يبدو أن “طُبول الحرب” الإعلامية باتت تُقرع في العربية السعودية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فبعد أن امتلأت الشاشات المحلية عن بَكرة أبيها بالمُحلّلين الذين باتوا يتحضّرون فيما يبدو أو يُروّجون لانتقام أمريكي “ترامبي” قادم من خصمهم اللدود الشيطان الإيراني، ها هو أيضاً موقع التدوينات القصيرة “تويتر” كان حاضراً ضمن وسم هاشتاق أطلقه نشطاء تحت اسم شكراً ترامب، كما دعا الإعلامي تركي الدخيل مدير قناة “العربية” عبر تغريدة مُتابعيه للتغريد عبر وسم باللغة الإنجليزية لشكر ترامب على مُواجهته للإرهاب الإيراني.
النشطاء المُغرّدون في الوسوم المذكورة، عبّروا عن سعادتهم بتبنّي ترامب خطة عدائية ضد المشروع الصفوي الإيراني، كما عبّروا عن ارتياحهم للعلاقات “الدافئة” بين السعودية وأمريكا، على عكس ما كان مُتوقّعاً، كما طالبوه بالإعلان رسمياً عن وقف العمل بقانون “جاستا”، والذي يسمح لضحايا أحداث 11 سبتمبر مُقاضاة المملكة، بزعم وقوفها وراء دعم المُنفّذين في حادثة بُرجي التجارة العالمي.
بعض النشطاء العرب عبّروا عن عدم رضاهم عن دعوة شكر ترامب وتعجّبوا منها، ففي حين يُهاجم العالم أجمع “جنون ترامب” ضد قراره منع دخول المسلمين من 7 دول إسلامية، يُهلّل له بعض السعوديون فقط لأنه قام بفرض عقوبات على إيران، ويُفكّر بفرط عقد الاتفاق النووي، يستنكر الناشطون الذين تساءلوا عن أُخوّة الإسلام.
مراقبون، يرون أن “اللطف” السعودي مع دونالد ترامب على عكس الرئيس السابق باراك أوباما كان مُتوقّعاً، طالما أنه يكن العداء الواضح والصريح لإيران، وأي تعديات أخرى بحق العرب والمسلمين، ستبقى على قائمة تبرير النظام السعودي تحديداً، ومن خلفه الأنظمة الخليجية، التي رأت في قرارته (ترامب) الأخيرة، ضماناً لمصلحة الشعب الأمريكي، بالرغم من خروج ذلك الشعب الأمريكي نفسه بمظاهرات، ضد قرارات رئيسه غير المحسوبة، والتي اعتبرها عُنصرية، ولا تتماشى مع الديمقراطية الأمريكية، وأسس التعايش وتقبّل الآخر، ورفض القضاء الأمريكي لتلك القرارات التي يُصر عليها الرئيس الأشقر، يقول مراقبون.
مختصون في الشأن المحلي، يوضحون أن هذه التطورات العدائية ضد إيران، واحتدام خلافها مع الإدارة الأمريكية “الترامبية” إثر التجربة الصاروخية الباليستية، التي قيل أنه كان يُمكن للجمهورية الإيرانية تجنّبها، لتتجنّب بدورها استفزاز إدارة ترامب، هذا تعتبره العربية السعودية فُرصتها الذهبية، وربّما الأخيرة للنيل من إيران، ومنع تواصل تمددها في العراق، وسورية، واليمن، وحتى لبنان.
ويُؤكّد مختصون أن القيادة السعودية قد لا تعي أن في الأمر خداعاً يتجدّد ربّما، لاستنزاف آخر ما تبقّى في جيوبها من ثروات، ويُحذّر مختصون سلطات المملكة من عدم تحوّلها إلى ذلك الحصان، والذي أُغلقت جوانب عينيه، حتى لا يصل إلا للطريق المكتوب، أو المُعد الوصول له بالنهاية، وكأن الأمر يكمن فقط في تحقيق غاية واحدة بغض النظر عن النتائج، ألا وهي التخلّص من إيران، يقول مختصون.
المُراقب لخطابات ترامب، يلحظ هذا الانفصام في تصريحاته، ولا يستطيع أن يتنبأ بما يُمكن أن يأتي به هذا الرجل في الساعات القادمة حتى لا الأيام، فهو إذ يُريد التفرّغ للشأن الأمريكي المحلي ويُعلن شعار أمريكا أولاً، الذي يفهم منه التفرغ للأمور الداخلية فقط، وعدم الدخول في صراعات مع الدول، مما يعني انكفاء الولايات المتحدة على نفسها، يعود ويعلن العداء الصريح لإيران والصين، ويعود بتغريدات عسكرية ضد دول بعينها، لو نفّذ مضمونها، يعني أنه يُعلن بذلك حرباً عالمية ثالثة، وعليه يرى مختصون أن على السعودية، عدم الإفراط في بهجة “العداء الترامبي” لإيران، لأن ذلك قد يعود عليها بالخيبة بحسبهم، فهذا الرئيس غير مضمونٍ أبداً.
العربية السعودية، مملكة “مُتقشّفة” هذه الأيام، ولا بد بحسب مُطّلعين، أخذ هذا جيّداً بعين الاعتبار، وعدم السير وراء الأحلام، فالدولة الأمريكية على اختلاف رأس قمّتها، لا تُقدّم خدماتها مجاناً، ووضع البيض السعودي كله في سلّة الأمريكي ترامب، ربّما يسلقه ويأكله، وهو التاجر المُخادع بمنصب رئيس والجبهة الداخلية ليست مُحصّنة ضد أعاصير البطالة والفقر، والغناء على ليلى إسقاط إيران، كونه واجب من واجبات المملكة السنية، لن يُطعم فقيراً، أو يُسكت مُعارضاً، أو يمنع سقوطاً، حتى لو نجحنا في إغراق السفن المُعادية، يُحذّر مُطّلعون.
راي اليوم