أقدمت إسرائيل ، محمية بحذاء نيكي هالي سفيرة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة ، و فوراً بعد إنتهاء القمة العربية على البحر الميت ، و قبيل لقاء الزعماء العرب بسيد البيت الأبيض الناصع البياض ، أقدمت إسرائيل على مصادرة المزيد من الأرض في ذكرى يوم الأرض الذي تحول إلى إحتفالية فلسطينية عربية ، تحكى فيها الحكايات و تفتح سوق عكاظ للشعراء و الأدباء أبوابها و ساحاتها ، و أعلنت الحكومة الإسرائيلية في 30 آذار/مارس لأول مرة منذ أكثرمن عشرين عاماً عن إنشاء مستوطنة جديدة باسم جلعاد زار ، في عمق الضفة الغربية ، و التي قال عنها نتنياهو بشكل علني أنها الموطن الأصلي لليهود ، و إسمها يهودا و السامرة ، في مؤتمره الصحفي الشهير في زيارته لتهنئة ترامب بالفوز، وقبل أن يسافر إلى موسكو ليبحث مع الصديق العزيز للعرب فلاديمير بوتن ، موضوع تنسيق الضربات و العمليات في سورية ، الزيارة التي أعقبها فوراً إغتيال أحد أهم القايادات العسكرية السورية ، و ضرب عدد من الأهداف في عمق سورية ، و تصدي الدفاع الجوي للطائرات الإسرائيلية ، وهذه الزيارة التي قام خلالها بوتن بإهداء نتنياهو كتاباً تاريخيــاً قيماً ، يعتبر أثراً بالغ الأهمية ، قد يفيد الإسرائيليين كوثيقة تاريخية تقدم لمنظمة اليونسكو التي تعزف لحناً فيه نشازاً هذه الأيام ،ولا تلقى ترحيباً إسرائيلياً ولا أمريكياً ، هذا الكتاب بإختصار يتحدث عن وجود اليهود في يهودا و السامرة و عن ممالكهم فيها عبر التاريخ ، وقد تزامن هذا التطور المثير للقلق الشديد مع طرح قرابة 2000 مناقصة في المستوطنات القائمة، كما تزامن مع تحويل 90 هكتاراً من الأراضي الفلسطينية إلى ملكية الدولة الصهيونية.
وما أن أعلنت إسرائيل عن قرارها هذا ، حتى إنهالت بيانات الشجب و الإستنكار من كل حدب وصوب بطبيعة الحال أعرب العرب عن قلقهم الشديد و رفضهم القاطع ، و إنزعجت فرنسا ، و أصدر الإتحاد الأوروبي الذي كانت إنجلترا قد أعلنت للتو عن طلاقها له بالثلاثة ، بغير رجعة ، أصدر بيانا شديد اللهجة ، قوي البنية الإنشائية ، حاد الكلمات ، ضد هذا التصرف الإسرائيلي المعاكس للإرادة الدولية ليس هذا فقط ، بل خذ هذه ، و لا تسألني عن تفسير ! حكومة المملكة المتحدة ، و على لسان بوريس جونسون ، وزير الخارجية البريطاني ، الذي يخطط و بلاده لإحتفالية عالمية بمناسبة وعد بلفور الذي منح الصهاينة وطناً في فلسطين ، و أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق ، أصدر بياناً يشجب فيه هذا التصرف الإسرائيلي ، الذي يصادر أراض يملكها الفلسطينيون ، و يقيم عليها مستوطنات غير شرعية .. يا لها من كوميديا سوداء .. !!
يا لها من جعجعة بلا طحن ، سواءً من بيانات الشجب العربية ، أو رسائل الإستنكار الغربية و الدولية أو نكتة الرفض البريطانية ، التي كان أولى لها أن تعتذر للشعب الفلسطيني عن جريمة زرع و توطين الصهاينة في أرض فلسطين ، و بالمناسبة ، الجعجعة بلا طحن ، قصة حقيقية ، تحولت إلى مثل ، من كثرة ما عانى العرب من ذات القصة ، و الفعل و رد الفعل ، فيحكى أن حادثة حصلت مع قبيلة بني ثعلبة حيث إن مجموعة من البدو الرحّل و شيخهم الذي كان له عدد كبير من الجواري و كانت بينهن المحظية الهندية و تدعى نيكي هايلي الأولى ، ذات السيقان الطويلة ، و النعال ذات الكعوب ، قامت بالهمس في أذن الشيخ عندما جفت المياه في باديتهم وقرروا أن يرحلوا عنها بأن نرحل إلى ديار بني ثعلبة فعندهم بئرين من الماء فننزل عند أحد البئرين ونترك لهم الآخر، فقال لها الشيخ : ولكن بني ثعلبة أولي بأس شديد، فقالت : هذا عندما يكون سيدهم بينهم، أما إذا غاب عنهم فإنهم لا حيلة لهم ولا قوة، قم بما نصحتك به ، و أنا سأحمي ظهرك بحذائي هذا ، وفعلا أغار القوم على بني ثعلبة واحتلوا أحد البئرين وأقاموا عنده خيامهم، وأنزلوا رحالهم وتركوا ماشيتهم، ولم يصنع بنو ثعلبة شيئا حتى جاء سيدهم وقصوا عليه قصتهم، فقال لهم: وماذا صنعتم؟ فقالوا: انتظرناك حتى تعود، قال: ها أنا قد عدت فماذا أنتم فاعلون؟
قال أحدهم: أما أنا فسأنزل إلى السوق لأشتري سيفا، وقال آخر: وأنا سأبيع ما عندي من كذا وكذا وأشتري به سيوفاً و رماحاً ، وقال آخر: وأنا عندي خيولاً و بغالاً سآتي بها.. ومضت أيام دون أن يحدث شيء، فدعاهم سيدهم مرة أخرى وقال لهم: ماذا صنعتم؟ فقالوا مثلما قالوا في المرة الأولى، فقال: ما لي أسمع جعجعة ولا أرى طحنا ؟


