قال العالم و رجل الأعمال الفلسطينى د.عدنان مجلي، إن الانقسام الفلسطينى الراهن هو « عار» على الفلسطينيين، ولسوف يحاسبهم التاريخ إذا لم ينهوا الانقسام بأسرع ما يمكن، وهو بالأساس ما شجع ترامب على ذلك.
واضاف في حديث لصحيفة "الأهرام" المصرية يوم الجمعة، "طبعًا الكل مستاء من قرار ترامب حول القدس، لكننا إذا كنا نريد القدس يجب أن ننهى النزاع فورًا من أجل القدس".
نص الحوار:
* دكتور عدنان.. كيف تنظر لقرار الرئيس الأمريكى ترامب الأخير حول القدس؟
هذا القرار تم التصديق عليه بأغلبية كبيرة فى عام 1995 بواسطة الكونجرس. وقد رأى ترامب أن الوقت والمناخ السياسى بالمنطقة مناسبان لتفعيله. قبل ذلك كان من الصعب تفعيله. ولا شك فى أن الانقسام الفلسطينى الفلسطينى هو بالأساس ما شجع ترامب على ذلك.
* إذن كيف تنظر للتداعيات المترتبة عليه؟
علينا – نحن العرب- أن نترجم سلبيات القرار إلى إيجابيات، فالاحتجاجات يجب أن تتواصل؛ فلسطينيًا وعربيًا ودوليًا، لكنها يجب أن تكون « سلمية»، لأن الإسرائيليين يريدون العنف ليتخذوه ذريعة ليفعلوا بنا ما يشاءون. العنف لا يخدم مصالحنا بل مصالح إسرائيل. والوحدة الفلسطينية هى التى ينبغى أن تكون أساس المواجهة.
* نعم.. ولكن هناك من يتحدث عن « تسليح الانتفاضة».
أنا لست مع تسليح الانتفاضة، فالمقاومة يجب أن تكون سلمية، إن الانقسام الفلسطينى الراهن هو « عار» على الفلسطينيين، ولسوف يحاسبهم التاريخ إذا لم ينهوا الانقسام بأسرع ما يمكن..
* هناك من يدعو إلى مقاطعة أمريكا؟
لا.. المقاطعة ليست فى صالحنا.. يجب علينا أن نركز على الطاقة الإيجابية وليست السلبية.. والمقاطعة عمل سلبى.
* فى هذا السياق كيف تنظر للدور المصرى الآن؟
نحن كفلسطينين نشكر لمصر، شعبًا وقيادة، دورها التاريخى وجهودها الجبارة من أجل الفلسطينيين، فالمصريون هم أكثر من يدرك أهمية توحيد الرؤية الفلسطينية.
* الكل يتحدث عن توحيد الصف.. هل ترى فعلًا أن ذلك ممكن فى الوقت الراهن؟
الحل فى رأيى يكمن فى أولًا توحيد كل الفصائل الفلسطينية، وأن تعلو عن خلافاتها الضيقة، ويجب أن يجتمعوا جميعًا على شيء واحد. وأرى ثانيًا أن يتم وضع إستراتيجية شاملة للشعب الفلسطينى تتضمن إجراء انتخابات للمجلس الوطنى لإعادة ترتيب النظام السياسى. وأقول: إنه عار علينا جميعًا أن لا نجتمع فلن تعود القدس إلا باتحاد الفلسطينيين مع الشراكة العربية. وهنا أنا مصمم على القول بأن القدس ينبغى أن تكون هى البوصلة التى تجتمع عليها الأطياف الفلسطينية كافة مهما كان نوع تلك الأطياف. القدس يجب أن تكون هى القاسم المشترك لجميع الفلسطينيين. وهنا أريد أن أوضح أن تلك الرؤية الفلسطينية الشاملة يجب أن تتضمن إشراك الشباب الفلسطينى، وكذلك العلماء والاقتصاديين، كجزء من هذا البرنامج حتى يمكن بناء المؤسسات الفلسطينية على كل المستويات، حتى إذا ما أنشئت الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس تكون دولة جاهزة.
* وهل تلك الشراكة العربية ممكنة على ضوء ما يعانيه العرب الآن من تشرذم واختلاف؟
إن ما قلته عن الفلسطينيين ينطبق على العرب.. ومن هنا أفهم أهمية الدور المصرى فى هذا الصدد.. وكل الفلسطينيين موقنون أن مصر تعمل لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وقد حذرت أنا من قبل من مغبة هذا الانقسام.. ومن ثم يجب أن تجتمع فتح وحماس وكل الفصائل، بل وكل الشعب، لتحقيق المصالحة، بشرط أن لا تكون مصالحة لمجرد المصالحة، وإنما لوضع إستراتيجية جديدة فلسطينية بحيث إن الذى يقود هم أبناء الشعب الفلسطينى وليس أحد آخر غيرهم.
* دكتور عدنان.. أنت تعيش وتعمل فى أمريكا.. وهناك تصور بأن كل الأمريكيين مع إسرائيل ويكرهون العرب.. فهل هذا صحيح؟
لا.. إن علينا أن نعرف أن هناك فرقًا بين الشعب الأمريكى والمؤسسات الأمريكية. وأساس السياسات هو المصالح.. والأمريكى العادى لا يهتم إلا بمصالحه هو الشخصية.. والضعيف ليس له مكان على الطاولة.. ونحن كعرب – للأسف- ضعفاء. وفى السياسة ليس هناك حرام أو حلال.. وإنما القوة التى تأتى من المعرفة والعلم وليس من العنف.
* طيب.. وماذا عن نظرة الفلسطينيين المقيمين فى أمريكا - وأنت منهم- للأمر؟
إذا كنت تقصد نظرتهم للدور المصرى.. فإنهم ينظرون لهذا الدور بشكل إيجابى جدًا.. خاصة فيما يتعلق بالجهود المصرية لتحقيق المصالحة ووحدة الصف الفلسطينى.
* لكن هل للإعلام العربى دور ما فى إقناع الأمريكيين بعدالة القضية الفلسطينية؟
للأسف.. الإعلام العربى فى أمريكا لا يغنى ولا يسمن من جوع. إنه غير موجود. وإذا أردنا كعرب فرض رؤيتنا على الطاولة فعلينا بالاتحاد معًا.. وبتوحيد الرؤية.
* وماذا عن دور المال العربى الموجود فى أمريكا.. خاصة وأنت رجل أعمال؟
الاقتصاد عنصر أساسى من عناصر القوة بالتأكيد.. الاقتصاد والعلم.. ولا يمكن للمال العربى وحده تحقيق شيء ما لم يكن التحرك مدروسًا بعناية. المال العربى لم يمنع ترامب من اتخاذ قراراه.. أليس كذلك؟ وللأسف- وأنا أقول ذلك بمرارة- فإن ما يمر به العرب بشكل عام هو ما يمر به الفلسطينيون..وليس خافيًا أن هناك مخططات تهدف إلى تقسيم العرب وتفتيت دولهم إلى دويلات صغيرة.. واعتقادى أن القدس هى التى يجب أن تكون « المشترك» الذى يوحد العرب جميعًا.
* بصفتك متخصص فى الاقتصاد والعلم معًا.. كما أنك رجل أعمال صاحب نفوذ كبير بالولايات المتحدة.. ما مدى إمكانية استخدام العرب أموالهم فى أمريكا لخدمة قضاياهم؟
أنا أرى أن نجاح العرب خارجيًا يجب أن يبدأ من الداخل. نجاحك الداخلى يجعلك تنجح خارجيًا.
* وما رأيك فى ما يطلق عليه « صفقة القرن»؟
إن الصفقة - أى صفقة- تكون دائمًا بين طرفين، ويجب أن يكون الطرفان على وفاق تام لتتم الصفقة.. أليس كذلك؟ وكون ترامب قد اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارته إليها فإنه يكون بالتالى قد استبعد الطرف الفلسطينى.. فبين من ومن تتم الصفقة إذن؟ بدون الفلسطينيين ليست هناك صفقة قرن.. ولا يمكن لأى إنسان فلسطينى أن يقبل باستبعاد الشعب الفلسطينى من المعادلة.. فمع من تتم الصفقة إذن إذا كان المعنيون بالأمر مستبعدين؟ وفى الإعلام الأمريكى ما أقرؤه وما أراه عن تلك الصفقة هو مجرد « حكى».. ومن ثم فأنا لا أعرف إذا كانت هناك صفقة أم لا.. وما هى بالضبط التفاصيل.