كتب آفي يسسخروف في موقع واللا العبري : - أزمة الكهرباء في قطاع غزة توشك على الانتهاء أو على الأقل هذا ما تظهره التقارير التي تنشر في وسائل الإعلام الفلسطينية، والغزية منها على وجه التحديد.
مصر ستُدخل خلال الأيام المقبلة العشرات من شاحنات السولار لغزة، والمفترض ان تجدد عمل محطة الطاقة في غزة وتزود سكان القطاع بالكهرباء. الاتفاق المصري بإدخال الوقود هو نتيجة اتفاق تسوية أو مصالحة بين حركة حماس وبين من كان خصمها الأكبر محمد دحلان، مسؤول فتح سابقًا، هذا الاتفاق يبدو كأكثر خطوة دراماتيكية عرفتها الساحة الفلسطينية خلال العقد الماضي منذ الانقلاب الذي نفذته حماس في غزة.
فعليًا، الشخص الذي تنسب له السلطة فشل فتح في قطاع غزة خلال الانقلاب قبل عشر سنوات، هو من يظهر اليوم صورة المنقذ لغزة في ظل علاقاته الممتازة مع مصر والامارات العربية المتحدة. إدخال الوقود لغزة له معانٍ أبعد بكثير من تزويد الكهرباء؛ أولًا: في حال تم حل مشكلة الكهرباء في غزة فعلًا - حتى لو بشكل مؤقت - معنى ذلك أن خطر الحرب أمام إسرائيل في الصيف المقبل قد تراجع. بالإضافة لتصريحات مسؤول حماس خليل الحية بأن حماس لا تنوي الخروج لحرب أمام إسرائيل، يمكن الفهم أن التنظيم ليس لديه مصلحة في الوقت الحالي بالذهاب لتصعيد أمام إسرائيل.
ثانيًا: دحلان يتحول لتهديد سياسي حقيقي لرئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن. الرئيس - الذي فعل الكثير من أجل عزل دحلان داخل فتح وفي الضفة الغربية - هو من قرر تقليص الوقود عن غزة وتقليص الرواتب، وظهر كمن يضر بكل كبير بالوحدة الفلسطينية وسكان القطاع. على النقيض، دحلان هو من نجح باتخاذ خطوة معقدة وضعته في مكانة الشخص الذي يستطيع ان يحل مشاكل غزة، وربما "المنقذ" للفلسطينيين من أزماتهم.
أحد أكبر ألغاز التسوية هو تصرف مصر، لو كانت التقارير التي تتحدث عن اتفاق مصالحة بين دحلان وحماس صحيحة فعلًا، معنى ذلك صفقة مدوية على وجه أبي مازن. في الوقت الذي يعمل فيه رئيس السلطة الفلسطينية خلال الأشهر الأخيرة لعزل القطاع وتشديد الضغط على حماس للتنازل عن حكمها في غزة؛ القاهرة وحماس أعادا للقطاع الخصم الأكبر لأبي مازن، ومن المحتمل أن يتلقى صلاحيات إدارية محددة؛ وبذلك ستحافظ حماس على حكمها، ومكانة دحلان ستتعزز، في حين أن أبا مازن سيضعف درجة كبيرة.
حسب مصادر فلسطينية، التفاهمات بين حماس ومصر تشمل موافقة دحلان على أن تبقى حماس المسؤولة عن الأمن الداخلي والخارجي لقطاع غزة. بعبارة أخرى، الذراع العسكرية لحماس ستواصل عملها دون إعاقة، ودحلان سيكون المسؤول عن السياسات الخارجية لغزة. فعليًا، في المرحلة الأولى، التفاهمات تشمل فقط إجراءات انسانية، فتح معبر رفح لفترات أطول، إدخال وقود لقطاع غزة، بتمويل من حليفة دحلان على ما يبدو، الامارات العربية المتحدة، ودخول وخروج للفلسطينيين من غزة للخارج.
في المرحلة الثانية سيتطور الاتفاق كما هو متوقع، أي ان غزة ستدار ككيان سياسي منفصل، وبالتأكيد سيحدث فصل حقيقي بين الضفة وغزة. حماس من جانها ستلتزم بالعمل ضد نشاطات جهات جهادية، ومن ضمنها تنظيم "الدولة الإسلامية - داعش" في القطاع وعلى الحدود بين غزة وسيناء، والسماح بعودة أفراد "معسكر دحلان" لغزة، الذين فروا من القطاع قبل عشر سنوات خلال الانقلاب.
الحديث ليس عن خطوة مصرية عرضية أو أمر يحدث رغم أنف السلطات المصرية. معسكر دحلان التقى مع وفد حماس بإشراف رجال الاستخبارات العامة المصرية، برئاسة الوزير خالد فوزي. أربع لقاءات بالمجمل عقدت بين يحيى السنوار، روحي مشتهى، وآخرين في حماس، بين أفراد دحلان، سمير المشهراوي وغيرهم، في نهاية الأمر تم عقد لقاء استمر ساعتين بين دحلان والسنوار وحدهما.
في الوقت نفسه، في السلطة الفلسطينية بدأوا بشن الهجوم، مسؤولو فتح يهاجمون مصر بسبب محاولتها السافرة للتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية، لكنهم يفهمون أن خطوة المصالحة بين دحلان وحماس ستتحقق، معنى ذلك تحقيق حلم قديم لحماس ولليمين الاسرائيلي، دولة فلسطينية بحكم الأمر الواقع في غزة والسماح بالاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية.
ملاحظة: الآراء والألفاظ الواردة في المقال تعبّر عن صاحبها،