من المقرر ان تكون المبادرة القطرية، التي قدمت قبل ثلاثة أشهر لحركتي فتح وحماس، وتشمل آليات لحل ثلاثة ملفات خلافية أساسية، أساس الحوارات التي ستنطلق بين قيادات الحركتين خلال الأيام المقبلة في قطاع غزة، بهدف رأب الصدع في العلاقة وإنهاء حالة الانقسام السياسي القائم وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وتشمل المبادرة القطرية التي قدمت قبل أكثر من ثلاثة أشهر، آليات عملية لحل الملفات الخلافية التي جرى تضمينها في اتفاقيات المصالحة السابقة، بهدف تسهيل الوصول إلى حل ينهي كل آثار الانقسام.
ويرجح أنها عرضت عقب زيارة الرئيس محمود عباس في نهايات أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي للعاصمة الدوحة، حيث التقى وقتها هناك بكل من خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، ونائبه إسماعيل هنية، بوساطة وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وهو أمر أكده القيادي في حركة حماس صلاح البردويل في تصريحات لـ «القدس العربي».
وتشمل المبادرة بندا يتحدث عن حل مشكلة الموظفين الذين عينتهم حركة حماس بعد سيطرتها على قطاع غزة، حيث ظل ملفهم طوال الفترة الماضية حائلا دون إتمام المصالحة.
وإضافة إلى ذلك تشمل بندا لحل الخلافات حول تفعيل المجلس التشريعي الفلسطيني، وعقدا بالبدء بعقد جلسة مشتركة لكافة النواب، وهو أمر غاب منذ أكثر من عشر سنوات، وانتخاب رئاسة جديدة، وكذلك إعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية بدخول حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وتشكيل القيادة الجديدة للشعب الفلسطيني.
كذلك تشمل المبادرة القطرية حلولا للانقسام من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية ببرنامج فلسطيني توافقي، ولا يقتصر البرنامج على مطلب فتح بأن تتبنى برنامج المنظمة، في ظل رفضه من حماس.
وجاءت المبادرة القطرية في أعقاب استضافة الدوحة العديد من لقاءات المصالحة بين وفود من حركتي فتح وحماس، بدأت منذ مطلع العام الماضي، حيث جرى التوصل في بدايتها إلى «تصور عملي» للمصالحة، قبل أن يفشل الفريقان في إنهاء كامل الخلافات، خاصة حول الملفات الثلاثة سابقة الذكر، وهو ما دفع قطر لتقديم المبادرة.
وقدم الطرفان خلال العام الماضي وجهات نظر مختلفة لحل مشكل موظفي غزة، حيث تطلب حماس دمجهم في مؤسسات السلطة، في حين طلبت فتح خضوع ذلك للجنة قانونية مشكلة من الحكومة، كما اختلفا حول برنامج حكومة الوحدة، حيث تطلب حماس أن يكون برنامجها هو برنامج التوافق الوطني المعروف باسم «وثيقة الأسرى»، في حين طلبت فتح أن تتبنى هذه الحكومة برنامج منظمة التحرير الفلسطينية.
ومع استلام المبادرة خضعت لمناقشات داخل أطر الحركتين، وأرسلت حركة فتح ملاحظات وتعديلات على هذه المبادرة في وقت سابق، وهو أمر لم يرق لحركة حماس.
وعملت «القدس العربي» أن الخلافات في وجهات النظر حول المبادرة لا تزال قائمة بين الطرفين، وهو أمر يدفع إما لفشل الحوار المرتقب، أو تمديد فترة المباحثات إلى ما بعد 25 من الشهر الجاري، وهو الموعد الذي حدده الرئيس عباس سابقا لهذه اللقاءات.
وسيطلب وفد فتح في بداية المباحثات، قيام حماس بإلغاء «اللجنة الحكومية» التي شكلتها لإدارة قطاع غزة.
وأكد الدكتور البردويل عضو المكتب السياسي لحركة حماس أن حركته تسلمت المبادرة القطرية، غير أنه رفض الحديث في تفاصيل بنودها، مشيرا إلى أن قطر كونها الدولة التي قدمتها، هي المخولة بالكشف عنها.
لكنه أكد أن حركة حماس وافقت على المبادرة عندما قدمت في وقتها، وأعطت «ردا إيجابيا»، وأن الرئيس عباس «نسف بنود المبادرة» عندما قدم ردا عليها من خلال التعديلات التي طالب بها.
وأشار إلى أن المبادرة تشمل بنودا لحل مشكلة الموظفين، وإعادة تفعيل المجلس التشريعي، وتشكيل حكومة وحدة وطنية.ورفض القيادي في حماس مطالبة حركته من قبل الرئيس عباس بالموافقة على هذه المبادرة، وقال إنه بذلك «يتحدث نيابة عن قطر»، وإن ذلك أمر غير صحيح.
وحسب البردويل فإن المبادرة القطرية الجديدة جاءت في ظل عدم الاتفاق على تطبيق بنود الاتفاقيات السابقة التي وقعت في القاهرة والشاطئ والدوحة من قبل.
وقال إن الاتفاقيات التي وقعت سابقا كثيرة، وإن كل ما تحتاجه الحالة الفلسطينية هو تطبيق بنودها، لافتا إلى أن المبادرة القطرية جاءت للمساعدة في تطبيق تلك الاتفاقيات.
وجدد دعوة حركة حماس لتطبيق المصالحة على «قاعدة الشراكة الحقيقية»، رافضا أي إملاءات على حركته. وقال في هذا السياق إن الرئيس عباس «يريد أن يجبر الكل الفلسطيني بالموافقة على وجهة نظره».
وأكد أنه في حال وافقت حركة فتح على المبادرة القطرية الجديدة، ووافق الرئيس عباس عليها كما قدمت «سنكون سعداء وستفتح مرحلة جديدة من العلاقات».
ورأى أن طريقة إدارة الرئيس عباس، تجاه العديد من الملفات تعد «طريقة غير ملائمة لقيادة شعب قوي».
ودعا الرئيس للاستعانة بقوى الشعب الفلسطيني، وقال «لا بد أن يتسلح أبو مازن بأوراق قوة تضغط على الموقف الأمريكي، بدلا من أن يقوم بالضغط على الشعب الفلسطيني وقواه، ويحرق أوراقه ويتجه إليهم خاليا من كل أوراق القوة»، وذلك في إشارة منه للقاء المرتقب بين الرئيس عباس والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأشار البردويل إلى أن ذلك يجعل الإدارة الأمريكية تضغط على الرئيس عباس لـ «إجباره على حلول غير مقبولة على الإطلاق».
وانتقد في السياق ذاته القرار الأخير للسلطة الفلسطينية، بخصم 30% من قيمة رواتب موظفيها في قطاع غزة.
ورفض التهديدات الموجهة لحماس قبل وصول وفد اللجنة المركزية لحركة فتح، لبحث تطبيق المصالحة، خاصة تلك التي أطلقها الرئيس عباس أخيرا.
" القدس العربي