بعد النجاح المؤقت الذي حققته بملف المصالحة الفلسطينية وتقريب وجهات النظر بين حركتي "فتح" و"حماس" عقب خلاف طويل، تحاول جمهورية مصر العربية أن تعيد نفسها مجدداً على الساحتين العربية والدولية، بإدارة ملف "التسوية" بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، والسعي لعقد قمة سلام جديدة بين الطرفين على أراضيها.
الصورة التي صدرتها وسائل الإعلام الدولية، والضحك المتبادل بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، كانت تخفي خلفها الكثير من التوافق حول سبل "إحياء عملية السلام" في الشرق الأوسط، بحسب بيان الرئاسة المصرية.
وقد كشفت صحف عبرية وعربية عن جهود مصرية تجري للتحضير لعقد اجتماع قمة في مدينة شرم الشيخ المصرية، يجمع السيسي ونتنياهو والملك الأردني عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، لإحياء مشروع "التسوية" في منطقة الشرق الأوسط.
- تفاصيل التسوية
وسائل الإعلام العربية والعبرية، قالت إن السيسي نقل إلى نتنياهو خلال لقاء نيويورك اقتراحاً أمريكياً يطلب فيه إضافة حضور العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، أو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، القمة نفسها، على أن يترك تنسيق ذلك بين القاهرة والرياض.
والاثنين (18 سبتمبر 2017)، التقى السيسي ونتنياهو لأول مرة في العلن؛ بعد أحاديث إعلامية إسرائيلية عن لقاءات سرية جمعتهما سابقاً، وكان أحدها في قمة جمعتهما مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري، في العقبة الأردنية العام الماضي.
مسؤول مصري رفيع المستوى يعمل في وزارة الخارجية المصرية، كشف لـ"الخليج أونلاين" تفاصيل الجهد الجديد الذي يقوده الرئيس السيسي لإحياء مشروع التسوية في منطقة الشرق الأوسط، بمساعدة بعض رؤساء الدول العربية، قائلاً: "هناك خطة سرية متفق عليها مصرياً وإسرائيلياً وأمريكياً من خلال لقاءات سابقة".
وتتمثل الخطة، وفق المسؤول، في "تحقيق مصالحة فلسطينية داخلية وإنهاء خطر المقاومة الموجودة بقطاع غزة على إسرائيل، ومن ثم البحث عن سبل لإحياء مشروع التسوية الكاملة في المنطقة، قبل الانتقال للمرحلة الثالثة والأخيرة للتطبيع العربي مع إسرائيل"، حسب قوله.
ووفقاً للمسؤول، فإن الكثير من الدول العربية تطمح لأن تصل إلى البند الأخير من الخطة مباشرةً بتطبيع سياسي واقتصادي كامل مع الاحتلال الإسرائيلي، لكن تقف القضية الفلسطينية عقبة في وجههم، مضيفاً: "لذلك بدأ هذا الجهد بدعم عربي كبير لإنجاح جهود مصر في المصالحة والتسوية".
- قمة بشرم الشيخ
ولفت المسؤول المصري إلى أن "الاتصالات تجري على قدم وساق حول القمة المقبلة، وسيتم عقدها- بحسب المعلومات الأولية التي وصلتنا- في منتصف شهر ديسمبر المقبل، في مدينة شرم الشيخ المصرية وبحضور وفود عربية ودولية كبيرة".
وكشف أن "خطة التسوية" الجديدة التي ستطرح قد تم تجهيزها بمشاركة مصر والأردن ووفدين إسرائيلي وأمريكي، لافتاً إلى أن "اللقاءات السرية جرت في ثلاث عواصم؛ هي القاهرة وعمّان وواشنطن، وأُطلع الرئيس محمود عباس شخصياً على الخطة الجديدة".
وذكر المسؤول أن اجتماعات أخرى سيشارك فيها هذه المرة وفد فلسطيني برئاسة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، ورئيس جهاز المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج، لوضع اللمسات الأخيرة على الخطة قبل طرحها رسمياً، وإعلان مفاوضات السلام.
وتوقفت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في أبريل 2014؛ بعد رفض سلطات الاحتلال وقف الاستيطان والإفراج عن أسرى قدامى، وقبول حل الدولتين على أساس دولة فلسطينية على حدود 1967 عاصمتها شرق القدس.
- تصفية قضية فلسطين
القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بالضفة الغربية المحتلة، حسن يوسف، حذر من "مخططات خطيرة" تُحاك ضد القضية والمشروع الوطني الفلسطيني، تحت اسم "مبادرات لإحياء مشروع التسوية"، يشرف عليها بعض دول عربية.
وأكد يوسف، لـ"الخليج أونلاين"، أن العودة للمفاوضات مع إسرائيل بعد فشل هذا النهج طوال الـ22 عاماً الماضية، لن يجلب إلا المزيد من الدمار والهلاك لشعبنا، وسرقة المزيد من الحقوق والثوابت التي ضحى من أجلها الفلسطينيون ودفعوا أرواحهم ثمناً لها.
وحذر القيادي الحمساوي الرئيس الفلسطيني من الوقوع بـ "فخ" المبادرات السياسية والتحركات الجديدة في المنطقة التي تمس الثوابت الفلسطينية، مؤكداً أن إدارة ترامب لن تقدم أي مبادرة سياسية تتعلق بالمفاوضات حتى وإن كانت تحت غطاء عربي، تتعارض مع المصالح والمخططات الإسرائيلية في المنطقة، مؤكداً أن ما يقدم "وهم جديد" لا أكثر.
وأضاف: "القضية الفلسطينية أصبحت في خطر حقيقي، وباتت الدول العربية تتسارع لتجاوزها حتى يصلوا إلى مرحلة التطبيع الكامل مع الاحتلال الإسرائيلي، وهذا الأمر في غاية الخطورة، ويهدف لتصفية القضية، وتقديم طوق النجاة للمحتل رغم كل جرائمه التي يمارسها بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته".
"الخليج اون لاين