دَفعت الهتافات المُضادّة الغاضبة ضِد القِيادة السعوديّة في مُظاهرات فلسطين والأردن، الرافضة لإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القُدس، عاصمةً لإسرائيل، دفعت السعوديين إلى الغضب والاستياء، وإعلان وقوفهم إلى جانب مليكهم، وولي عهدهم، بل أعلن البعض تنصّله تماماً، من القضيّة الفلسطينيّة، وشعبها، ومُهاجمَتِهم، تَخلّلها شتائم، وخَوض بالأعراض.
“تويتر” موقع التدوينات القصيرة، كان المِنصّة المُعتادة، التي “فرّغ” السعوديون غضبهم العارم، ضد الهتافات التي طالت قيادتهم، وتصدّر كل من وسم “هاشتاق”، “السعوديون-يغضبون_ لمليكهم”، ووسم “#بالحريقة_ أنت_ وقضيتك” قائمة “الترند” السعودي، وغاب التّضامن مع القُدس عن أولويّات المُغرّدين التي تتماشى عادَةً مع تَوجّه وآراء الشعب السعودي.
ومع الهُجوم الشعبي الأردني، والفلسطيني، وحتى العربي الذي طالَ السعوديّة وقيادتها، والتشكيك في دورها، واتهامها بالعمالة، سارعت صفحة سفارة المملكة في العاصمة عمّان، إلى وَضعِ مَنشورٍ على صفحتها الرسميّة في “الفيسبوك”، يَشرح دور مُلوك العربيّة السعوديّة عبر التاريخ في الوقوف إلى جانب فلسطين وشعبها، وهو ما وُصف بمُحاولة دفاعيّة تَحفظ ماء الوجه من قبل النشطاء.
وعبر الوسوم المذكورة، قالت وجدان آل عوضة السعوديّة خط أحمر، أما الفنان فايز المالكي فقد أعاد نشر فيديو تُذكر فيه ما وصفه بسجل الشرف السعودي مع القضيّة، رئيس هيئة الأمر بالمعروف سابقاً عبداللطيف آل الشيخ قال أن بلاده ستبقى دولة العز،… وأضاف وليَخسأ كل حاسد حاقد، حر همام فاتّهم كل الفِلسطينيين بأنهم أتباع جيش عزمي بشارة، أما حساب فلفل، فذكّر ببكاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس على شمعون بيريس.
نُجوم منصّات التواصل الاجتماعي السعوديّة، والمَعروفين بتناولهم قضايا اجتماعيّة محليّة، وجّهوا هم كذلك بوصلتهم للدفاع عن بلادهم، وهاجموا فِلسطين تحت عُنوان إنكار أفضال المملكة التي آوتهم، وأطعمتهم، فما كان منهم إلا هذا النكران الحاقد.
“رأي اليوم” رَصدت آلاف التغريدات من حسابات تُديرها مباحث الجيوش الإلكترونيّة السعوديّة، والتي ملأت الوسوم بآلاف التغريدات المُهاجمة، بل وتحمل شتائم، واستهزاء، من أهل فِلسطين، ولهجتهم، ولباسهم، ورمز قضيّتهم، وحتى قائدهم الرئيس الراحل ياسر عرفات، ومن المَعروف أن حُكومة السعوديّة تَصرف ملايين الريالات، لتشكيل الرأي العام المحلّي، والتلاعب بعواطفه، ومشاعره، وسلخه عن قضايا أمّته.
وما رصدته “رأي اليوم” من خلال مُتابعتها الحثيثة للوسوم التي تصدّرت منذ ساعات الصباح الأولى، وحتى إعداد هذا التقرير، قائمة “الترند” السعودي، الأكثر تفاعلاً، تقاطع مع ما أكّده الصحافي السعودي جمال خاشقجي، والذي غرّد على حسابه في “تويتر” قائلاً: “للجيش الإلكتروني السعودي تأثير مُدمّر على الرأي العام الوطني إذ يدفعه إلى مواقف مُترديّة حيال ثوابت الأمّة، الجميع بات خبيراً في حساباتهم، أنظروا كيف يُغرّدون في موضوع القدس″، وتساءل: “لماذا؟ من لديه مصلحة في تدمير منظومة القيم السعوديّة؟”
في المُقابل، تمتّع بعض العُقلاء من الشعب الفلسطيني بروح الأخوّة، والعُروبة، ودشّنوا وسم مُقابل للحملة السعوديّة “التويتريّة تلك تحت عنوان “#بدهاش_ مُزايدة_السعودية_ على_راسنا”، وهو ما دفع بعض السعوديين العُقلاء إلى تقدير تلك المُبادرة، والدعوة للوقوف ضد ما أسموهم بالذباب الإلكتروني، الذين يهدفون لخلق هذه الفِتنة بين الشعبين.
أمّا في الكويت، فاجتمع الكويتيون على قلبِ رجلٍ واحد، وشاركوا بمُظاهرة ساحة الإرادة التي تصدّر اسمها كذلك في الترند الكويتي، رفضاً واستنكاراً لاعتراف ترامب بالقُدس عاصمةً للكيان، وعلّقت الكاتبة والصحافيّة الكويتيّة سعدية مفرح على ذلك عبر حسابها الرسمي في تغريدة: “وسم ساحة الإرادة حيث يقف الكويتيون الآن من أجل قضيّة القُدس عاصمة فلسطين الأبيّة أصبح في المُقدّمة ترند”، كما كتب علي الكندري الأستاذ الجامعي: “برغم صِغَر مساحتها، تظل الكويت حُكومةً وشعباً كبيرةً بمَواقِفها تُجاه قضايا الأمّة”.
وعَبّر عددٌ من الصحافيين العرب العاملين في صُحف العربيّة السعوديّة المَحليّة، تَحدّثت معهم “رأي اليوم”، ورفضوا ذِكر أسمائهم، حِرصاً على الرزق وإيثاراً للسلامة، عن استيائهم من التعليمات العُليا التي تأتيهم، للمرور مُرور الكِرام على قضيّة القُدس، واعتراف ترامب، وعدم انتقاد الأخير وسياساته والتركيز في أعدادٍ صادرةٍ غداً فقط على موقف المملكة “الخجول” بحسب وصفهم الرافض للقرار الترامبي، وهو ما عَدّه صحافيون بمثابة انزلاق تام في المُنحدر الأمريكي الذي يُودي للهاوية.