تحتل المناطق الشرقية لمحافظة القدس، المحاذية لمعسكرات الاحتلال وجدار الفصل العنصري، ومناطق جنوب محافظة الخليل، المرتبة الأولى في ترويج الوقود المهرب عبر شاحنات يقودها سائقون قادمون من أراضي عام 1948 إلى الضفة خلسة.
آلاف اللترات من السولار والبنزين تتدفق يومياً إلى نقاط عشوائية لتوزيع الوقود، تبيع وقودها المهرب للمواطن وتستخدم كمخزن مؤقت، تمهيداً لنقلها لأصحاب المعدات الثقيلة وسيارات الأجرة العاملين في المناطق المصنفة "ب" و"ج"، كذلك يجري تهريب أجزاء قليلة من ذلك الوقود إلى المناطق "أ".
كثير من أصحاب المعدات الثقيلة عمدوا إلى اقتناء خزانات تجرها سياراتهم ذات الدفع الرباعي لنقل الوقود المهرب إلى ورش البناء لتشغيل معداتهم، فيما عمد عدد من أصحاب سيارات الأجرة العاملة بالسولار على تعبئتها من النقاط العشوائية لكسب حفنة من الشواكل، عوضاً عن تعبئتها من المحطات القانونية.
وتتم عمليات التهريب ونقل الوقود في المناطق "ب" و"ج" تحت أعين الاحتلال وبعضها يتم بحمايته، ما يعيق عمل الأجهزة المختصة في محاربة الوقود المهرب القادم من الاحتلال.
أصحاب محطات الوقود حذروا من انهيار قطاع الوقود إذا استمر الوضع على ما هو عليه، مطالبين بمضاعفة إجراءات الكشف عن الوقود المهرب.
ويرى المختصون المتابعون العاملون في مكافحة الوقود المهرب في جهاز الأمن الوقائي والضابطة الجمركية أن ما نسبته 20% من الوقود الموجود في الضفة الغربية مهرب، ويتركز في المناطق غير الخاضعة للسيطرة الأمنية الفلسطينية.
ويشير المتابعون إلى أن النقاط العشوائية لبيع الوقود المهرب المغشوش تعمل تحت حماية جيش الاحتلال وتفتح أبوابها بالقرب من معسكراته، كما يستخدم المهربون طرقاً مبتكرة في تهريب الوقود، سيذكر التحقيق بعضها لاحقاً.
جهاز الأمن الوقائي نفذ، خلال العام الجاري وحتى تاريخ نشر التحقيق، 300 مداهمة، ضبط وتحرز خلالها على 154 ألف لتر سولار و13 ألف لتر بنزين مهرب، و34 ألف لتر من مادة الفيول المستخدمة في مصانع الزفتة، وهي تدخل دون فواتير ضريبية وبشكل غير قانوني.
كما أغلق الجهاز 38 محطة وقود، منها 9 مرخصة، والباقي نقاط عشوائية غير مرخصة، واستدعى واعتقل خلال الفترة نفسها أكثر من 55 شخصاً على ذمة التحقيق، وضبط حوالى 3 آلاف لتر زيوت كانت معدة للخلط مع السولار لغشه، وضبط وتحرز على سيارات وصهاريج.
مواطنون يشتكون من أعطال متكررة في مركباتهم جلها تتركز على نظام ضخ الوقود، في هذا السياق يقول مدير شركة للباصات تعمل شمال غربي القدس، فضل عدم ذكر اسمه: إنه ينفق على الصيانة مبالغ مالية كبيرة بسبب أعطال ناتجة عن نوعية الوقود.
ويضيف المدير: إن أغلب الأعطال التي تسجل في حافلاته عادة ما تصيب "البخاخات" و"الترمبة" و"التيربو" وأنظمة ضخ البنزين وجميعها ناتجة عن أوساخ أو غش في المحروقات.
ويوضح المدير أنه في بعض الحالات تحدث أضرار كبيرة في محركات الحافلة إذا لم يتم معالجة الخلل النتاج عن الوقود المغشوش.
السائق متوكل أسعد يونس العامل في شركة بيتونيا والقرى السبع للنقل العام، يشير إلى أنه عند تعبئة حافلته ذات العشرين راكباً من محطة مرخصة تسير 320 كيلومتراً على "الفل"، في حين أنها تسير 270 كيلومتراً على "الفل" عند تعبئتها من نظيرتها غير المرخصة.
عزام أبو صلاح صاحب شركة تأجير سيارات في نابلس، يتحدث عن أعطال كبيرة في السيارات التي يقوم بتأجيرها نتيجة تعبئة وقود مهرب ومغشوش فيها من قبل الزبائن، مشيراً إلى أن جُل الأعطال ناتجة عن الوقود المهرب والمغشوش.
وفي هذا السياق، قال مدير الصيانة في شركة "هيونداي" خالد بني فضل: إن أغلب الأعطال المسجلة في السيارات الجديدة ناتجة عن تعبئة وقود مهرب أو مغشوش، فالوقود المغشوش يسهم في تخريب ملف تدوير الغاز العادم، وكذلك يعطل عمل "التيربو"، كما يتضرر جراءه نظام حقن الوقود، ما يحدث مشكلة في ضغط السولار، وثمن تبديل هذه القطع باهظ.
وتحدث بني فضل، عن مشاكل أخرى في البخاخات الكهربائية الحساسة لنظام السولار في السيارات الحديثة، إذ تشير المجسات إلى أن الوقود مغشوش أو مهرب في السيارة فيتوقف المحرك عن العمل.
ويخلق الوقود المهرب المغشوش بحسب بني فاضل، مشاكل ببرميل البيئة، الذي يعتبر حساساً للسولار ويسهم في تسكيره، فيضحي استهلاك الوقود أكبر بكثير.
وبحسب الإحصائية الأخيرة الصادرة عن وزارة المواصلات، تسير في شوارع الضفة 100.265 سيارة تعمل بالديزل، فيما تسير 99.902 سيارة تعمل بالبنزين، فيما بلغ عدد السيارات المرخصة في الضفة الغربية ما مجموعة 202.270 ألف مركبة إضافة لبضع آلاف من المركبات غير المرخصة.