ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن حكومة بنيامين نتنياهو صادقت على رزمة من الإجراءات التي ستتخذها خلال الفترة القادمة لتحسين الظروف المعيشية لسكان قطاع غزة، في ظل ازدياد التقارير الدولية التي تتهم إسرائيل بالمسؤولية المباشرة عن تردي الوضع المعيشي لسكان قطاع غزة؛ بفعل الحصار المفروض عليه منذ نحو 10سنوات.
ووفقا لصحيفة معاريف العبرية، فقد صادقت الحكومة على سلسلة من التسهيلات الاقتصادية للفلسطينيين، من ضمنها إقامة منطقة صناعية على الحدود الشرقية لقطاع غزة، وبناء منشآت لتحلية مياه البحر، والسماح لمصانع الخياطة بتصدير منتجاتها من الملابس الجاهزة بشكل مباشر للسوق الإسرائيلي للمرة الأولى منذ 12 عاما.
وتابعت معاريف أن التسهيلات الإسرائيلية التي تمت المصادقة على جزء كبير منها؛ جاءت بناء على طلب من مبعوث الرئيس الأمريكي للمنطقة، جيراد كوشنير، الذي يرى أن السلام الاقتصادي هو بوابة للوصول لأي تسوية سياسية شاملة مع الفلسطينيين خلال الفترة القادمة.
تسهيلات اقتصادية للمرة الأولى
من جانبه، قال بشير البواب، رئيس شركة "يونيبال 2000" المسؤولة عن توريد الملابس الجاهزة للسوق الإسرائيلي، إنه "جرى الاتفاق بين وزارة الاقتصاد الفلسطينية ونظيرتها الإسرائيلية بداية هذا الشهر؛ على نقل ثماني شحنات من الملابس الجاهزة التي تنتجها مصانع الخياطة في غزة للأسواق الإسرائيلية بشكل شهري، على أن يتم رفع عدد الشاحنات الواردة إلى 20 شاحنة شهريا من بداية من العام القادم".
وأوضح البواب، أن "عددا من مصانع الخياطة بدأت بتجهيز طلبيات لشراء مستلزمات إنتاج الملابس من الهند والصين وتركيا لاستكمال العمل في مصانعها"، مضيفا: "هناك بين 20 و25 مصنعا على استعداد تام لتوريد الملابس الجاهزة إلى أسواق الضفة الغربية وإسرائيل خلال موسمي الخريف والشتاء القادمين، على أن يرتفع العدد إلى 40 مصنعا خلال عام من الآن"، كما قال.
ووفقا لأستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة، خليل النمروطي، فإن التسهيلات الإسرائيلية الأخيرة تأتي في إطار "تجميلي للحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة منذ 12 عاما"، موضحا أنها "تحاول بهذه التسهيلات أن تروج أمام المجتمع الدولي بأنها حريصة على مصلحة الفلسطينيين من خلال التخفيف من معاناتهم الاقتصادية المعيشية"، وفق تقديره.
وأوضح النمروطي أن حجم التسهيلات الأخيرة الممنوحة لأهالي القطاع؛ تدلل على أن إسرائيل "لا ترغب في إنهاء هذه المعاناة بشكل كامل"، متسائلا: "ما هو التأثير الاقتصادي المرجو من نقل شاحنتين أسبوعيا من مصانع الخياطة في غزة لا تتجاوز قيمتها 20 ألف دولار، بعد أن كان عدد الشاحنات التي تنقل أسبوعيا أكثر من 110 شاحنات قبل فرض الحصار الإسرائيلي تحديدا في العام 2006؟".
تطبيق الرؤية الأمريكية
وأشار النمروطي، إلى أنه في ظل توقف المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين، فإن إسرائيل تحاول من خلال هذه الإجراءات "الترويج لمشروع السلام الاقتصادي مع الفلسطينيين، وهي خطة تقوم على تمكين الفلسطينيين من بناء دولتهم ومنحهم تسهيلات اقتصادية ومعيشية؛ مقابل ضمانهم لملف الأمن في المناطق الداخلية، وهي تتطابق مع الرؤية الأمريكية لحل الصراع"، على حد قوله.
ويطرح تزامن التسهيلات الإسرائيلية الأخيرة؛ مع تطور ملف المصالحة الفلسطينية، تساؤلات حول أهداف إسرائيل من تقديم هذه التسهيلات المفاجئة.
من جانبه، قال وزير الاقتصاد السابق في حكومة غزة، علاء الدين الرفاتي، إن إسرائيل تدرك جيدا أن عودة السلطة الفلسطينية لتصدر المشهد السياسي في قطاع غزة بعد مرور 10 سنوات على غيابها؛ ستصب في "مصلحتها السياسية والأمنية، من خلال تبني الرئيس عباس لوجهة النظر الإسرائيلية في موضوع السلام الاقتصادي؛ للوصول لتسوية سياسية شاملة مع الفلسطينيين خلال فترة ولاية الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب".
ونوه الرفاتي إلى أن "التسهيلات الإسرائيلية الممنوحة للفلسطينيين ستبقى مرهونة بمدى التقدم في ملف المصالحة الفلسطينية، مقابل الحصول على ضمانات من السلطة الفلسطينية بضبط ملف الأمن والحدود"، وفق قوله.