كشفت صحيفة (هآرتس) العبريّة، النقاب غنّ أنّ وزارة الجيش الإسرائيلية تُنفق سنويًا مئات آلاف الشواقل لشراء الخنازير، وذلك بهدف إخضاعها لتجارب طبية وعمليات جراحية على يد هيئة الأطباء والممرضين التابعة لجيش الاحتلال، وذلك لاستخلاص العلاجات الخاصة بحالات الصدمة النفسيّة ما بعد الحرب عند الجنود، والمعروفة طبيّا باسم (Post Traumatic Stress Disorder).
واشارت المصادر الأمنيّة في تل أبيب، إلى أنّه بعد انتهاء التجارب الطبيّة، تُدخل الخنازير في غيبوبة بعد تخديرها، ثم تعدم بطريقة “الموت الرحيم”، وفي وقتٍ لاحقٍ تطبق نتائج التجارب والعلاجات على جنود جيش الاحتلال ممن أصيبوا بصدمات نفسية أثناء الحروب وبعدها.
علاوة على ذلك، تبيّن من كشف الموقع العبريّ أنّه في العام الماضي وحده صادقت وزارة الأمن على شراء 90 خنزيرًا لإخضاعها لتجارب على يد الأطباء العسكريين، وذلك في إطار التجارب التي يُجريها الجيش على حيوانات من أنواع مختلفة، تستخدم فيها الخنازير كثيرًا نظرًا إلى تشابهها من ناحية التغيرات والاستجابة الفسيولوجية مع جسم الإنسان.
وتظهر وثائق وزارة الجيش، أوضح الموقع الإسرائيليّ نقلاً عن المصادر عينها، أنّه في نيسان (أبريل) الماضي تمّت المُصادقة على شراء خنازير بقيمة 230 ألف شيقل (نحو 60 ألف دولار)، فيما أشارت المعطيات إلى أنّ لجنة التجارب على الحيوانات، التابعة للوزارة، صادقت على استخدام 20 خنزيرًا بهدف التجارب الطبية.
لكن، في العام 2012، تمّت إجراء التجارب على 290 خنزيراً، ثم انخفض العدد عام 2013 إلى 72، وفي 2014 إلى 66، ليبقى أكبر من العدد الموصى به.
وتعقيبًا على هذه الأرقام، لفت موقع (هآرتس) إلى أنّ الجيش الإسرائيليّ درج على استخدام الخنازير في التدريب على علاج الصدمات النفسية، فجرى تخديرها ثم قتلها في نهاية المطاف.
ونقل الموقع عن مصدر رفيع في الجيش الإسرائيليّ قوله، إنّ استخدام الخنازير في التجارب أمر معهود على مستوى العالم كونها النموذج الأقرب إلى الإنسان من الناحيتين التشريحية والاستجابة الفسيولوجية. وتابع قائلاً إنّه باستطاعة الخنازير خلال التدريبات والتجارب أنْ تحاكي الإصابات في ميدان الحرب بمستوى عالٍ من الدقة.
في المُقابل، انتقد عضو “الجمعية الإسرائيليّة لمناهضة إجراء التجارب على الحيوانات، تامير لوتسكي، استخدام الجيش للخنازير، وقال في معرض ردّه على سؤال الموقع إنّه من الممكن إجراء تلك التجارب والتدريبات من دون استخدام الحيوانات.
وشدّدّ لوتسكي على أنّ “جمعية الجراحين الأمريكيين” صدّقت على سلسلة من التجارب التي تستخدم بنحو موسع في كليات الطب والجيش الأمريكي، وأضاف قائلاً إنّها تُجرى على الحيوانات، ولكن على الدمى المخصصة للتجارب الواقعية للغاية، فهي تنزف، وبإمكانها الاستجابة ورد الفعل بمختلف الطرق، لديها تدفق دم، ونبض ويمكنها بذلك محاكاة حالات طبية مختلفة.
بالإضافة إلى ذلك، لفت لوتسكي إلى أنّ ما يزيد على 90 بالمائة من التجارب في الولايات المُتحدّة تجرى على تلك الدمى. وأضاف إنّ مثل هذه الوسيلة موجودة في إسرائيل، لكنّ الجيش وكليات الطب في الجامعة العبرية في القدس وجامعة بن غوريون في بئر السبع لا يزالون حتى اللحظة متمسكين باستخدام الخنازير، على حدّ تعبيره.
يذكر أنّ الكشف الأول عن استخدام الجيش الإسرائيليّ الخنازير في التجارب كان عام 2000، حينما أماطت “هآرتس″ اللثام عن استخدام الخنازير في تدريبات للكشف عن رد فعلها وتأثرها من عمليات الانفجار.
ونقلت الصحيفة آنذاك شهادة أحد المشاركين في التجربة التي تمثلت في وضع عبوة ناسفة بالقرب من كرفان محمل بالخنازير، وقال إنّه منذ ذلك الحين، يرى كوابيس في منامه، ويسمع صراخ الحيوانات المحشورة في الشاحنة، وذلك على الرغم من أنّهم كانوا يقفون على بعد مسافةٍ كبيرةٍ، واصفًا شعوره بأنّه كان رهيبًا.
وكانت إذاعة الجيش الإسرائيليّ أعلنت عن ارتفاعٍ حادٍّ في نسبة الإسرائيليين الذين يُعانون من أمراض واضطرابات نفسية، وذلك بسبب موجة التصعيد الأخيرة مع قطاع غزة وإطلاق الصواريخ المكثف من القطاع خلال العدوان على غزّة في صيف العام 2014.
وأضافت الإذاعة أنّ نسبة المتوجهين إلى (مؤسسة متضرري الصدمات النفسية) زاد بنسبة أكثر من 100 بالمائة. يُشار إلى أنّه بعد اعترافه بازدياد عدد الجنود المنتحرين خلال العام 2014، كشف الجيش الإسرائيليّ أنّ المئات من عناصره أصيبوا بـ”كرب الضغط ما بعد الصدمة”، نتيجة مشاركتهم في عدوان “الجرف الصامد” على غزة.
وأوضح مكتب الناطق الرسميّ بلسان الجيش أنّ لجنة من وحدة الطب اكتشفت مئات الحالات المصابة بأزمات نفسية نتيجة الخوف من كثرة القذائف والأنفاق الفلسطينية خلال الحرب الأخيرة على غزة التي استمرّت 51 يومًا، مشيرًا إلى أن الأزمة تشمل الجنود النظاميين والاحتياطيين.