أكد مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها في مدينة رام الله اليوم الثلاثاء برئاسة رئيس الوزراء رامي الحمد الله، تأييده للمواقف التي أعلنها الرئيس محمود عباس في خطابه أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ودعمه الكامل لقرارات المجلس.
وأعرب عن تقديره لإشادة الرئيس بإنجازات الحكومة وجهودها المتواصلة لتلبية احتياجات شعبنا في مختلف مناطق تواجده. وشدد على استعداد الحكومة التام لتقديم كافة أشكال الدعم لترجمة قرارات المجلس المركزي عملياً، للحفاظ على القرار الوطني الفلسطيني المستقل، والذي شكل دائماً الرافعة الحقيقية للصمود التاريخي للشعب الفلسطيني في مواجهة التحديات والمؤامرات الخطيرة الهادفة إلى تصفية المشروع الوطني الفلسطيني، وشكل السند الأساسي في دفاعنا عن ثوابتنا الوطنية، وفي نضالنا لنيل حقوقنا الوطنية المشروعة، وفي مقدمتها حق شعبنا في العودة إلى أرض وطنه وتطلعاته إلى الخلاص من الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها الأبدية القدس الشرقية.
وجدد المجلس تأكيده على مواقف القيادة الفلسطينية من أن الإدارة الأميركية الحالية أصبحت وسيطاً غير نزيه في العملية السياسية، ولا يمكن لها الاستفراد في الوساطة في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي الذي استغلته الإدارة الحالية للإجحاف بحقوق الشعب الفلسطيني وتطلعاته، مؤكدا موقف القيادة الفلسطينية المطالب بتوفير الحماية الدولية لشعبنا، وتشكيل آلية دولية لحل الصراع والإشراف على عملية سياسية تفضي إلى حل الدولتين، مشيراً إلى الدور الهام الذي يمكن أن تلعبه أوروبا، والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي في هذا السياق.
وأكد ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي، لا سيما دول الاتحاد الأوروبي، خطوات فاعلة للاعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وانقاذ حل الدولتين، خاصة في ظل المخططات الاستيطانية الإسرائيلية الممنهجة والمتواصلة.
وأدان المجلس التصريحات التي أطلقها مستشار الرئيس الأميركي لشؤون المفاوضات الدولية "جيسون غرينبلات"، التي اتهم فيها الجانب الفلسطيني بـِ (دعم العنف والإرهاب)، والتي تأتي بُعيد اتهامات مشابهة مرفوضة أطلقها السفير الأميركي في تل أبيب.
وأكد أن هذه التصريحات الأميركية تُمثل مواقف منحازة معادية للشعب الفلسطيني، وتتناقض في الوقت ذاته مع مفهوم الرعاية المتوازنة لأي عملية سلام ومفاوضات بين الجانبين، مشددا على رفضه لكافة المحاولات التي تعمل إدارة الرئيس ترمب، وبالتنسيق الكامل مع الحكومة الإسرائيلية على فرضها، من خلال إلغاء جميع المرجعيات المتفق عليها دولياً لعملية السلام، وبما يشمل قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات العلاقة، والقانون الدولي، ورفضه المطلق للحلول الانتقالية والمرحلية، وبما يسمى الدولة ذات الحدود المؤقتة.
كما أعرب المجلس عن رفضه لتصريحات مراقب الدولة الأميركي "لويس دودارون" وعزم بلاده بطلب من الاحتلال الإسرائيلي، من خلال السناتور "جيمس ريش" رئيس اللجنة الفرعية لشؤون مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط وآسيا، فحص ومراجعة المناهج الدراسية التابعة لدولة فلسطين، بحجة احتوائها على مواد "معادية للسامية وتحريضها على الإرهاب والعنف".
وأكد المجلس أن المنهاج الفلسطيني تم تصميمه بمنهجية وموضوعية، وبأيد وطنية ولجان وعقول فلسطينية متخصصة، وفق القوانين والمواثيق الدولية الخاصة بالتعليم، بهدف الارتقاء بالتعليم الفلسطيني على مستوى العالم من جهة، وتعزيز مضامين الهوية الوطنية والتاريخية لفلسطين من جهة أخرى، وليس التحريض على الإرهاب كما يدعي الاحتلال.
وأشار إلى التقرير الخاص الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو"، الذي نفت فيه وجود أي تحريض على كراهية إسرائيل أو معاداة للسامية في المناهج التعليمية الفلسطينية.
ودعا المجلس كافة المنظمات والمؤسسات المتخصصة والحقوقية والإنسانية الدولية وعلى رأسها منظمة "اليونسكو" إلى إنقاذ القطاع التعليمي الفلسطيني من الممارسات والإجراءات التي تنتهجها سلطات الاحتلال لضرب المنظومة التعليمية ومحو الهوية الفلسطينية، ومن محاولات الاحتلال الهادفة إلى تشويه وتهويد المناهج التعليمية، خاصة في مدارس المدينة المقدسة ومدارس الأونروا.
وشدد المجلس على ضرورة أن تقوم الإدارة الأميركية والعالم بمراجعة المناهج الإسرائيلية، التي صُممت بما يخدم المشروع الصهيوني الاستعماري لفلسطين وشعبها، وتقوم على تزوير الرواية التاريخية، وعلى أساس الكراهية والتحريض على البطش والقتل بحق أبناء شعبنا.
وأدان قرار سلطات الاحتلال ببناء أكثر من (1100) وحدة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة، في تحدٍ خطير وصريح للإرادة الدولية، ومجلس الأمن الدولي الذي صوت ضد الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية في قراره (2334)، ولما يشكله التصعيد الاستيطاني الاستعماري من اعتداء صارخ على الأرض والحقوق الفلسطينية، ويهدد إمكانية تجسيد دولة فلسطين على الأرض، وهو ما يستدعي من المجتمع الدولي اتخاذ موقف صلب وحازم لإلزام إسرائيل بوقف كافة الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية وفي مقدمتها مدينة القدس المحتلة.
كما أدان المجلس مخطط سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإقامة جسر جنوبي المسجد الأقصى المبارك، في إطار مساعي الاحتلال لتهويد مدينة القدس العربية المحتلة، ومحاولات تغيير معالمها العربية الإسلامية، وطمس هويتها الحقيقية، محذّراً من استمرار تصاعد الاعتداءات الاحتلالية ضد القدس المحتلة.
وأشار إلى أن هذه الخطوة تترافق مع الحفريات الخطيرة والمستمرة تحت المسجد الأقصى وحوله بشكلٍ خاص وفي أنحاء المدينة المحتلة بشكلٍ عام، وتأتي في ظل الاستفزازات والاقتحامات اليومية التي تنفذها مجموعات المستوطنين المتطرفين للمسجد الأقصى المبارك تحت حماية جيش الاحتلال وشرطته.
وجدد المجلس مطالبة الحكومات العربية والإسلامية والدول الصديقة والمنظمات والمؤسسات والهيئات العالمية بالتدخل لوقف اعتداءات الاحتلال التي يقوم بها ضد شعبنا ومقدساته، خصوصاً بعد المواقف الأميركية المنحازة للاحتلال.
ودعا المجتمع الدولي، إلى ضرورة مساءلة ومُحاسبة إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على ما ترتكبه من جرائم بحق الشعب الفلسطيني، وبما يشمل النشاطات الاستيطانية وسياسة التطهير العرقي وهدم البيوت ومصادرة الأراضي والاعدامات الميدانية، واعتقال الأطفال وترهيبهم.
وناشد المجلس الدول العربية والإسلامية بتفعيل شبكة الأمان المالية للشعب الفلسطيني، والوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها لدعم صمود شعبنا في القدس والأغوار وتخفيف المعاناة عن أهلنا في قطاع غزة، إضافةً إلى تقديم الدعم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في ظل العجز الذي تواجهه، ولمواجهة التهديدات الأميركية بقطع المُساعدات للوكالة وذلك حتى تتمكن من مواصلة تقديم خدماتها لأبناء شعبنا اللاجئين في مختلف أماكن تواجدهم.
وفي سياقٍ آخر، استنكر المجلس الأكاذيب والافتراءات التي تقوم بها حركة حماس تجاه حكومة الوفاق الوطني، واستخدامها لكلمة "العقوبات" في إشارة إلى تصويب الأوضاع التي قامت بها الحكومة في قطاع غزة، بهدف تشويه الحقائق وتضليل المواطنين وحرف الانظار عن التعطيل المتعمد الذي يستهدف عمل الحكومة واستكمال عملية المصالحة، كما تهدف إلى مواصلة ابتزاز الحكومة وسرقة أموال الشعب الفلسطيني، غير آبهة بمعاناة أهلنا في قطاع غزة.
وأكد المجلس أنه في الوقت الذي تتحمّل فيه إسرائيل المسؤولية عن معاناة شعبنا في قطاع غزة نتيجة حصارها الظالم للعام الحادي عشر على التوالي، فإن من حق شعبنا أن يعلم، أن حركة حماس ما زالت تمارس فرض الأتاوات تحت مسميات مختلفة من الرسوم والضرائب لصالح خزينتها، وتثقل على كاهل المواطنين، وتستحوذ على كافة إيرادات القطاع، وترفض تحويلها للخزينة العامة، وترفض في الوقت نفسه تمكين الحكومة من تحصيل الضرائب والرسوم، والذي كان مقرراً البدء به في العاشر من الشهر الجاري، في الوقت الذي تطالب فيه الحكومة بدفع رواتب من قامت بتعيينهم بعد انقلابها الأسود كشرط لتمكين الحكومة من الجباية.
وأضاف أن حماس ترفض تمكين الحكومة من أداء مهامها تمكيناً شاملاً في كافة المجالات كما في الضفة الغربية، إلّا أن الحكومة واصلت أداء مهامها بكل مسؤولية وطنية، فما زالت تتحمل انفاق حوالي 100 مليون دولار شهرياً على قطاع غزة، وأعادت خمسين ميغا واط من الكهرباء المغذية لقطاع غزة، وما زالت تتحمّل كافة تكاليف الخدمات الصحية بما يشمل الأدوية والأطعمة والمستلزمات الطبية وتحمّل فاتورة الوقود المتعلقة بالمستشفيات والمراكز الصحية، كما تتحمّل الخزينة العامة تغطية تكاليف التحويلات الطبية لأبناء قطاع غزة، إضافةً إلى أن 80% من الاعانات الاجتماعية تقدم لأهلنا في قطاع غزة، في الوقت الذي بلغت قيمة ما تم تحصيله من إيرادات من قطاع غزة أقل من 3 مليون شيكل منذ بدء عملية المصالحة، وما زالت ترفض تمكين الموظفين الرسميين القدامى في قطاع غزة من العودة إلى عملهم، ما يشكل مساساً بالمصالحة برمتها وبجوهر اختصاصات الحكومة، ويشكل عائقاً آخر يضاف إلى العراقيل الأخرى التي تحول دون تمكين الحكومة من بسط ولايتها القانونية وممارسة مهامها في المحافظات الجنوبية.
وأكد المجلس أن التمكين لن يتم إلّا بشكل كامل ومستوفٍ لكافة شروطه، مشدداً على أن الجهة المعطلة هي التي تتحمل المسؤولية الكاملة عن معاناة أهلنا في قطاع غزة، وهي التي تتحمل المسؤولية كذلك عن تعطيل مسيرة المصالحة وإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته
على صعيدٍ آخر، صادق المجلس على مشروع نظام الحجز الإداري للمركبات والدراجات النارية، لإيجاد عقوبات وإجراءات رادعة للمخالفين، والحفاظ على أرواح المواطنين والممتلكات، وترشيد المال العام.
وقرر إحالة تعديل المادة (171) من قانون التأمين رقم (20) لسنة 2005م، الخاصة بتشكيل مجلس إدارة الصندوق الفلسطيني لتعويض مصابي حوادث الطرق، إلى أعضاء مجلس الوزراء، لدراسته وإبداء الملاحظات بشأنه، تمهيداً لاتخاذ المقتضى القانوني المناسب بشأنه.
كما قرر المجلس إحالة قرار بقانون بشأن تعديل قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960م، النافذ في المحافظات الشمالية، والأمر رقم (102) لسنة 1950م، لتعديل قانون العقوبات رقم (74) لسنة 1936م، والأمر بشأن تطبيق مواد من قانون العقوبات المصري على بعض الجرائم رقم (102) لسنة 1950م النافذ في المحافظات الجنوبية، إلى أعضاء مجلس الوزراء للدراسة وإبداء الملاحظات ليتسنى لمجلس الوزراء اتخاذ المقتضي القانوني المناسب بشأنه، وذلك لإلغاء النصوص الخاصة بالأخذ بأسباب التخفيف على جرائم قتل النساء لتعارضها مع مبدأ الردع تجاه ارتكاب مثل هذه الجرائم، ويمنح المعتدي فرصة للفرار من العقاب.