إزاء مريضات السرطان. والأمر الجديد هو حجم هذه الظاهرة: عندما يتعلق الأمر بفقدان الصورة الإنسانية لا يعد هناك يمين ويسار، وإنما فقط رمال ورمال تتراكم فوق أنفاق الشر. مريضات السرطان تمتنّ في غزة، لكن النقائل الخبيثة هنا، تتفشى في كل مكان تقريبا في إسرائيل.
في غزة، تموت النساء (والرجال) بسبب نقص العلاج. في مستشفى الرنتيسي، يموت الأطفال المصابون بالسرطان بسبب نقص الأدوية، والأطفال الذين يعتمدون على التنفس الاصطناعي يموتون بسبب انقطاع التيار الكهربائي. في غزة يموت الناس بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل. انهم يعانون ويتعذبون ويموتون. فقط فكروا فيما يعنيه أن يكون هناك مريض بالسرطان ويعلم أن هناك علاجًا يمكن أن ينقذ حياته على مسافة قريبة من منزله، ولا يمكنه الحصول عليه بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل. ما الذي يعنيه معرفتك بأنه حكم عليك بالموت، فقط لأنه لا يمكنك اختراق قضبان القفص الخاص بك.
ليس لدى إدلشتاين وبن آري وشاي أي وسيلة للهرب من مسؤوليتهم الجنائية عن هذا الوضع. الآن هم غير مستعدين حتى لمناقشة ذلك.