بقلم: أسرة تحرير صحيفة هآرتس
جولات الهجمات الأخيرة في غزة آخذة في التواتر لدرجة أنه يخيل أنه يتعين على “اسرائيل” مرة أخرى أن تستعد لحملة عسكرية.
و”اسرائيل” التي تتبنى فكر وزير الجيش أفيغدور ليبرمان القائل إن “تعليمات الجيش الاسرائيلي هي الأخذ بكل القوة إلى أن يصرخ الطرف الآخر النجدة ويرفع علما أبيض”، فإنها ترد بعدوانية على كل صاروخ وحيد من غزة، تقصف قيادات حماس ولكن أيضا مبان مدنية.
تعترف “اسرائيل” بأن حماس ليست هي التي تطلق الصواريخ العشوائية إلى “أراضيها”، وإن المذنبين هم منظمات سلفية مقربة من داعش أو متفرعة عنه. ورغم ذلك، فإنها تلقي على حماس المسؤولية عن اطلاق النار، وتطلب من المنظمة، التي لا تعترف “اسرائيل” بها وتصفها “كتنظيم ارهابي”، أن تقاتل ضد التنظيمات السلفية، وهذه هي ذات التنظيمات التي أطلقت في بداية شهر شباط الصواريخ على ايلات انطلاقا من أراضي سيناء، ولكن “اسرائيل” لا تعمل في الأراضي المصرية ولا تقصف، علنا على الاقل، بل تترك المهمة للجيش المصري، بل ولا تشجب مصر أو تلقي عليها المسؤولية عن النار بصفتها صاحبة السيادة في المنطقة.
المفارقة التي تجعل “اسرائيل” ترى في حماس صاحبة السيادة ومن هنا برأيها تنبع المسؤولية عما يجري في غزة، ولكنها في نفس الوقت تقاتل ضدها، لا يمكنها أن تنتج الهدوء الذي تسعى إليه.
لا يفترض بسكان غلاف غزة أن يعانوا “تنقيط” الصواريخ، ولكن القصف الوحشي على حماس، بالذات حين توثق المنظمة علاقاتها مع مصر وتتعاون معها في الكفاح ضد منظمات سيناء، لا يدل على حكمة بل على استناد إلى خطوات لم تثبت نفسها في الماضي، فالحبر الذي طبع به تقرير مراقب الدولة عن حرب غزة2014 لم يجف بعد، والنقد الشديد الذي تضمنه على غياب النقاش بالبديل للحملة العسكرية لا يزال يدوي، واذا “بإسرائيل” تتبنى مرة أخرى النهج المغلوط الذي يقول إن “النصر” يكمن بالضربات العسكرية.
لا يمكن لحكومة “اسرائيل” أن تتجاهل التحذيرات التي يطلقها الجيش الاسرائيلي عن الوضع الخطير في غزة، عن الفقر المدقع، عن البطالة القاسية، الاكتظاظ الفظيع والنقص في الخدمات الاساسية. أما الانفجار، على حد قول رئيس شعبة الاستخبارات هيرتسي هليفي، فهو مجرد مسألة وقت.
في هذه الظروف الباعثة على اليأس لا يمكن إلا التساؤل عن قدرة حماس في الحفاظ على هدوء نسبي، وعن عملها ضد منظمات تسعى إلى المس بصلاحياتها عبر اطلاق النار على “اسرائيل”. وفي ظل غياب النية لإدارة المفاوضات مع الفلسطينيين بشكل عام ومع حماس بشكل خاص، على الحكومة أن تدرس على الفور سبلاً أخرى لتهدئة التدهور في غزة، وعلى رأسها التخفيف من ضائقة الحياة في القطاع.