رحل النائب البريطاني اليهودي المخضرم، جيرالد كوفمان، الذي بدأ حياته السياسية مؤيدا للصهيونية، ثم انقلب ليصبح من أشد المدافعين عن فلسطين وقضيتها العادلة وأكبر منتقدي إسرائيل.
وتوفي كوفمان الذي انتخب نائبا عن حزب العمال عن عمر يناهز الـ86 عاما، ظلّ خلالها نصيرا للقضية الفلسطينية حتى الرمق الأخير، ومن أشرس منقدي إسرائيل وحروبها المتلاحقة وسياساتها التي نفذتها طوال عقود ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الأخرى.
وعرف هذا النائب اليهودي الذي بدأ حياته السياسية مؤيدا للصهيونية، بمواقفه المؤيدة للمعاناة الفلسطينية.
واعتبرت صحيفة "الغارديان" أن وفاة هذا النائب تضع حزب العمّال أمام امتحان جديد، خاصة بعد خسارته مقعدا آمنا، ظل في يد الحزب لمدة 82 عاما. وأشارت إلى أن كوفمان كان يعاني منذ مدة من مرض عضال، وظل يمثل الحزب في المعقد الآمن في منطقة غورتون في مانشستر، حيث حقق غالبية بنسبة 24 ألف صوت.
وكشفت الصحيفة عن أن التفكير في انتخابات فرعية وضع جانبا، حيث بادر أصدقاء النائب وأعداؤه للحديث عن مسيرة كوفمان السياسية، التي بدأت في انتخابه العام 1970، ووصف في العام 1983 بيان للحزب بأنه "أطول بيان انتحار في التاريخ"، وقال زعيم حزب العمال جيرمي كوربين إن كوفمان "كان شخصية مهمة في الحزب"، وأضاف أنه "أحب الحياة والسياسة، وسأفتقده بشكل كبير؛ لصداقته والتزامه السياسي". وعبر وزير المجتمعات المحافظ، ساجد جاويد، عن حزنه لوفاة النائب، وكان واحدا من عدد من المسؤولين البارزين في حزب المحافظين الذين عبروا عن حزنهم.
وينقل التقرير عن وزير الثقافة، مات هانكوك، قوله إن كوفمان، الذي كان رئيسا للجنة المختارة في مجلس العموم، المسؤولة عن الشؤون الثقافية، كان "صوتا متميزا وداعية للفنون في البرلمان"، وقال النائب المحافظ، مارك غارنير، بأنه سيفتقد أناقة كوفمان الباهرة.
ولفتت الصحيفة إلى أن كوفمان كان من أقدم النواب الذين خدموا في البرلمان، واعتبر "أبا للبرلمان"، وتولى عددا من المناصب في الحزب، منها وزير ظل للبيئة العام 1980، وانتقد تحول الحزب في الثمانينيات من القرن الماضي باتجاه اليسار.
وبحسب التقرير، فإن رئيس البرلمان، جون بركو، وصف كوفمان بالقول: "شعرت بالحزن لخبر وفاة سير جيرالد كوفمان، والد مجلس العموم، وممثل بيت منطقة غورتون المتميز"، وأضاف أن كوفمان كان داعية للعدل الاجتماعي، هنا في بريطانيا وحول العالم، مشيرا إلى أن زعيم العمال السابق، إد ميليباند، اعتبر أن كوفمان كان "خادما متميزا للحركة العمالية"، وأنه "سيفتقد بشكل كبير".
وأفادت الصحيفة بأن كوفمان، الذي كان عضوا في حركة العمال اليهود، كان ناقدا لإسرائيل، ودعم حركة مقاطعة التجارة والسلاح، مشيرا إلى نجاح أساليب كهذه مع نظام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، ووصف إسرائيل في العام 2002 بـ"الدولة المنبوذة"، ووصف مسؤولين إسرائيليين بمجرمي الحرب.
واستدركت "الغارديان" بالقول أن كوفمان رغم قسمه بعدم زيارة إسرائيل، إلا أنه تراجع العام 2002؛ من أجل فيلم وثائقي أعدته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، تحت عنوان "نهاية العلاقة"، الذي تحدث فيه عن حبه وهو شاب لإسرائيل، ثم خيبة أمله بها، ووصف اليهود الأرثوذكس بأنهم يملؤون القدس، ما دعا بعض اليهود للتهجم عليه.
ونوهت الصحيفة بأن كوفمان ألقى بيانا في البرلمان في أثناء العملية العسكرية في الضفة العام 2002، قال فيه إن الوقت حان لتذكير أرييل شارون بأن نجمة داوود هي لليهود جميعا، وليست لحكومته المقيتة، لافتة إلى أنه انتقد إسرائيل بعد وفاة الناشط البريطاني توم هارندل في غزة والمصور جيمس ميللر.
وختمت "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن كوفمان ألقى خطابا في البرلمان البريطاني في أثناء حرب غزة العام 2009، وقال فيه إن “الحكومة الإسرائيلية الحالية تقوم بوحشية وبطريقة مثيرة للسخرية باستغلال عقدة الذنب عند غير اليهود بسبب ذبح اليهود في الهولوكوست، وتتخذها مبررا لقتل الفلسطينيين".