شدّدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على ضرورة البناء على اتفاق المصالحة وتعزيز الإجراءات التي تم تنفيذها حتى الآن بإجراءات إضافيّة تُنهي كل مظاهر الانقسام، عبر رؤية وطنية مسؤولة بعيدة عن فرض مواقف أو رؤى فريق على الآخر.
ودعت الجبهة، في كلمتها خلال لقاء الفصائل بالقاهرة أمس الثلاثاء، والتي ألقاها نائب الأمين العام أبو أحمد فؤاد، إلى حماية اتفاق المصالحة بتوفير حاضنة شعبية له، ووقف الإجراءات العقابية التي أقدمت عليها حكومة الوفاق بحق قطاع غزة. داعيةً في الوقت ذاته لوقف التصريحات التوتيريّة التي تُهدّد الاتفاق.
وأكّدت على أهمية الاتفاق سريعًا على برنامج وطني يُجسّد القواسم المشتركة التي تحافظ على مصالح شعبنا وحقوقه الوطنية في كافة أماكن تواجده، وإعادة نظم الهدف الوطني الجامع في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، والمتمثّل في هذه المرحلة بحق العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة كاملة السيادة على الاراضي المحتلة عام 1967 بعاصمتها القدس.
وقالت الجبهة "إنّ الاتفاق على البرنامج الوطني مقرون بقيادة موحّدة، هو الذي يُشكّل الأساس لضبط ونَظْم أشكال إدارة الصراع مع الاحتلال على مختلف المستويات". مُحذّرةً من "مخاطر تفكيك عناصر هذا البرنامج تحت وطأة الضغوطات الدولية، من خلال تركيز الخطاب الرسمي الفلسطيني على موضوع الدولة على أهميته، وتغييب التركيز كما ينبغي وبذات القدر على حق تقرير المصير والعودة وفق القرار 149، أو التعامل مع مبادرات تقود إلى تصفية هذه الحقوق، سواءً تلك المبادرات التي تتجاهلها علانيةً، أو تلك التي تدعو إلى الانتقاص منها كدعوة بعضها إلى (حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين)، وهو الأمر غير الممكن والمعروف مسبقاً في ظل مواقف الحكومات المتعاقبة لدولة الاحتلال الرافضة الإقرار بأي حقٍ من حقوق اللاجئين، والذي يعني في ظل موازين القوى المختلة راهناً لصالح الاحتلال، أن مُحصلة المفاوضات بشأن هذا الحق، لن يكون مصيرها إلاّ الفشل والتجاوز، إن لم يكن الطمس له".
وأضافت "إن إعادة تفعيل وبناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية وفق الاتفاقيات الموقعة يجب أن يُشكّل بالنسبة لنا جميعاً أولوية قصوى، لحماية المنظمة، ودورها ومكانتها التمثيلية بصفتها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني".
وعليه، أكّدت الشعبية أنّ "دعوة لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية للانعقاد ومتابعة مهماتها المقررة هو أمرٌ بالغ الأهمية، فضلاً عن أهمية مواكبتها لأعمال اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني التي عُقدت في بيروت في يناير/كانون ثاني من هذا العام، ومتابعة تنفيذ مخرجاتها التي كانت حصيلة توافق وطني واسع".
وبهذا الصدد، أعادت الجبهة الشعبية تأكيد موقفها الداعي إلى "ضرورة مواصلة اجتماعات اللجنة التحضيرية لإنجاز كافة الملفات المعروضة عليها، وصولاً إلى الإعداد الجيد لعقد دورة جديدة لمجلس وطني توحيدي وفق الاتفاقيات الموقعة بمشاركة الإخوة في حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وعلى أن يتشكّل المجلس بالانتخاب حيثما أمكن ذلك وفقاً لنظام التمثيل النسبي الكامل، أو بالتوافق الوطني حيث يتعذّر إجراء الانتخابات، وبما يلحظ تمثيلاً مناسباً للقوى السياسية كافة يتناسب مع أوزانها قدر الامكان، لأن مرحلة التحرر الوطني والديمقراطي التي نعيش، تستوجب جبهة وطنية عريضة تمثلها الآن منظمة التحرير الفلسطينية، مهمتها تجميع وتوحيد طاقات وقدرات مختلف القوى وقطاعات الشعب في المعركة ضد الاحتلال".
ودعت إلى "الاتفاق على آلياتٍ توفّر شراكة وطنية كاملة في التقرير بكل ما يتعلّق بالشأن الوطني وفي تحمّل المسؤوليات الناجمة عن ذلك، ومن أهم الاليات التي نراها، هي انتظام اجتماعات الهيئات المنتخبة وخاصة اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، والالتزام بالقرارات الصادرة عنها، والانضباط إلى اللوائح التي تنظم عملها، وإلى البرنامج الوطني المشترك، وعدم اتخاذ التكتيكات الآنية المطلوبة في لحظة ما مبرراً لتجاوز البرنامج، أو الشراكة في القرار والتقرير".
وشدّدت الجبهة على أنّه وعلى قاعدة هذه الشراكة التي تدعو لها، "يُمكن إدارة الصراع مع الاحتلال بكافة أشكال المقاومة السياسية والشعبية، والكفاحية، والاتفاق على أولوية أيٍّ منها في ضوء قراءة سياسية مشتركة للواقع وتطوراته المباشرة والمتوقعة".
وقالت "إن الجبهة الشعبية، ومع وعيها لأهمية الفعل على مختلف المستويات والمحافل العربية والإقليمية والدولية بالاستناد إلى البرنامج الوطني المشترك، وإلى القرارات الدولية ذات الصلة بحقوق الشعب الفلسطيني، فإنها تدعو إلى عدم الاستجابة لدعوات العودة إلى المفاوضات وفق الشروط الاسرائيلية، أو وفق الاتفاقيات التي نعيش اليوم نتائجها الكارثية، والتمّسك بديلاً عن ذلك بعملية سياسية بديلة تستند إلى المطالبة بعقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات برعاية الأمم المتحدة، هدفه وضع آليات مُلزمة لتنفيذ قراراتها ذات الصلة بحقوق الشعب الفلسطيني".
كما دعت إلى "اعتماد الانتخابات بنظام التمثيل النسبي الكامل وانتظام دوريتها قاعدة راسخة تحكم مختلف مستويات ومكونات النظام السياسي الفلسطيني، ليتمكّن شعبنا من اختيار ممثليه وقياداته بإرادة حرة".
وأكّدت على أنّ "إجراء الانتخابات بهذا المضمون والتي ندعو إلى الاسراع بها، يتطلّب توحيد المؤسسات، وإعادة تدقيق القوانين والاجراءات الخاصة بهذا الشأن، والعمل على تعزيز الديمقراطية سلوكاً ونهجاً في المجتمع، وتوحيد جهاز القضاء".
وأردفت "في جانبٍ آخر، هناك ضرورة لمراجعة وتدقيق القوانين، ومشاريع القوانين بقرارات التي صدرت فترة الانقسام عن المجلس التشريعي والرئاسة، وذلك من قبل جهات اختصاص موثوقة، ومن ثم إحالتها للمجلس التشريعي بعد التوافق عليها، والاتفاق على الدور الانتقالي للمجلس التشريعي بالاحتكام إلى التوافق بين الكتل النيابية كقاعدة ملزمة عند بحث القضايا ذات الاختصاص المعروضة عليه".
وفي ختام كلمتها، قالت الجبهة الشعبية "إنّنا اليوم أمام فرصة يجب التقاطها والبناء عليها، وعلينا عدم السماح بتبديدها، كما علينا استثمار الوقت المتاح لنا وعدم تبديده، لأن المستفيد من ذلك لن يكون إلاّ عدونا، وختمت بالتأكيد على "بذل كل الجهود المخلصة، والتعاون مع الجميع من أجل إنجاح هذا اللقاء، وطي صفحة الانقسام، على طريق الوصول بشعبنا وقضيتنا إلى الانتصار".