لم يكن إيقاع ترامب منتظماً؛ بل قد تلعثَمَ ببعض الكلمات أثناء خطابه الذي ألقاه الأربعاء 6 ديسمبر/كانون الأول 2017، والذي أعلن فيه قراره نقل سفارة بلاده من تل أبيب للقدس، واعترافه بها عاصمة لإسرائيل.
وصارت التكهُّنات حول خطابته الغريبة تسلية للعالم، بعد أن أنهى كلماته قائلاً: "ليبارك الله الولايات المتشحدة". "شكراً (شزيلاً) لك"، حسبما ورد في تقرير لصحيفة الديلي ميلالبريطانية.
الكوكايين
وبرر مُتحدِّثٌ رسميٌ عن البيت الأبيض تلعثم ترامب، قائلاً "إن الرئيس قد جفَّ ريقه لا أكثر".
ولكن المؤمنين بنظرية المؤامرة انطلقوا على تويتر بأقصى سرعة، بمن فيهم أنصار الحزب الديمقراطي الذين توقَّعوا العديد من الأسباب المُحتَمَلة، ابتداءً من سكتةٍ دماغيةٍ صغيرةٍ، وصولاً إلى تعاطي الكوكايين.
تفسير طبي
غير أن طبيب أسنانٍ من ولاية فرجينيا الأميركية، كانت صحيفة ديلي ميل البريطانية قد استشارته، شاهَدَ تسجيل الخطاب واستنتج أن التلعثُم يبدو كالصوت الذي يُحدِثه "طاقم أسنانٍ واسع".
وقال: "يمكن للُّعاب أن يتجمَّع عالقاً بين طاقم الأسنان العلوية والحنك، أو بين طاقم الأسنان السفلية والفك السفلي، وهذا ما يسبِّب ذلك الصوت".
وتوقَّع أيضاً أن الصوت "يشبه ما يمكن أن تسمعه بعد أن تفقد حشوة ضرسٍ". لكنه في النهاية قال إن نظرية طاقم الأسنان أكثر ترجيحاً.
ولاحظ طبيب الأسنان كذلك، أن الرئيس الأميركي كان يتنفَّس من أنفه خلال الثلث الأخير من الخطاب، ما ساعد على صدورِ لثغةٍ بارزةٍ في نطقه حين تنفَّسَ من فمه فيما بعد.
وقال: "إذا كان طقم أسنانك واسعاً، فلن ترغب في مرور الكثير من الهواء من فمك".
رفض الكشف عن هويته
ولقد رفض طبيب الأسنان، صاحب الشهادة المُعتَمَدة، التصريح بهويته علناً، قائلاً إنه "لا يحب الخوض في السياسة".
وقال: "آخر ما أريده أن تصل فكرةٌ خاطئةٌ عني لنصف مرضاي".
وليس من المعلوم ما إذا كان الرئيس يستخدم طاقم أسنانٍ أم لا. ولم يستجب البيت الأبيض لأي طلبات تعليقٍ بشأن سبب التلعثم.
لكن ترامب بدا كأنه يعدَّل وضع فكه السفلي مُحرِّكاً إياه أحياناً من جهةٍ لأُخرى في سكتاته بين الجُمَل بخطابه.
لكن المُتحدِّث الرسمي باسم البيت الأبيض، راج شاه، أسقط التكهُّنات كلها في المساء، مُصرِّحاً لصحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية بأن "حلقه كان جافاً، هذا كل ما في الأمر".
وحين سُئِلَ عمَّا إذا كان الرئيس يعاني أي مشاكل صحيةٍ بهذا الخصوص، أجاب: "أنا أعرف ما تلمح إليه. وأقول لك إنه ليس هناك شيءٌ من ذلك".
كلينتون
وقد جاءت معظم النظريات الأقل رصانةً من الليبراليين، الذين يبدو أنهم يسمعون ما يريدون سماعه فقط. فقد غرد والتر شوب، مسؤول مراقبة الأخلاقيات بالحكومة الأميركية في عهد أوباما، مُقارِناً تلعثُم ترامب بالهوس الشعبي بنوبة الأنفلونزا التي أصابت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون العام الماضي.
وقال: "من المُدهِش أن يتجاهل الإعلام مشهد طمس الرئيس الأميركي للكلام، بالمقارنة مع الهياج الذي اعتراهم حول صحة كلينتون، التي أثبتت صلابتها بقيامها بجولاتٍ دبلوماسيةٍ مكوكيةٍ حول العالم. لا أعرف كيف أُفسِّر ذلك عدا كونه دليلاً على العنصرية الجنسية في السياسة!".
وكانت لدى هولي أورايلي، المُنظِّمة بجماعة "سعياً للحقيقة" المناهضة لترامب، نظريتها الخاصة، فقالت في تغريدةٍ: "إذا تمكنت من مشاهدة المقطع للنهاية، فأنت تمتلك معدةً أقوى من معدتي. هل عاد ترامب للمخدرات مرةً أخرى؟! كان فمي يجف هكذا حين كنت أتعاطى المخدرات. هل يعاني سكتة دماغية؟".
سكتة دماغية
وخمَّنَ بوب سيسكا، الكاتب في موقع salon.com، قائلاً: "حدث شيءٌ ما بكل تأكيد لترامب في أثناء الجزء الأخير من خطابه المُتعلِّق بالقدس. فقد تلعثَمَ خطابه بوضوح، خصوصاً حين قال (الولايات المتحدة)، وهو لا يستطيع التحكُّم في فمه. يبدو الأمر نتيجةً لسكتةٍ دماغيةٍ، لكن هل يمكن أن تكون هناك مثلاً مشكلةٌ في أسنانه؟ لا أعرف".
ويُعرَف ترامب بعدائه للمخدرات وأنه لا يشرب الكحوليات. وقد توفي شقيقه الأكبر وهو في الأربعينيات من عمره إثر إفراطه في الشرب.
وإذا صح الأمر، فلن يكون ترامب أول رئيسٍ يستخدم طاقم أسنانٍ. فمن المعروف أن جورج بوش كان يستخدم طاقم أسنانٍ مصنوعاً من الخشب. ورفض جون آدمز، ثاني رؤساء الولايات المتحدة، أن يستخدم طاقم أسنانٍ حين تقدَّم بالعمر، ما جعل له لثغةً شديدةً.