الانتقادات التي جاءت في تقرير مراقب الدولة الإسرائيلي يوسيف شابيرا طالت كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين وفي مقدمتهم رئيس الوزراء نتنياهو، ووزير الحرب السابق يعالون، ورئيس الأركان السابق غانتس، واتهامهم بالتقصير وسوء الأداء وعدم الانسجام بينهم وبين المستويات الأُخرى من صنّاع القرار، خاصة وزير المعارف نفتالي بينيت ووزير الخارجية وقتها ليبرمان، ووصف التقرير أداء المجلس الأمني المصغر(الكابينيت) بالمشكلة الكبيرة وانتقد طريقة اتخاذه القرارات أثناء الحرب، كما انتقد انقسام أعضاء المجلس حول إمكانية تنفيذ عملية برية أثناء العدوان على قطاع غزة عام 2014، وسلط الضوء على افتقار الجيش الإسرائيلي للاستعدادات اللازمة لمواجهة أنفاق غزة وهشاشة المؤسسة الامنية والاستخبارية في جمع المعلومات ووضع الخطط قبل تنفيذ العدوان، والردود التي جاءت على لسان بيني غانتس رئيس الاركان السابق للقناة الثانية للتلفزيون الاسرائيلي واتهامه لوزراء المجلس المصغر بالكذب بما يتعلق بتهديد الأنفاق في قطاع غزة التي وصفها بأنها "ليست تهديدا استراتيجيا" وقال ان الادعاء بعدم نقل المعلومات حول "الأنفاق" "للكابينيت" تهرب من المسؤولية.
وقوله إنه 'ينبغي النظر إلى توقيت سلسلة القرارات التي اتخذناها عشية الحرب وخلالها. وعندما تريد إسرائيل زيادة الضغوط، تشويش إمكانية استخدام الأنفاق وبالإمكان ألا ندخل إلى هناك (أي اجتياح القطاع)، فإن هذه كانت القرارات'.
وجاء تعقيب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على تقرير مراقب الدولة، ورفضه للانتقادات التي جاءت في التقرير، وقال إنه يقف إلى جانب جنود الجيش وضباطه، وإنه يرى أن الحرب على قطاع غزة قد "حققت نجاحاً كبيراً". كما ادعى نتنياهو أنه تم عرض تهديد الأنفاق بالتفصيل أمام الوزراء في المجلس الوزاري المصغر في 13 جلسة منفصلة. وبحسبه فقد تمت مناقشة تهديد الأنفاق بكل خطورته، وكذلك كافة السيناريوهات الإستراتيجية والعملانية.
يذكر في هذا السياق، أن نتنياهو كان قد صرح في أعقاب تقرير فينوغراد بشأن الحرب العدوانية الأخيرة على لبنان في صيف العام 2006، بأنه يجب على رئيس الحكومة تحمل المسؤولية والاستقالة من منصبه. فما هو فاعل الآن؟
لانتقادات مراقب الدولة والتعقيب عليها الدلالات التالية:
أولاً. التقرير أظهر عجز المؤسسات الرسمية السياسية والعسكرية على حد سواء التي أدت الى الإخفاقات وهو يؤكد بان ظاهر حقيقة إسرائيل ليس كباطنها.
ثانياً. أظهر التقرير تغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة عند أطراف الحكومة من خلال التنافس والمكائد والتربص السياسي بين الأعضاء.
ثالثاً. كشف التقرير زيف الادعاءات الاسرائيلية باستعادة الجيش قوة الردع واستفادته من الدروس والعبر.
رابعاً. برهن التقرير ان تصعيد لهجة التهديد بالعدوان يعكس حجم المأزق الذي تعيشه القيادات.
خامساً. أكد التقرير غياب الخطط والبرامج المدروسة، وهو ما يؤدي لاتخاذ قرارات ارتجالية عشوائية.
سادساً. أوضح التقرير أن الإعلام الإسرائيلي أبعد ما يكون عن نقل الحقيقة وأنه إعلام موجه من المؤسسة الأمنية والاستخبارية. ومراجعة لما تم تداوله من قبلهم أثناء العدوان يؤكد ذلك.
سابعاً. اظهر التقرير بأنه إذا كان التعامل فيما بينهم يحمل هذه الدرجة من السوء فكيف سيكون الأمر مع الفلسطينيين، وان كل الاتهامات الإسرائيلية ضدهم باطلة.
ثامناً. تؤكد مداولات أعضاء الحكومة التي أوردها التقرير ان لا قيمة للإنسان الفلسطيني عند أي قائد إسرائيلي وكلهم يتسابقون إلى قتله.
نستخلص مما تقدم ونتيجة للتناقضات الماثلة أمامنا والتي تؤدي بالضرورة إلى عدم اتزان في اتخاذ القرار، ما يفتح الباب على كل الاحتمالات، وهو ما يستدعي المزيد من الحذر والقراءة المعمقة للموقف.
*خبير ومحلل عسكري.


