لم تحاول حركة المقاومة الإسلامية حماس المواربة، حينما أرسلت وفداً رفيع المستوى قبل أيام للمشاركة في تنصيب الرئيس الإيراني حسن روحاني لولاية ثانية، بل ربما بدا أنها حريصة على إظهار ذلك بكل وضوح، معلنة "فتح صفحة جديدة" في العلاقات مع طهران، فما الذي دفعها لذلك، بعد قطيعة دامت قرابة الخمس سنوات؟
محللون سياسيون فلسطينيون تجاوزوا المشهد الحميم الذي نقلته الصور، ليرجِّحوا أن العلاقات الثنائية بين حركة "حماس" وإيران ستتطور، خلال الفترة المقبلة، وستعود إلى ما كانت عليه سابقاً، قبل الأزمة السورية، مشيرين إلى أن عودة الدفء للعلاقات الثنائية بين حماس وطهران قد تتسبب بانزعاج بعض الدول العربية كالسعودية والإمارات ومصر.
ويزور وفد قيادي من حركة "حماس"، العاصمة الإيرانية طهران، حالياً، تلبية لدعوة رسمية لحضور تنصيب الرئيس حسن روحاني، في ولايته الثانية.
وكان الوفد قد التقى خلال اليومين الأخيرين قادة بارزين، بينهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف، ومستشار مرشد الثورة علي أكبر ولاياتي، ورئيس البرلمان علي لاريجاني.
وقالت حركة حماس في بيانٍ، الأحد الماضي، تعقيباً على زيارة الوفد، إنها "فتحت صفحة جديدة من علاقاتها الثنائية مع إيران، نحو مواجهة عدو مشترك ونصرة فلسطين والأقصى والمقاومة"، ناقلة عن الوزير ظريف تأكيده أن دولته ستحافظ على "العلاقة التي تربطها بالفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس، وستواصل دعمها للمقاومة الفلسطينية".
السعودية السبب
أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة بغزة (خاصة) عدنان أبو عامر، يقول إن العلاقات بين الجانبين تعود بشكل تدريجي إلى ما كانت عليه قبل الأزمة السورية.
وقال: "هناك مصالح مشتركة لإعادة العلاقات بين الطرفين"، مضيفاً "حماس تجد أن مصلحتها تتمثل بالحفاظ على علاقات قوية مع إيران بشكل أساسي، بهدف الحصول على الدعم المالي أو العسكري".
وأكد أن حركة حماس ترى في علاقاتها مع إيران دعماً إقليمياً لها، خاصة بعد حالة الرفض التي واجهتها من دول عربية رئيسية.
ومؤخراً وصف مسؤولون سعوديون وإماراتيون حركة حماس بأنها "إرهابية"، وهو ما استنكرته الحركة وأدانته بشدة.
ورأى أبو عامر أن المتغيرات في المنطقة، والعزلة التي عانت منها حماس، دفعتها للتقارب مع المحور الإيراني.
كما أكد أن إيران، بالمقابل، معنية بنسج علاقة قوية مع حركة حماس.
وأضاف: "إيران تعتقد أن قطيعتها مع حماس حرمتها من دائرة التأثير في الملف الفلسطيني".
وقال إن إيران "تريد أن تتجاوز أخطاءها في سوريا والعراق، وتمتص غضب الرأي العام السُّني العربي، عبر نسج علاقة قوية مع حماس كحركة سنية إسلامية".
واتفق إبراهيم المدهون، الكاتب والمحلل السياسي مع سابقيه، في أن علاقة حماس مع إيران في طريقها نحو "صفحة جديدة".
ورأى المدهون أن علاقة حماس عقب زيارة وفدها الأخير إلى طهران ستتطور بشكل كبير، مشيراً إلى أن الزيارة "قد ينتج عنها تطورات تحمل في طياتها الكثير من تمتين العلاقة".
وتابع: "ما يميز العلاقة مع إيران أنها لا تربطها أي علاقة مع إسرائيل، ومستعدة أن تدعم حماس بالمال والسلاح إلى جانب الموقف السياسي".
ولفت المدهون إلى أن حركة حماس بحاجة إلى دعم مالي وسياسي في الوقت الراهن، وخاصة في ظل الأزمات التي يعاني منها قطاع غزة الذي تدير شؤونه.
ويرى أن "المصالح المشتركة" بين الطرفين دفعتهما نحو فتح صفحة جديدة بعيداً عن الخلافات.
كما يعتقد المدهون أن من شأن تقارب حماس مع إيران، التسبب بانزعاج بعض الدول كالسعودية والإمارات ومصر.
وقال: "حماس ستعمل جاهدة للحفاظ على علاقة الود مع السعودية، بعيداً عن الصدام، وستحاول أن توازن علاقاتها مع كافة الأطراف، فهي لا تريد التصادم مع أي دولة أو صراعات جانبية".
ولفت المدهون إلى أن حماس قد تعطي الأولوية لعلاقاتها مع إيران، كون علاقاتها مع السعودية "باردة" ومتوترة.
حليف استراتيجي
ويرى وليد المدلل، رئيس مركز الدراسات السياسية والتنموية في غزة (مركز بحثي غير حكومي)، أن العلاقة بين حماس وإيران تعافت مما شابها طيلة السنوات الماضية.
وقال: "العلاقة تتجه نحو التعافي الكامل، خاصة عقب انتخابات حركة حماس الأخيرة".
وعلى مدار سنوات، أقامت "حماس" علاقات قوية ومتينة مع إيران، لكن اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، ورفض "حماس" تأييد نظام بشار الأسد، وتّر العلاقات بينهما.
ويضيف المدلل أن حركة حماس تعتبر إيران "حليفاً استراتيجياً، ولم تقطع العلاقة معها رغم السُّحب الداكنة التي خيَّمت على علاقتهما في الماضي".
وتابع: "إيران تتقدم على غيرها من الأطراف في دعم حماس مالياً ولوجستياً".
وأكد المدلل على أن العلاقة بين حماس وإيران مرشحة لمزيد من التطور.
ولفت إلى أن حماس "غير معنية بالمغامرة، في ظل الظروف العربية الراهنة والإقليمية، لخسارة علاقتها مع إيران".
وعما إذا ما كانت علاقة إيران مع حماس ستؤثر على علاقاتها مع دول عربية كالسعودية والإمارات ومصر، قال المدلل إن الحركة حريصة على "ترسيخ هذه العلاقة، بعيداً عن الأطراف الأخرى".
وتابع المدلل: "حماس لم ولن تتلقى أي دعم مادي أو لوجستي من السعودية والإمارات بخلاف إيران، وبالتالي ليست هناك خسارة في هذا المحور".
ورغم ذلك، فإن حماس حريصة على إبقاء العلاقة متوازنة مع كافة الأطراف والمحاور، بحسب المدلل.
المصدر :" الاناضول